بحوث ومقالات للرد على مصطفى الأشرف ب «أمّ الجرائد» عرف بأعماله الفكرية الرّصينة وكتاباته الفلسفية المعمّقة، كانت حياته شعلة وضاءة لا تخبو، وجذوة متقدة لا تنطفئ، إذ ملأ الدنيا وشغل الناس ردحا من الزمن..قلم متميّز ساهم في إثراء دور الإعلام الجزائري بتقديمه لعدد من البرامج الثقافية الهامة في الإذاعة، جامع بين عزة النفس بلا غرور وكأنه يقرأ أفكارا جديدة، كانت له ذخيرة ثريّة من تجارب الحياة. إنّه الدكتور عبد الله شريط، المفكّر الرّائد الذي نقف عند مساره ونضالاته من أجل الوطنية والهوية في صفحة «أعلام الجزائر». ولد المفكّر الجزائري عبد الله شريط عام 1921 بمسكيانة بولاية أم البواقي، بدأ تعليمه بمدرسة عمومية بمسكنه سنة 1927، وفي عام 1932 انتقل إلى مدينة تبسة فانضم إلى مدرسة جمعية العلماء المسلمين، وتتلمذ على يد الشيخ العربي التبسي إلى غاية الأربعينيات. نال شهادة علمية من جامع الزيتونة، وكان من أعمدة الثقافة العربية الجزائرية، ومن روّاد الفكر النهضوي، تميّز بفكره ونضاله المستمر، كان بارزا في علم الفلسفة العربية المعاصرة، وفي سنة 1952 التحق بسورية داخل الجامعة فتخرّج فيها حاملا شهادة الليسانس. عرف الدكتور عبد الله شريط بأعماله الفكرية الرّصينة وكتاباته الفلسفية المعمّقة، كما كانت حياته شعلة وضاءة لا تخبو، وجذوة متقدة لا تنطفئ، إذ ملأ الدنيا وشغل الناس ردحا من الزمن. ناضل بالقلم مع بداية الأربعينيات، وذلك بعرض تحرير وطنية كان يرزع تحت ويلات الاستعمار الفرنسي وبعمله الأكاديمي وبحثه في مختلف الميادين المعرفية. فهو إعلامي متميّز، ساهم في إثراء دور الإعلام الجزائرية بتقديمه لعدد من البرامج الثقافية الهامة في الإذاعة الجزائرية. لقد جامع بين عزة النفس بلا غرور وكأنه يقرأ أفكارا جديدة، وكانت له ذخيرة ثرية من تجارب الحياة، وكان يزأر كالأسد بصوته وبكلامه. شخصية متميّزة بتوجيه وطني عبد الله شريط شخصية متميزة بتوجيه وطني، اهتم الأستاذ عبد الله شريط بالجامعة الجزائرية، برهن على أنّ الجزائر بدأت تعود إلى تلك الروح الوطنية التي رسّختها الحركة الوطنية الإصلاحية بقيادة الإمام عبد الحميد بن باديس. وتميّز بالطموح والتّفتح على العصر، وعلى محاولة إقناع الآخر بالحجة والمنطق، وهذا ما دفع به إلى معرفة العلم والمعرفة، سافر إلى تونس إلى جامع الزيتونة الذي كان مقصد الشباب الجزائري، وقد اتّسم وهو في هذا السن بروح التمرد، وكاد أن يعاقب أو يفصل من الدراسة لولا الأستاذ بوربيشة، كما يقول أستاذ بجامع الزيتونة الذي دافع عن روح التمرد التي طبعت هذا الشاب. وكان بوربيشة من أساتذة الزيتونة الذين تميزت ثقافتهم بالتوسع والانفتاح العقلاني، وكانت هذه المرحلة الأولى من ثمرة هذا الشباب النبيه. عاش طالب العلم وناشر معرفته ومهّد له طريق البحث عن الأدب وأطواره، وأسباب رقيه واختلاف أساليبه، وكذلك العوامل الدينية والسياسية والاجتماعية التي أثّرت فيه ولما للبيئة