المتابع لوضعية المفارغ العمومية والمرادم في بلادنا يلاحظ أنه بالرغم من وفرة الامكانيات المادية والبشرية والتقنية، إلا أن العجز لازال يسجل في عملية تسيير النفايات، إذ تحولت الى ينابيع تلقي المياه القذرة وسوائل خطيرة نحو باطن الأرض لتلوث بذلك المياه الجوفية وتنفت سموما وروائح كريهة تعفن الهواء المحيط بها. هذا هو حال مفرغة واد السمار بالعاصمة التي باتت تشكل تهديدا حقيقيا على صحة العاصميين حالها حال واد السمار الذي قد يفيض في حال استمرت عملية رمي نفايات العاصمة على مستوى المفرغة، وهو ما دفع بمؤسسة “نات كوم” الى نقل النفايات الى مفارغ أخرى، فالدراسات التي أجرتها وزارة البيئة وتهيئة الإقليم، كشفت أن مفرغة واد السمار تشكل خطرا حقيقيا على البيئة، لأنه لا توجد آلية لمعالجة الغازات المتجمعة أوطريقة لاستغلالها أو الاستفادة منها، لتنطلق الغازات في الهواء وكذا الخطر المباشر والناجم عن احتمال تلوث المياه الجوفية بالمنطقة وتأثيرها السلبي على المجمعات السكانية المحاذية، حيث السكان يخشون تهديد السوائل المتسربة من المفرغة على الوضع البيئي والصحي بما في ذلك المنتوجات الفلاحية في الأراضي الخصبة المحيطة بنطاق تواجد المفرغة. وفي نفس الصدد، فإن المفرغة باتت تسبب ازعاجا كبيرا لمستعملي الطريق الوطني رقم ( 5 )، حيث يشتكون من الروائج الكريهة غير المحتملة كلما مرت مركباتهم بالمكان. كما أن واد السمار يشكل خطرا على سكان العاصمة نتيجة التنامي المتزايد لنسبة رمي النفايات بالمنطقة، حيث كانت مؤسسة “نات كوم” ويوميا في الفترة السابقة تقوم بجمع ما يعادل2300 طن من النفايات و70 ألف طن شهريا وإلقائها في المفرغة وهو ما تسبب في تزايد الخطر الذي قد يحدق بالسكان والبيئة خاصة في فترة الأعياد وشهر رمضان، إذ تزداد نسبة رمي النفايات بما يعادل 500 ألف طن يوميا وهو ما يمكن وصفه بالكارثة، إذ أصبح مشكل المفرغة مطروحا بقوة لاسيما على مستوى وزارة البيئة المطالبة بإيجاد مفرغة جديدة بالعاصمة تكون بعيدة عن المحيط السكاني، وهو أمر من الصعب أن يتحقق بحكم أن ولاية الجزائر تشهد ضغطا سكانيا رهيبا. وسعيا منها للقضاء على المشكل بادرت مديرية البيئة جاهدة من أجل غلق المفرغة وتحويلها الى حديقة عمومية تمتد على مساحة 32 هكتار، وفعلا فإن العمل على مستواها يجري على قدم وساق وقد بلغت مراحل الأشغال بها مراحل متقدمة على غرار إزالة الغازات الناجمة عن القمامات باستعمال تقنيات حديثة ودقيقة لتصريفها وتطهير المفرغة من عصارة النفايات وأشغال التهيئة والتأهيل متواصلة لغاية اليوم. وبالرغم من أن مشروع تهيئة المفرغة لم ينته لحد الساعة ولم يتم غلق المفرغة بعد إلا أن السكان بالمنطقة قد عبروا لنا عن مدى سعادتهم بخصوص قرار غلق المفرغة وتحويلها الى حديقة عمومية، لأنه سيساهم حسبهم في رفع الغبن عن المنطقة السكانية القريبة من المفرغة، حيث طالما إشتكى السكان من الحرق العشوائي للنفايات بها وما يخلفه ذلك من افرازات ملوثة للبيئة والذي ينجم عنه ارتفاع معدلات الإصابة بأمراض الحساسية والربو.