زغماتي: محاربة الظاهرة مرهون بوجود إرادة سياسية في سابقة الأولى من نوعها في تاريخ القضاء الجرائري، تمثل اليوم أمام محكمة سيدي أمحمد (مجلس قضاء العاصمة) شخصيات نافذة في الدولة يتقدمهم الوزيران الأولان السابقان أحمد أويحيى وعبد المالك سلال، ووزراء في حكومات سابقة تعاقبوا، على قطاعات حساسة في فترات متعاقبة طيلة فترة حكم الرئيس السابق. تنطلق اليوم الاثنين أقوى محاكمة يشهدها القضاء الجزائري منذ محاكمة القرن، التي حوكم فيها رجل الأعمال المزيف عبد المؤمن خليفة لوحده، دون توريط لوزراء، رغم أن القضاء حقق معهم في ملابسات إيداع الأموال في بنك الخليفة. محاكمة اليوم تجري فصولها بأروقة المحكمة الابتدائية لسيدي أمحمد، أبطالها ليسوا أشخاصا عاديين، فهم ليسوا من أصحاب السوابق الإجرامية، لكنهم كانوا «حاميها حراميها»، تحايلوا على القانون، وعوض أن يكونوا الحارس الأمين، وحماة المال العام، تسببوا في خسارة كبيرة شلت الاقتصاد الوطني ورهنت الخزينة العمومية كما ورد في لائحة الإتهام. أولى القضايا المبرمجة للمحاكمة تخص مصانع تركيب السيارات، التي أسالت الكثير من الحبر، لما تسببت فيه هذه الأخيرة، من تبذير للمال العام، تبييض للأموال والغش في قطع الغيار وكلها تهم موجهة لمجموعة من الصناعيين، يتقدمهم طحكوت، عولمي، عرباوي، بايري. وحسب وزير العدل زغماتي فإن «القضاة المحققين توصلوا إلى نتائج وحقائق صادمة، ستوضع بين أيدي الرأي العام، من خلال جلسات المحاكمة، وهو من سيحكم على جهود العدالة في محاربة الفساد من عدمه» وهي رسالة لكل من يشكك في نزاهة التحقيق وفي عمل المصالح القضائية. وفي سياق حديثه عن ملف الفساد ووعيده بشأن كل من تسبب في إضرار للخزينة العمومية قال الوزير «أنا لم أعين على رأس وزارة العدل، لكي أوزع الكلام عليكم، ومكافحة الفساد ليست مجاملة، ولا يتعلق الأمر أبدا بتقديم مجموعة من اللصوص إلى المحاكم وبعدها إلى السجون… نحارب ظاهرة هدامة وفتاكة، فهي لا تنتهي أوتزول بوجود العباقرة من القضاة وضباط الشرطة القضائية ولن يتمكن هؤلاء من فعل شيء دون إرادة سياسية». للإشارة يقبع المتهمون في قضايا الفساد بسجن الحراش، منذ إحالة ملفاتهم على الجهات القضائية، فيما ينتظر محاكمة بقية الوزراء وولاة الجمهورية تباعا بعد جدولة ملفات محاكماتهم بتهم، هي الأخرى مخالفة للتشريع، من بينها منح امتيازات من دون وجه حق وتلقي رشاوي وتبديد المال العام.