تستمر حالات الإصابة المؤكدة وتزايد عدد الوفيات بفيروس كورونا، مسجلة قلقا دائما، مثيرة للسؤال المحير ماذا بعد؟ كيف السبيل لوقف النزيف؟ هي الصورة المعيشة في جزائر يتجند الجميع فيها، مؤسسات، مجتمع مدني وإعلام، لمواجهة وباء العصر، صانعين صورا حية للتضامن والتآزر، متجاوزين الظرف الصعب، متشبعين بقيم المواطنة وروح المسؤولية. يتضح هذا من خلال قوافل التضامن مع العائلات المعوزة ومناطق الظل بمختلف الولايات، بالإضافة إلى حملات التطهير والتعقيم التي تتولاها مصالح مختصة وينخرط فيها شباب وجمعيات طواعية، مدركين أن الوضعية الصحية الطارئة تفرض هذا التجند وترفض البقاء على الهامش تطبيقا لقاعدة «تخطي راسي». الجديد في الهبّة التضامنية، التي ترافقها وسائل الإعلام الوطنية عن قرب، موظفة مواقع افتراضية أيضا لإيصال الرسالة إلى أكبر شريحة من المواطنين وفي أبعد نقطة من الوطن المفدى وتحسيسهم بجدوى التدابير الوقائية، إقدام مخابر البحث العلمي ومراكز التكوين إنتاج تجهيزات طبية، المستشفيات بأمسّ الحاجة إليها، ويراها مستخدمو الصحة حاجة ملحة جراء حالة الندرة المسجلة بسبب كثرة الطلب الذي أحدثته الإصابات المرتفعة بالفيروس التاجي الرهيب. من هنا جاءت إبداعات طلبة جامعيين ومتربصين بمراكز التكوين المهني، تحت تأطير أساتذة، في ابتكار أجهزة تنفس اصطناعية وكمامات طبية وقارورات من مواد معقمة وتطهير وزعت على مؤسسات صحية، مساهمة منهم في الوقاية من الوباء. تعزز هذه الجهود مخابر جهوية دخلت الخدمة في أكثر من ولاية، مقدمة أريحية للمواطنين في الكشف عن حالات الإصابة وتوجيه أصحابها إلى المصالح المختصة للكتفل به والعلاج، دون تركه وشأنه في حيرة ينتظر وصول نتائج تحاليل من مخابر قليلة في السابق، لا تتعدى أصابع اليد. إنها جهود تُحسب للمصالح الصحية التي نجحت في التكيف مع المتغير والطارئ باعتماد خطة تأهب توازي درجة الخطورة والاستحقاق. وفق هذه الخطة القبلية والبعدية، تتحرك المنظومة الصحية بمرافقها وهياكلها، غايتها تأمين المواطنين من انتشار فيروس كورونا وتعريفهم بآليات الوقاية والحماية تستدعي إلتزام الجميع بتدابيرها لتأمين الذات والآخر من شر وباء لا دواء ولا تلقيح له باستثناء هيدروكسي كلوروكين الذي أعطى نتائج مشجعة إلى حد الآن. تحركت المنظومة الصحية بمواردها البشرية والمادية، مجندة طواقم طبية ومستخدمين في الجبهة الأمامية لتقديم الرعاية والعناية لمواطنين وقعوا تحت هيستيريا وقلق، يتساءلون بحيرة متى الفرج والمخرج من كابوس طال أمده ويفرض على الكل الالتزام بالتدابير الاحترازية بأقصى درجات الصبر والتحدي لتجنب كارثة وبائية محتملة.