الخاصة التي أثرت فيه، فكان من رواد المعرفة في البحث والدراسة واستخراج العبرة الصادقة، استفاق الشرق والغرب الثقافي. اختار التدريب في الجامعة وتجلى فيها الجوانب المختلفة للشخصية، فيدرسها دراسة استفاضة معتمدا على ما أنتجته الآثار من تلك الجوانب، جاعلا وكده في التحليل والبحث في ترسيم حكمته ونظريته العميقة إلى الحياة. والمتتبّع لحياة أستاذنا الدكتور عبد الله شريط يدرك الحقيقة التي أكدتها سنوات الدراسة في الجامعة التي فضّلها على مهن كثيرة التي يراها، اختار مهنة الأنبياء والرسل والمجلبة لما هو أنفع وأبقى على مر الدهور، وهو بناء الفرد وتربية النفوس، كيف لا وأستاذنا اختار التعامل مع أشرف شيء في الإنسان الذي به فضل الله على الكثير من المخلوقات. ردّا على مصطفى الأشرف كان أستاذنا يرتدي قشابية الوبر وينتقل إلى مقهى قرب الجامعة، وكنا بدورية كحلقات النحل ننهل العلم من الورد وأكمامه، واصل مسيرته مع النهضة التي لم ينقطع عنها، ويرى أستاذنا الكريم راحته من تخرج الطلبة وتشجيعهم، وبهذه العزيمة الفولاذية خطّ لنفسه سبيلا رغم صعوبة الطريقة التي لم تكن مغروسة بالورود، قدّم مجموعة بحوث ومقالات كتب نشرها في جريدة «الشعب» الغرّاء «أمّ الجرائد» ردّا على مصطفى الأشرف فيما يخص سياسة التعريب والتعليم آنذاك، وكذلك الثورة الجزائرية في الصحافة الدولية يتكون من 18 جزءا يغطي الفترة الممتدة بين سنة 1955 إلى غاية 1962. وكذلك مختصر تاريخ الجزائر السياسي، فشخصية الدكتور عبد الله شريط، من الشخصيات التي تعد على الأصابع في هذا الزمان، فهو من عمالقة الفلاسفة الكبار، إذ استطاع بقلمه أن يبقى حاملا رسالة لا تقل أهمية ألا وهي المواصلة والدوام على النهج الذي سار عليه فطاحلة الأدباء والمفكرين الذين سابقوه. وقبل أن أنهي هذه الكلمات القليلة السّريعة التي تناولت جوانب من حياته بصورة مختصرة، وذلك بحكم حضور محاضراته، وهكذا دواليك، وإنما أقول قول الحق فهو حسن الخلق يخدم المجتمع ولا يرد أحدا، ناهيك عن النصائح والتوجيهات التي يقدّمها لطلبة الماجستير فهو اجتماعي الطبع، نشاطه متدفق لا يتوقف، شديد المحافظة على المواعيد، شديد الغيرة على اللغة العربية، كان يقوم بتحليل تاريخي حول تجارب الحلم منذ سنين إلى العصر الراهن. كما كان يتعرّض لمعضلتي بناء الدولة ومعالجة قضية الحكم وبناء الدولة الوطنية في الجزائر، هكذا ترك بصماته على مرحلة طفولته من تاريخ الجزائر، وسيتذكّر الناس شخصيته الهادئة الرّصينة ونقاشه الصريح والجريء مع أصدقائه، وحتى مع الذين لا يتّفقون معه، سيذكرون تواضعه الكبير وتقبله للنقد والرأي الآخر، وشهادة أخيه عبد الحميد مهري الأمين العام السابق لجبهة التحرير، ركّز فيها على الجانب النضالي في شخصية عبد الله شريط، حيث يذكر أنه كان واحدا من المناضلين الكبار، كما أنه كان مناضلا في التنظيمات السرية لحزب الشعب الجزائري، توفي سنة 2010 رحمه الله وأسكن روحه جنة النعيم.