يمثل التهرب الضريبي مصدر إزعاج للمنظومة الاقتصادية في وقت تعتبر فيه السيولة الشريان النابض للتنمية مما يضعها في صدارة الأولويات وبالتالي الدفع إلى تقوية النظام الضريبي بصيغة أكثر ليونة وفعالية. ويشير الدكتور عبد الرحمان مبتول منطلقا من تصريح لوزير المالية كريم جودي أمام النواب من أن التهرب الضريبي من جانفي إلى جوان 2011 الحق ضررا يقدر ب110 ملايير دينار ما يعادل 1.53 مليار دولار ومن ثمة يرشح أن تكون الفاتورة خلال السنة الجارية ما يعادل 3.06 مليار دولار. وحسب تقديرات ذات الخبير متحدثا لقناة الجزائر الدولية فانه على أساس هذا المعدل فمن سنة 2008 إلى 2011 يقدر حجم التهرب الضريبي بحوالي 864 مليار دينار ما يعادل 15 مليار دولار وهو حجم يعادل 2 بالمائة من المنتوج الداخلي الخام. وضمن ذات سياق التحليل ذكر انه خلال سنة 2009 كشف الاتحاد العام للتجار الجزائريين بخصوص اتساع رقعة النشاط الموازي يقدر حجمه ب 2.5 مليار دولار تتداول خارج الأطر المالية الرسمية إلى درجة إن هذا النشاط الخارج عن الرقابة يتحكم في 65 بالمائة من فروع النشاطات التجارية الأساسية التي تستنزف 70 بالمائة من مدا خيل العائلات وتحوز حوالي 40 بالمائة من الكتلة النقدية المتداولة التي تقدر حسب بنك الجزائر ب 2439 مليار دينار إلى نهاية 2010 وبالتالي يراقب النشاط الموازي ما يعادل 9.75 ملايير دولار على أساس احتساب معدل صرف الدينار ب72 دولار. وأمام هذا الخلل الذي يعرق لبناء منظومة مالية واقتصادية تحت السيطرة ليس للرقابة التعسفية وإنما لفرض عدالة في دفع الضرائب فان مشكلة التهرب الضريبي يستدعي حسب الدكتور مبتول المبادرة بوضع نظام ضريبي في صميم سياسة وطنية للتنمية ترتكز على فعالية اقتصادية وعدالة اجتماعية عميقة مسجلا أن ما يميز النشاط الموازي هو التعامل أكثر بالدفع نقدا والمبادلات غير الشرعية ما يشجع إنشاء مناخ للرشوة والفساد. وتوصل ذات المحلل إلى أن التهرب الضريبي يجد مناخا في ظل جدلية للعلاقة بين الريع واتساع دائرة النشاط الموازي بينما يرتكز الاقتصاد الحديث والقوي على عاملين جوهريين هما العمل بآلية القرض والعقد في المبادلات. ويشير من جانب متصل آخر إلى أن الجريمة الاقتصادية عرفت زيادة بنسبة رهيبة تقدر ب183 بالمائة حسب تقرير لمصالح الدرك الوطني المختصة ذلك أن 2533 تقرير مصنف سري قد عالجتها مصالح الاستعلامات الملية ومكافحة تبييض الأموال ومن هنا بلا شك ينبغي المبادرة بطرح مشروع لإعادة صياغة النظام الضريبي الوطني بإدخال إصلاحات عميقة من شانها أن تنهي الاختلالات وتقلص من الهوة بين مختلف الشرائح وتكبح جريمة التهرب الضريبي الذي يسمم مناخ النمو.