كشف المرابطون في الصفوف الأولى للمواجهة وباء كوفيد- 19 بمعسكر ، عن انشغالاتهم، لما يعانيه «الجيش الأبيض»، من ممارسات سلّطت عليها «الشعب» الضوء والتي تنتظر على حد قولهم أن تشفع لهم، في تقدير جهودهم و تضحياتهم. معاناة الطواقم الطبية عبّر عنها أفرادها باحتجاج نظمه صبيحة ،أول أمس، إطارات من السلك شبه الطبي التابعين لمستشفى يسعد خالد والمحولين إلى مستشفى مسلم الطيب، في إطار مخطط مكافحة الوباء و تخصيص مستشفى يسعد خالد كمصلحة مرجعية لعلاج فيروس كورونا . وتمحور مطلب المحتجين الرئيسى حول «مضايقات إدارة المؤسسة الاستشفائية العمومية مسلم الطيب ، وتجاوزات عدة» لم يعد السكوت عنها ممكنا على حد تصريحات الممرضين وعمال المستشفى، الذين عبروا عن تذمرهم من تخاذل الإدارة في العناية بموظفيها وتمكينهم من حقوقهم . وعلى حد تصريحات أمين الفرع النقابي لعمال المستشفى علي بن فطة، فإن إدارة المؤسسة الاستشفائية «لم تعجز فقط عن توفير وسائل الحماية والوقاية للعمال الذين تفشت بينهم الإصابة بالوباء، من بينهم ممرضين وعمال النظافة، بل لم تعد تقدِّر حتى تضحياتهم أو تعترف بها، بدليل تماطل الإدارة في صرف مخلفات المناوبات وتوبيخ الممرضين والمستخدمين في حال المطالبة بحقوقهم، من خلال الخصم من رواتبهم وتوجيه إنذارات لهم» . و أشار بن فطة الى أن «تعسف الإدارة لم يثن عمال المستشفى من السلك الطبي والشبه الطبي والأسلاك المهنية الاخرى عن عزيمتهم في مواجهة هذه الأزمة الصحية» التي أصيب خلالها 8 ممرضين وعاملة نظافة وطبيب عام تابعين لمستشفى مسلم الطيب -بفيروس كورونا . وهدد الفرع النقابي لاتحادية مستخدمي الصحة بمسلم الطيب بتصعيد احتجاجهم نتيجة صمت إدارة المؤسسة الاستشفائية إزاء مطالبهم المهنية ، فيما قدم مدير المستشفى -الذي رفض التصريح لنا عن رأيه- شكوى أمام المحكمة الإدارية بمعسكر، يطعن من خلالها في شرعية الاحتجاج الذي سرعان ما التحق به أطباء ورؤساء مصالح طبية ،عبروا عن المعاناة التي يتكبدونها في المستشفى المبني بالجاهز والذي حولت إليه كل المصالح الاستشفائية لمستشفى يسعد خالد ، ما تسبب في ضغط كبير على الطواقم الطبية وشبه الطبية ، و أثر ذلك سلبا على الخدمات المقدمة للمرضى . صيودة يتعهد بمعالجة المشاكل وعلى ما يبدو فإن مشاكل الجيش الأبيض بمستشفى مسلم الطيب هي نفسها المسجلة لدى الأطباء و الممرضين و مستخدمي الخطوط الأمامية للمواجهة، بمستشفى المحمدية و مستشفى يسعد خالد المخصص لعلاج الكورونا ،حيث يعيش الجيش الأبيض يوميات لا تخلو من التعب و المضايقات و الضغط المهني . وتعهد والي معسكر عبد الخالق صيودة بتسويتها والنظر فيها وأن يزور مصلحة الكوفيد 19 ، لتكريم عمالها، والاطلاع على أوضاعهم المهنية . تأخر صب مخلفات المناوبة ويشتكي الأطباء والممرضون بمستشفى يسعد خالد من غياب وسائل الحماية ، رغم ما توفره مصالح القطاع من كميات، حيث ذكر عدد من ممرضين وأطباء في شهادات سجلتها «الشعب»، انه يتعذر عليهم الدخول إلى مصلحة العلاج لتفقد مرضاهم و إعطائهم الأدوية بسبب عدم توفر الألبسة الواقية ، مشيرين أن المطالبة بوسائل الحماية تعد من المحرمات بالنسبة لإدارة المستشفى ، التي صارت تقابل انشغالاتهم بالقول إنه لا توجد إمكانيات . و حول ذلك اوضح مدير مستشفى يسعد خالد احمد لاصار ،أن مصالحه لم تدخر جهدا في تلبية احتياجات الفرق الطبية من وسائل الوقاية،مضيفا أن كافة المستخدمين يحظون بنفس الدرجة من الدعم و التشجيع على جهودهم المبذولة و صبرهم خلال هذه الفترة، كون الوضع يحتاج إلى المزيد من التضحية و التفهم حتى تخرج المؤسسة منتصرة على الوباء. إلغاء وتجميد العقوبات في هذه الفترة في المقابل عبر بعض إطارات مستشفى يسعد خالد عن تذمرهم من نوع أخر من الضغط و المضايقات ، تكون عقوبته الإنذار الكتابي أو الخصم من الراتب ، زيادة على تأخر صرف مخلفات المناوبة الشهرية. وتقول ممرضة تحفظت عن ذكر اسمها ،أنها تلقت إنذارا بسبب خروجها في فترة استراحة - في حملة تحسيسية أطلقها أطباء برفقة الحماية المدنية، وتلقت إنذارا آخر بسبب ظهور صورتها على مواقع التواصل الاجتماعي في حملة تحسيسية أطلقها شباب متطوع ، و تزامن وقت خروجها من المصلحة مع فترة