انفردت بإصدار فيديو كليب بالشعر، تكتب بالفرنسية والفصيح، غير أنها ترتاح وتختص في الشعر الشعبي، عضو في المجلس الوطني بالجاحظية، و في النادي الأدبي بمؤسسة فنون وثقافة، وتنشط في جمعية رعاية الشباب ببومرداس، حققت نجاحا بديوان “أوحيدة”، زارت “الشعب” وعرجت على الكثير من النقاط المتعلقة والمرتبطة بالشعر والشاعر في الجزائر، هي ابنة الثنية فايزة مليكشي. كيف ترى فايزة مليكشي واقع الشعر اليوم في الجزائر؟ الشعر في الجزائر تطور من حسن إلى أحسن، فقديما كانت القصيدة متوارثة ويتطرق فيها كاتبها إلى قضية أو جانب واحد، عكس اليوم، حيث تتناول الواحدة عدة مواضيع، يكتبها الشاعر بطريقة ذكية، تخلق نوعا من الانسجام بين مختلف المواضيع في مختلف المجالات، الشيء الذي يجلب القارئ، وهنا أؤكد أن الشعر في تطور مستمر، فقد وصلنا إلى خلق فيديو كليب ليس للغناء بل للشعر. قلت فيديو كليب، نعلم أنك أصدرت مؤخرا واحدا تجوبين من خلاله بالمستمع مختلف جهات الوطن، حدثينا عن هذه التجربة؟ في البداية فكرت، بحكم أنني على اتصال يومي بالمرضى بمستشفى الثنية الذي أعمل به ومتأثرة بأحوالهم، فكرت في إصدار فيديو كليب عن المرضى في المستشفيات، حيث اخترت قصيدتي المعنونة ب”غلبتني الدمعة” من ديواني “أوحيدة”، وتحدثت مع مدير المستشفى زغدودي موسى، فرحب بالفكرة، وما بقي إلا البدء في العمل، حيث اتصلت بالمخرج عمر زعموم.. لكن وللحظة الأخير غيرت رأيي في الموضوع، وبدلت القصيدة الأولى ب”الجزائر احبيبتي”، التي كتبتها في الفترة التي كانت الجزائر تشهد كل يوم سبت وقفة احتجاجية، أردت من خلالها أن أوجه رسالة إلى كل مواطن غيور على وطنه مفادها المحافظة على البلاد وصيانته من كل أعمال التخريب، وعدم الانجرار وراء أعمال يمكن أن تؤدي به إلى الهاوية والانهيار في يوم من الأيام. فرأيت أن هذا الموضوع أوسع، حيث جبت العديد من ولايات وجهات الوطن، وفي مناظر خلابة بكل جهة قلت ابيات شعرية تعكس ثراء تلك المنطقة. فإصدار فيديو كليب أصعب بكثير من إصدار ديوان، حيث يبدأ التعب بالبحث عن مخرج مناسب، فملحن، ثم العمل مع المخرج، هذا الشيء الذي يتطلب وقتا طويلا وجهدا كبيرا، وأيضا من الناحية المادية فهو مكلف جدا، ولا أعلم هل ينجح العمل أم لا. يعني يمكن القول أنك دخلت في مغامرة؟ أؤكد لك أنه عندما يحب إنسان شيء ما، فيسعى على انجازه متى سنحت له الفرصة، وإن كان قادرا وتوفرت لديه الإمكانيات فيخوض فيه دون التوجه إلى الوراء مهما كانت النتيجة، أما المغلوب على أمره فلا يستطيع المضي فيما يسعى وبالتالي تتحطم آماله أمام مرأى عينيه. اعتمدت في عملك الأخير على الكلمات، الموسيقى والصورة، كيف وفقت بين هذه العناصر الثلاث؟ أتحدث في “الجزائر احبيبتي” عن الجزائر من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب، حيث تطرقت في هذا الفيديو كليب إلى العادات والتقاليد التي تميز كامل مناطق القطر الجزائري. فعند التغني بكل جهة من الوطن تكون الكلمات والموسيقى والمنظر المعتمد في الفيديو تتماشى وخصوصيات وثقافة تلك المنطقة، حيث تتبع الموسيقى بكلمات في منظر مميز لها وبلباس تقليدي مأخوذ من تراثها الثقافي المحلي. هل شاركت مليكشي في فعاليات ثقافية خارج الوطن؟ صراحة، على المستوى الوطني شاركت في العديد من الملتقيات، المهرجانات، الأسابيع الثقافية، العكظيات الشعرية، الندوات الوطنية الفكرية، والنشاطات الثقافية على المستوى المحلي والوطني مثل تيسمسيلت، البيض، برج بوعريرج، واد سوف، بشار، قالمة، البليدة وغيرها. أما خارج الوطن فأنا في انتظار وصول دعوات، حيث تلقيت عدة وعود خاصة بعد إصداري الجديد، والمتمثل في الفيديو كليب بالشعر، خاصة وأنه وللمرة الأولى في الجزائر يتم إصدار فيديو كليب بالشعر. وماذا عن الوضع الذي يعيشه الشاعر في الجزائر؟ الشاعر يعيش حالة مزرية، حيث يجد عراقيل متعددة أمامه في كل الاتجاهات، والمؤسف أن الشاعر الجزائري إذا أراد أن يجعل اسمه أو شعره بارزا داخل وطنه، عليه أن يخرج ويبرز خارجه ليفرض نفسه بعدها في بلده. فنحن نجد صعوبات جمة أمامنا، حيث أن الكثير من الشعراء لا تعطى لهم القيمة الحقيقية التي يستحقونها، وبالتالي تذهب آمالهم وأحلامهم في مهب الريح. هل العراقيل التي يجدها هؤلاء الشعراء مادية أم شيء آخر؟ لا يواجه الشاعر صعوبات من الناحية المادية فحسب، فالمشكل ليس في الماديات، هناك من لديه إمكانيات ويطمح إلى الوصول بعيدا، لكن يجد عراقيل من نوع آخر أمامه. فعلى سبيل المثال في الملتقيات، المهرجانات وكبرى الفعاليات الثقافية التي تقام في الجزائر أو خارجها، نجد أن الدعوات تذهب تقريبا إلى نفس الأسماء، في حين تعاني أخرى من تهميش قاتل. وأؤكد في هذا الصدد أن مثل هذه الصعوبات والعراقيل فهي بمثابة محفز لي يدفعني إلى وجوب تخطيها وكسرها هي وليس كسر طموحاتي، والبحث دائما عن خلق والخروج بالجديد، وفرض اسمي في الساحة الثقافية الجزائرية، وبالفعل فأنا كثيرة التنقل بين مختلف ولايات الوطن حتى أعرف بعملي بنفسي وتحمل كل المتاعب، فأنا أحب الشعر حبا جما وأفعل من أجله المستحيل. مختصة في الشعر الملحون، ألم تفكري في الكتابة بالفصحى؟ لا أنا أكتب الشعر الفصيح، وبالفرنسي أيضا، لكن حبي للشعر الملحون جعلني أختص فيه، حيث قمت في العديد من المرات، ولدى زيارتي لعدة مناطق من الوطن، قمت بالبحث في التراث المحلي لتلك المنطقة وأهم الشخصيات والأسماء التي لا يعرفها الكثير من الجزائريين خاصة الشباب، ووردت أسماؤهم في أشعاري، فأنا عاشقة لكل ما هو متعلق بالتراث الشفوي والعادات والتقاليد المعروفة منذ القديم في بلادنا. لكن نلاحظ أن الشعر الملحون بدأ ينقص في أغاني فنانينا الشباب، فبعد مثلا خليفي احمد ودرياسة الشعر الملحون يضمحل تدريجيا، فما رأيك؟ طبعا العديد من الفنانين يطلبون من قصائد في شتى المواضيع، وفي الكثير من الأحيان يطلبون القصائد التي قرأوها في دواوين الشعراء، أو تلك التي سمعوها في أمسيات شعري. فبدايتي كانت بالتعامل مع عدة فنانين وفرق في عدة طبوع، حيث تعاملت مع كل من نبيل لحبيب في الأغنية الشعبية، حيث غنى قصيدتي “سايس يا بن ادم”، فرقة بالي كاس بأغنية”كي نسمع اسمك نفيبري الخضرا”، والتي كتبت كلماتها عن الفريق الوطني لكرة القدم، والفنان فوزي خضراوي في الغناء العصري، حيث صدر له ألبوم تحت عنوان “ماتربيناش على العداوة” يحوي ست أغناني، كلها من كلماتي. يعني أن الشعر الملحون مازال بخير، وهو قائم وموجود إلى اليوم، غير أن الفنانين اليوم يبحثون عن الطقطوقات والقصائد القصيرة ويبتعدون عن القصيد. هل لك أن تكلمينا عن جديدك؟ لدي في رصيدي أكثر من 300 قصيدة في الشعر الشعبي، الفصيح، واباللغة الفرنسية، وأصدرت قرصا مضغوطا في الشعر الشعبي تحت عنوان “أوحيدة” متنوع بين القصيد الشعبي، والطقطوقات الشعبية في شتى المواضيع العاطفية، الوطنية، التاريخية، الدينية، الأفراح، والمناسبات. وأحضر هذه الأيام لإصدار ديون شعر بعنوان “الكواليس”، والذي يحوي جملة من القصائد في الشعر الشعبي دائما والتي تتناول جملة من المواضيع في مختلف المجالات. كلمة أخيرة؟ أشكر طاقم جريدة “الشعب” على مل ما تقدمه من يد عون للمثقفين. وأخيرا أوجه رسالة مفادها إعطاء القيمة الحقيقية للمثقف وخصوصا الشاعر، وفتح الأبواب أمامه، وعدم تركهيتحمل المتاعب وحده، واعيدها الذي لديه امكانيات يصل إلى حيث أراد، اما المغلوب على أمره فهناك ممن يساعد في طمس طموحاته.