أحيت مؤسسة مفدي زكرياء بقصر الثقافة الذكرى، أمس، 43 لوفاة شاعر الثورة مفدي زكرياء، بحضور شخصيات وطنية وإعلامية. بُرمجت ندوة بعنوان «الشاعر.. ذاكرة أمة»، وكانت فرصة لاستذكار خصال الوزير الأسبق الأمين بشيشي. قال الأستاذ سعيد بن زرقة، أثناء تدخله حول حياة الفقيد إنه عبق إرثه الأدبي والنضالي باعتباره رمزا من رموز الوحدة المغاربية، وصاحب تجربة نضالية وأدبية، لم يكن شاعرا في برجه العاجي، بل كان شاعرا يكتب للواقع، له آثار في الأدب، الفلكلور، الرواية والمسرح، وكان إعلاميا له الكثير من الحصص الإذاعية في تونس، وكان منارة للعلم لأنه اختار العلم على التجارة. أكد أستاذ التاريخ محمد لحسن زغيدي، في تدخله أن توثيق صاحب النشيد الوطني، الذي نظمه في سجن بربروس في الزنزانة 69، بتاريخ 25 أفريل 1955، لحّنه الملحن المصري محمد فوزي، وكان بمثابة استرجاع للذاكرة الوطنية. في ذات السياق، قال زغيدي «مفدي زكريا شخصية فذة نادرة وعندما أقول بأنه ذاكرة أمة وتحضرني الآية القرآنية إن «إبراهيم كان أمة» فما أحوج زماننا لمثله، لقد كان شخصا لغيره لا لنفسه، وهو ما لمسناه في مسار هذه الشخصية عبر الدائرة الزمنية التي عاشها». وأضاف المتحدث «وجد الاحتلال في ربوع المغرب العربي، تعلم أبجديات السياسة التي توارثها عن جده الذي كان شيخ قبيلة، وعندما هاجر إلى تونس زاد تشبعه بأدبيات النضال ليلتحق بجيل مؤسسي الحركة الوطنية، وبالرغم من أنه ولد بعدهم بقرن، إلا أنه سجل حضوره قبلهم.. وحتى وهو في السجن كان يعلّم السجناء روح النضال وباختصار وجد نفسه في حرب سيخوضها مغاربيا ووطنيا والتي كان يرى فيها الوسيلة الوحيدة التي ستجبر المستدمر على الرحيل». تناول الدكتور الحاج موسى بن عمر جانبا آخر من أعمال مفدي زكرياء وسلط الضوء على إلياذة الجزائر التي اختصر فيها وجمع فيها عمق الجزائر بتعاقب حضارات عرفتها، قائل: «لم يستثن مكانا ولا علما ولا منطقة من مناطق الجزائر، إلا وتناولها حيث خلّد في الإلياذة معنى الوحدة الوطنية الضاربة بجذورها في العمق وباختصار كانت أعماله تمثل مقاربة عميقة في تتبع المرجعيات النضالية والسياسية». وألقت الأديبة زهور ونيسي، في حق الأستاذ والمجاهد الراحل الأمين بشيشي، الرئيس السابق للمؤسسة، الفنان والمناضل، وهو رفيق مفدي زكريا وصاحبه في الحل والترحال، وقالت: «رحل عنا جسدا ولكن روحه ستبقى في ضمائرنا لتروي للأجيال كنزا ثمينا متمثل في تلك الأعمال الخالدة على جبين الثقافة الجزائرية». وتناول المخرج التلفزيوني سعيد عولمي كلمة حول الفيلم الخاص بمفدي زكريا الذي سيتم العمل عليه لاحقا، وقال: «مفدي شخصية وطنية تستحق وقفات لا وقفة واحدة، وكيف لا وهو رمز النضال والتضحية فكل حرف من أشعاره وكتاباته الصحفية وبرامجه الأثيرية كان ينادي بحب الوطن والدفاع عن وحدته وعن وحدة المغرب العربي. للتذكير، تم على هامش الندوة عرض فيلمين وثائقيين حول مفدي زكرياء، الذي رحل بجسده تاركا لهبا مقدسا، وصدى قصائد ملحمية بقسم عظيم وذاكرة حضارية معطّرة بروح إلياذة الجزائر.