الاستراحة ،و تضيف الممرضة قائلة، «تفاجأت بوجود تقرير يشير أني تركت منصبي شاغرا». و اعتبرت المتحدثة هذا النوع من المضايقات تجاوزا يمس حرية الأفراد ولا علاقة له بقانون العمل ، متسائلة عن الفائدة من قتل مبادرات الشباب و شابات الجيش الأبيض ، وكبح عزيمتهم و حماسهم في مكافحة الوباء من خلال المشاركة في نشاطات جمعوية أو تحسيسية خاصة أن ذلك لا يمس بأداء واجبهم المهني. وفي سياق ذي صلة ، لم تثن التجاوزات بمستشفى يسعد خالد ، الكوادر الطبية و كفاءات المستشفى الذي يعاني نقصا في بعض التخصصات الطبية ، و كانت إدارة المستشفى في عز حاجتها إلى أطباء مختصين في التخدير و الانعاش ، قامت بموجب شكوى لموظف اداري بطرد طبيب مختص في التخدير و الانعاش ، بل و حولت قضية الطبيب محل الموضوع أمام الجهات القضائية للفصل فيها ، بدل التسوية الودية لملاسنات حادة وقعت بين الطرفين بسبب مطالبة الطبيب بإعفاء زوجته الحامل-طبيبة عامة- من العمل بمصلحة الكوفيد ، و تحويلها إلى مصلحة أخرى . تخفيف الضغط عن المستخدمين ضرورة حول هذا الموضوع والضغط الذي عاشه عمال قطاع الصحة طيلة الفترة الماضية و تسبب في تأزم الوضع و لجوئهم إلى الاحتجاج ، قالت الأخصائية النفسانية عومر حليمة ل «الشعب» انه « لا بد في الوقت الحالي الأخذ بعين الاعتبار لانشغالات مستخدمي الصحة خاصة من هم في الصف الاول، يقاومون تفشي الوباء». و أشارت المختصة الى أن مستخدمي القطاع يواجهون صعوبات اجتماعية و مهنية كثيرة ، تؤثر على نفسيتهم و سلوكياتهم اليومية داخل و خارج العمل ،كون أن تخفيف الضغط على الأطباء و الممرضين و الفئات العمالية الهشة شكل من أشكال الدعم النفسي لهم يزيدهم قوة وثباتا على مواصلة المجهودات التي يبذلونها بكل تفانٍ. ودعت الاخصائية المواطنين إلى المساعدة في دعم الجيش الأبيض من خلال الالتزام بقواعد الصحة و الحماية من الفيروس المستجد لتقليل الإصابات و وقف العدوى ، حتى يتمكن مستخدمو الصحة من العودة إلى أهاليهم لاسيما بالنسبة للمتزوجين و أرباب الأسر الذين اختاروا الحجر الصحي في الفنادق تفاديا لنقل العدوى لأسرهم ، وقالت عومر متاثرة مخاطبة المواطنين «على المواطن ان يعي الألم الذي نعيشه ، انا مثلا ، لدي والدتي المريضة بالسرطان و لم أتمكن من رؤيتها بسبب خوفي أن أنقل الفيروس إليها ، امضي وقتي كله في المستشفى و أغادر مساء إلى بيتي ، حياتي الزوجية جيدة و أحظى بالدعم من زوجي ، لكن هناك أشياء لا تعوض افتقدها جدا .. اشتقت إلى والدتي المريضة لم أراها منذ أزيد من شهر». ومن جانبه يقول عزيز وهو احد عناصر الجيش الأبيض بيسعد خالد، «إنها أجمل تجربة خضتها في حياتي المهنية ، رغم الخوف و القلق و الضغط و الشوق إلى أهلي ، أنا أحس بالرضا ، إننا نمضي وقتا ممتعا داخل المصلحة مع المرضى المصابين، نواجه معا العدو المجهول بحب وصبر ، لابد أن نرفع المعنويات لبعضنا البعض حتى يكون نصرنا جماعيا «. ازيد عن 250 إصابة و نسبة شفاء عالية من جهة أخرى سجلت مصالح قطاع الصحة بمعسكر تعافي مجموعة جديدة من المصابين بالفيروس المستجد ،تمثلت الى غاية اول امس، في تعافي 18 مريضا من مناطق مختلفة، إضافة إلى مجموعة أخرى من المصابين الذين أتموا علاجهم ببروتوكول الكلوروكين ،ينتظر أن تعلن ملحقة باستور بوهران عن نتائج تحاليلهم ، ليصبح عدد المتعافين من الفيروس 179 حالة شفاء منذ بداية تفشي الوباء . ويتوقع ان تعلن مصالح الصحة عن خلو المستشفى من المصابين و العودة إلى الحياة الطبيعة، الأمر الذي يرتبط حسب مدير الصحة الدكتور محمد لعامري بوعي المواطنين و احتمالهم للحجر الصحي بدون تذمر أو استياء. و يقول في ذلك متحدث « الشعب»:»لو احترمنا الحجر الصحي و إجراءات الوقاية لكنا اليوم من بين الولايات التي تقرر رفع الحجر الصحي بها بشكل شامل». و أضاف د. لعامري في حديثه أن الجيش الأبيض يجتهد في مهمته الصعبة رغم قلة وسائل الوقاية و الضغط المهني و الاجتماعي الذي خلفته الأزمة الصحية ، لكن الحد من تفشي الوباء مسؤولية تقع بالدرجة الأولى على جميع المواطنين باحترام الحجر الصحي، وضع الكمامة والحرص على شروط النظافة و التباعد الاجتماعي و تفادي التجمعات ،في هذه الفترة حتى يكون أخر أسبوعين من الحجر الصحي.