خصصت مجلة الجيش عددها الأخير لشهر يناير, لتكريم المجاهد الراحل الفريق أحمد قايد صالح, ووصفته في افتتاحيتها ب"القائد العسكري الفذ الذي أفنى حياته كلها في خدمة الجزائر". وجاء في افتتاحية المجلة, أن الجزائر "ودعت قبل أيام, قائدا عسكريا فذا, في هبة شعبية سيحفظها التاريخ, مثلما سيحفظ مآثر الرجل وحسن صنيعه لأجل الجزائر", مؤكدة أن "عظمة الرجال تقاس بقيمة الأعمال الجليلة التي يقدمونها لأوطانهم, والشعوب تصف رجالاتها وتخصهم بالمكانة المرموقة التي يستحقونها نظير إخلاصهم للوطن وتفانيهم في خدمته وإعلاء هامته وجعله يتبوأ المرتبة التي تليق به بين الأمم". وذكرت المجلة, بنص كلمة الرثاء التي وجهها رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون, والتي قال فيها أن "الشعب الجزائري العظيم, المتلاحم بعزة وفخر مع الجيش الوطني الشعبي الباسل, شيع بخشوع, في حشود عارمة ومشهودة, فقيد الوطن مسجى بجلائل الأعمال والخصال, وودعه بإكبار مستحق في هذه اللحظات الصعبة الأليمة, المعبرة عن محبة صافية وصادقة تسمو بروح الفقيد الزكية إلى عليين". وأوضحت المجلة في افتتاحيتها, أنه "بفقدانها لابنها البار, المجاهد الفريق أحمد قايد صالح, فقدت بلادنا رجلا من طينة الكبار, رجلا انتصر في كل المعارك التي خاضها وأفنى حياته كلها في خدمة الجزائر, التي حملها في قلبه منذ أن كان شابا يافعا, وآمن إيمانا عميقا حينما حمل السلاح بالأمس أن المشاركة في معركة التحرير والاستعداد للتضحية بالنفس من أجل أن تحيا الجزائر هو أقل ما يمكن أن يقدم للوطن لتخليصه من براثن الاحتلال, مثلما آمن أيضا بأن مواصلة معركة البناء في جزائر الاستقلال تقتضي نكران الذات وبذل جهود مضنية كل في موقعه". واعتبرت المجلة, أن "الحشود الجماهيرية الضخمة التي قدمت من كل مناطق الوطن لمرافقة الفريق المجاهد أحمد قايد صالح إلى مثواه الأخير بمربع الشهداء مقبرة العالية, أجمعت بعفوية على تكريم الرجل عرفانا له على ما قدمه للجزائر طيلة حياته, سيما في الأشهر الأخيرة حينما جنب البلاد الدخول في أنفاق مظلمة, ومكنها بالتالي من تجاوز مرحلة عصيبة مرت بها, من خلال تمسكه بالشرعية الدستورية ومرافقة الشعب وحمايته في مسيراته السلمية, وفسح المجال لجهاز العدالة لمحاربة الفساد ومحاسبة المفسدين, وتوفير كل الظروف التي أتاحت انتخاب رئيس للجمهورية, في استحقاق طبعته الشفافية والنزاهة". وأضافت المجلة أنه "مثلما رافق الجيش الوطني الشعبي بقيادة المجاهد الفريق أحمد قايد صالح الشعب منذ 22 فبراير الفارط, بصدق وبقي وفيا للعهد الذي قطعه على نفسه, أبى الشعب الجزائري إلا أن يرافق بدوره الفقيد خلال تشييع جنازته في أبلغ صور رد الجميل لرجل خدم الوطن والأمة, امتثالا للقسم الذي قطعه أمام الله وأمام الشعب". وأشارت إلى أنه "بالموازاة مع مهامه في مجال الحفاظ على أمن واستقرار البلاد وحماية الحدود الوطنية والوحدة الترابية والشعبية, إضافة إلى الجهود الرامية إلى عصرنة وتطوير الجيش الوطني الشعبي, حرصت القيادة العليا للجيش الوطني الشعبي خلال الأشهر الماضية على مرافقة المسيرات السلمية والحرص على توفير الظروف الملائمة لتنظيم انتخابات رئاسية في وقتها". وشددت مجلة الجيش, على أن "الثقة الكبيرة التي يضعها الشعب في جيشه تضاعف من حجم المسؤولية الثقيلة الملقاة على عاتقه في حماية السيادة الوطنية والدفاع عن الاستقلال الوطني, ومن ثم عدم ادخار أي جهد على نهج تطوير والقدرات الدفاعية لقواتنا المسلحة", مبرزة أن "مرحلة بناء الجزائر الجديدة تقتضي تظافر جهود الجميع ووحدة الصف". وفي هذا الصدد, أكدت المجلة في افتتاحيتها, أن الجيش الوطني الشعبي "يبقى السند القوي لشعبه, الذي يعتبره بصدق وإلى الأبد عمقه الاستراتيجي وزاده البشري الذي لا ينضب أبدا", مضيفة أن "إذا كان الشعب الجزائري قد برهن مرة أخرى أنه سيواصل مساره التاريخي البطولي, بفضل ارتباطه الوثيق بالوطن وتلاحمه مع جيشه الوطني الشعبي, فإن سليل جيش التحرير الوطني وبقيادة اللواء السعيد شنقريحة, رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي بالنيابة, سيبقى بمعية مؤسسات الدولة تحت قيادة السيد رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة وزير الدفاع الوطني, مدافعا عن مبادئ الجمهورية وعن هيبة الدولة واستمراريتها, لبناء جزائر قوية بشعبها وآمنة بجيشها". واختتمت المجلة افتتاحيتها بالقول "إننا في الجيش الوطني الشعبي نؤمن يقينا بأن الأشخاص مهما طال بهم الأمد مصيرهم إلى الزوال, أما الأوطان فهي باقية إلى الأبد, وأن صون حاضر الجزائر ومستقبلها يستلزم الوعي بضرورة تعزيز الجبهة الداخلية لدرء كل المخاطر ومواجهة التحديات الناجمة عن تطورات الوضع على الصعيد الإقليمي, وانعكاساته على حدودنا الشاسعة", مؤكدة أن "الواجب الوطني يقتضي في مثل هذه الظروف رص الصفوف لمواجهة التهديدات مهما كانت طبيعتها ومصدرها, فالجيش الوطني الشعبي على عهد الشهداء سائر يحفظ الوطن ويحمي الأمانة".