لبست المحكمة العليا أمس حلة جميلة وعاشت أجواء منعشة احتفاء بافتتاح السنة القضائية الجديدة، وهو الحدث الذي ولئن يتكرر كل سنة إلا أن أهميته تزداد مع مر السنين وبقدوم سيادته القاضي الأول في البلاد، رئيس المجلس الأعلى للقضاء، حيث حظي باستقبال حار وكانت الكلمة القيمة التي ألقاها محل اهتمام كبير، ونقاش الكواليس وسط الحاضرين بما في مضمونها. وعرف افتتاح السنة القضائية، تدرجا في التواريخ حيث كان المرسوم الرئاسي الصادر عام 1966 يحدد تاريخ افتتاحها يوم 21 ديسمبر من كل عام، لكنه يتيح إمكانية تقديم أو تأخير هذا الموعد بيوم، إذا ما كان يصادف يوم عطلة. وقد استمر العمل بهذا التاريخ طيلة 18 عاما، أي إلى غاية 1984، تاريخ صدور القانون الأساسي للقضاء الذي ألغى العمل بكل القوانين والأحكام بما في ذلك المرسوم الرئاسي المنظم لافتتاح السنة القضائية، ولم يرتق هذا الحدث قبل «سنة 1999» بحضور رئيس الجمهورية إلا فيما ندر، ففي عام 1990 افتتح السنة القضائية رئيس الجمهورية السيد «الشاذلي بن جديد» في حفل جرى بمقر مجلس قضاء العاصمة الذي كان يتضمن في ذات الوقت المحكمة العليا، عندما كان السيد محمد تقية رئيسا بمجلس النقض. وقد عرفت المحكمة العليا خلال السنوات القليلة الماضية، قفزة نوعية غبر مسبوقة في تاريخ الجزائر المستقلة، مما جعلها تتبوأ عن جدارة واستحقاق كبيرين المرتبة الأولى عربيا وإفريقيا وذلك نظير الجهود الكبيرة التي بذلها القائمون عليها. فمنذ شهر نوفمبر 2006 تاريخ تولي السيد «قدور براجع» منصب الرئيس الأول للمحكمة العليا، انكب هذا الأخير بكل ما أوتي من كفاءة وخبرة وجدية وإخلاص من أجل الارتقاء بهذا المرفق القضائي الأهم على الإطلاق وخدمة القضاء والمتقاضي في نفس الوقت وبشهادة العديد من المراقبين والفاعلين في سلك القضاء خارج الجزائر، تسبق المحكمة العليا نظيراتها حتى على مستوى بعض البلدان العريقة في قطاع العدالة من ضمنها فرنسا، بلجيكا وذلك على مستوى التطبيق والتعجيل بالفصل في القضايا والتي تقلص عددها من أكثر من 450 ألف قضية قبل عامين إلى اقل من 100 ألف قضية، ناهيك عن العصرنة ورقمنة الملفات المطروحة على مستواها. ويكفي أن نعرف في هذا السياق انه بالإمكان الحصول على قرارات الأحكام أو أي ملف يطلب من المحكمة العليا في ظرف أسبوعين مهما كان التاريخ، حتى وإن كان ذلك يعود إلى سنة 1966 وذلك بفضل إدخال العصرنة التي باتت السمة الأساسية في التعامل اليومي على مستوى كافة مصالحها. وكان السيد «قدور براجع» قد انكب بعد مباشرة مهامه على رأس المحكمة العليا على ضبط الأولويات والشروع في تنفيذ برنامج عمله القائم على المحاور التالية: 1 تنظيم كتابة الضبط، 2 التركيز على مردودية القضاء، أي معالجة القضايا والفصل فيها، على اعتبار أن التباطؤ هو في حد ذاته ظلم. 3 تنظيم الاختصاصات، 4 إعادة تنظيم الأرشيف، 5 عصرنة المحكمة العليا، وإعادة هيكلة الإدارة. وتجدر الإشارة إلى أن المحكمة العليا تتكون من 185 قاض من ضمنهم 151 قاضي جلوس، و19 قاضي من النيابة العامة و15 قاضي مكلفين بالمجلة القضائية التي تصدرها المحكمة العليا. أما كتابة الضبط فهي تتكون من 225 مستخدم والأسلاك المشتركة 442 فيما يبلغ مجموع الموظفين بها 682.