مازالت فاتورة الاستيراد تستنزف حصة كبيرة من إيرادت النفط وتتسبب في تآكل احتياطي الصرف، رغم القناعة التي ترّسخت بضرورة تجاوز السقف العالي من الإنفاق، من خلال ترشيد الواردات، لكن عدم تنويع الاقتصاد الوطني بالقدر الكافي، يجعل من الاستيراد حلا سهلا لتجاوز الطلب الظرفي على المنتجات أو المواد التي تحتاجها السوق الوطنية، وهذا لا يعني أن مفاتيح كبح الاستيراد تقشفية بحتة، بل إنها بالدرجة أولى رهان اقتصادي وحلول إنتاجية مستعجلة، تتجسد بالرفع من القدرات الإنتاجية ووضع قاطرة النمو في سكتها الصحيحة. بإمكان الاستثمار أن يلبي الطلب المحلي على المديين المتوسط والبعيد، والظرف يفرض تحديد خارطة ذات أولوية، تحدد فيها المواد التي يمكن أن تصنع محليا لتقليص نفقات الواردات التي يمكن الاستغناء عنها، فنجد المواد الصيدلانية والتجميلية ومواد تنتج في قطاع البتروكيميا والنسيج، وإلى جانب العديد من المواد الزراعية على غرار القمح والحبوب والمكسرات والفواكه الجافة والتفاح و..و..و، إذ أن الاهتمام وتوجيه المتعاملين الاقتصاديين للاستثمار في مجالات مازالت غير مستغلة ينبغي أن يرصد ضمن الأولويات. تحدي كبح الواردات يمكن تحقيقه انطلاقا من تحلي المستوردين بالنزاهة وتمتعهم بالضمير الحي، وتجاوز تلك السلوكات الملتوية، لأن المحاكم لديها العديد من عمليات الاستيراد المشبوهة، التي تم استيراد فيها أقراص مضغوطة فارغة أو الحجارة أو نوعية رديئة أو فاسدة من المواد الغذائية، لأن هدف المستورد كان بالدرجة الأولى تهريب العملة الصعبة لمصلحته الشخصية أو لمصالح لوبيات ضيقة تساهم في ضرب متانة المنظومة الاقتصادية. ولم تخلو العديد من عمليات الاستيراد من تضخيم للفواتير والغش والعديد من التجاوزات التي تصنف ضمن خانة الفساد ونهب المال العام. الحد من الاستيراد يتكرس كذلك من خلال استهلاك المنتوج الجزائري، والمؤسسة الاقتصادية الجزائرية مسؤولة عن طرح منتوج يضاهي نظيره المستورد، ليكون أحسن بديل، إذا توجد مسؤولية غير مباشرة للمستهلك وأخرى مباشرة للمؤسسة الاقتصادية في طرح منتوجات ذات جودة عالية ولا تقل نوعيتها عن المستوردة، لتكون أحسن بديل إنتاجي واقتصادي، حتى يقتصر الاستيراد على المواد الأساسية الضرورية التي لا يمكن الاستغناء عنها وقد تدخل في التصنيع أو العلاج.