توج التطبيق الصارم للنظام الوقائي المتبع منذ حوالي 4 أشهر بالإعلان عن جملة من القرارات الحاسمة، سمحت بالتوجه نحو الفتح الذكي المبني على محاصرة بقايا فيروس كورونا بآليات دقيقة لتفادي العدوى المباشرة في الوسط المعيشي اليومي. ولأول وهلة يبدو وأن الإستراتيجية المعلنة منذ تلك الفترة غيرت من اتجاهها وهذا بالخروج من المستشفيات إلى الأماكن العمومية، بعد عمل جبار أنجزه أصحاب المآزر البيضاء في ظروف صعبة للغاية، يعجز المرء على وصفها ومن حجر إلى آخر كان الأمل دائما يرافق الإرادات الخيرة، في غد أفضل رغم الأرقام المرتفعة التي كانت ترعب الكثير وتجعلهم يغوصون في قراءات لا بداية ولا نهاية لها. وبالكشف عن تفاصيل «خارطة الطريق» فإن معركة ستنطلق بدءا من هذا الأحد تليها أخرى بتاريخ 14 جوان شعارها «التدرج والمرونة» تخص استئناف النشاطات الإقتصادية، التجارية والخدماتية وهي أكثر ضراوة مقارنة بالأولى. هذا الفتح الأولي، ليس اعتباطيا أو ناجما عن ضغوط معينة بل أن القرار المتخذ مرجعيته ما يعرف بالسلطة الصحية الساهرة على تقييم شامل لمدى تطور الوباء في الميدان، زيادة على التحوّل الهام المسجل في المؤشرات المعلنة لحالات التعافي والتراجع في الوفيات. لا يدرج هنا أي تفسير خارج عن نطاق ما ترفعه السلطة الصحية من تقارير ذات طابع طبي خالص وفي مقابل ذلك فإن تحليل الأرقام كفيل وحده بأن يتخذ القرار على ضوئه الحامل للمنفعة العامة والمصلحة الجماعية. وليس من باب الصدف أن يحدد موعدان للشروع في تحريك القطاعات المعنية والرهان جل الرهان على المسؤولية التي يضطلع بها المواطن في إنجاح هذا المسعى باحترامه لكل ما تم ضبطه من إلتزامات أي خطأ سيكلفنا غاليا لا قدّر الله لذلك فإن هناك توجيها محكما للمواطنين في تفادي أي أذى قد يلحق بهم جراء التحلي بالتهاون واللامبالاة وحتى الاستهزاء. ونجاح الأسبوع الأول من الاستئناف للنشاطات المحددة يؤدي بنا مباشرة إلى دخول المرحلة الثانية بكل أريحية ولا يتوقف الأمر عند هذا السقف بل هناك قطاعات أخرى ستدخل حيز الخدمة، وهي الأكثر مخالطة بين الناس كسيارات الأجرة، المطاعم .. في حين لم يتم ذكر النقل الجماعي كالحافلات، القطارات، الميترو والتراموي. وعليه، فإن الخطة التمهيدية المعدة حاليا ستكون نتائجها المرجوة المرجعية التي تبنى عليها القرارات القادمة، فيما يتعلق برفع الحجر الصحي لذلك جاء محتواها حاملا لمنهجية مدروسة بعيدة كل البعد عن الإرتجالية أو نزولا عند طلب فلان أو علان من أجل تسويات مالية ليس الأمر هكذا وإنما هناك تفكير مسؤول متوجه إلى حماية صحة الناس واستئصال الوباء تداعياته بديهة على الأصعدة الأخرى الإقتصادية الاجتماعية والثقافية.