تعول الجزائر على قطاع الصناعات المصنعة في خلق اقتصاد بديل للمحروقات، ليحل محل هذا المورد الآيل للزوال على مدى العشريات القليلة القادمة حسب توقعات الخبراء، بحيث قامت الدولة بالتطهير المالي للمؤسسات، وهي عملية كلفت الخزينة العمومية 70 مليار دج، بالإضافة إلى قروض بنكية لتلبية حاجيات التسيير تصل قيمتها إلى 25 مليار دج، كما تم منح قروض من اجل عصرنة وتأهيل التجهيزات وتكوين الموارد البشرية تقدر ب40 مليار دج. هذا الغلاف المالي الضخم الذي رصدته السلطات العمومية يدخل في إطار الإستراتيجية الصناعية التي تعطي الأولوية للقطاع العمومي في الفروع التي تراها قادرة على تغطية حاجيات السوق الوطنية منها النسيج، الجلود والخشب، وقد كانت هذه القطاعات حاضرة بقوة في الصالون الوطني الثاني للصناعات المصنعة المنظم في قصر المعارض «صافكس»، والذي مثل بالنسبة للمؤسسات المشاركة فرصة للتعريف بالمنتوجات الوطنية في المجالات المذكورة، واستعراض المشاكل التي ما تزال تواجهها في ضمان حصص كبيرة في السوق الوطنية أهمها المنافسة غير الشرعية من قبل المنتوجات المقلدة من جهة والمستوردة من جهة أخرى. ونجد ان سياسة الدولة التي تريد بعث القطاع العمومي في مجال الصناعات التحويلية، خصصت 1232 مليار دج لدعم المؤسسات العمومية في الفروع التي تمتلك أوراق رابحة، والتي أثبتت نجاعة في مرحلة الاقتصاد الموجه، وتعول على إعادة فتح المؤسسات المغلقة، وقد تم في هذا الصدد فتح 50 محل تجاري على المستوى الوطني لتوزيع المواد التابعة لحقيبتها المتمثلة في الخشب، النسيج والجلود، حسب ما أعلن عنه رئيس مجلس مساهمات الدولة بمناسبة تنظيم التظاهرة الاقتصادية المذكورة آنفا. وبالمقابل على المؤسسات العمومية المتلقية لدعم الدولة الالتزام بدفتر الشروط، وعقود النجاعة وان تعمل على تحسين مردوديتها، وتحقيق المنتوجية، خاصة مع اقتراب مرحلة التفكيك الجمركي، الذي من نتائجه تدفق المنتوجات المستوردة، ومنافسة شديدة للحصول على مواقع ثابتة في السوق الوطنية، وعلى ضوء هذه المستجدات تجد المؤسسة الجزائرية نفسها مجبرة على إحداث التغيير من الداخل أي على مستواها، وذلك باعتماد استراتييجة وتوظيف كفاءات، والالتزام بدفتر الشروط وعقود النجاعة، لأنها مطالبة برفع التحدي ولعب دور المحرك للاقتصاد الوطني بدل المحروقات التي ما تزال تمثل أهم المداخيل. ويعد المجمع العمومي للخشب «وود مانيفاكتور» المتكون من 22 مؤسسة يغطي نشاطات تحويل الخشب وصناعة الأثاث المنزلي من بين المجمعات الصناعية التي يعول عليها في تغطية الطلب الوطني من «الشاليهات» التي توجه عادة لمنكوبي الكوارث الطبيعية التي ليست الجزائر في منأى عنها. وقد تلقى المجمع دعم من قبل الدولة ويسعى لتغطية طلب محتمل ويقدر ب 4000 شالي جاهز في السنة المقبلة حسب ما أكده رئيس المجمع علي سليماني على هامش الصالون الوطني للصناعات المصنعة، مبرزا بأن الدولة تعتزم تشكيل مخزون استراتيجي من المساكن المجهزة «الشاليهات» لمواجهة الطوارئ وإعادة إسكان المتضررين من الكوارث الطبيعية. وقد أكد بعض المتعاملين في القطاعات المعنية بإعادة البعث والمذكورة سابقا بان المشكل الذي يواجه الصناعات المصنعة يتمثل في ضعف وسائل الإنتاج وتآكل التجهيزات، وهي مسألة أخذتها الدولة بعين الجد من خلال تخصيص أموال لتحريك عجلة الإنتاج وبعث الاستثمارات، فضلا عن مطالبة المؤسسات بإجراء عملية لإعادة التأهيل والتكوين للموارد البشرية، غير ان عدد قليل من المؤسسات فقط استجابت لهذا الطلب الأخير.