تمثل مراجعة القوائم الانتخابية عملا قانونيا لكل استحقاق لانتخاب أو استفتاء، بحيث تسمح بضبط تعداد الهيئة الناخبة المؤهلة للإدلاء بصوتها للحسم في طبيعة أي انتخابات تجسيدا للديمقراطية الشعبية التي تترجم ممارسة حرية الاختيار كوجه للسيادة الشعبية. منذ اعتماد السلطة الوطنية للانتخابات أصبحت مراحل العملية الانتخابية او الاستفتاء تحت إشرافها ومن ثمة إبعاد الإدارة نهائيا تعزيزا للشفافية، خاصة بالنسبة لملف معالجة بطاقية الهيئة الناخبة التي كانت في الماضي محل جدل وصخب بسبب تدخل الإدارة حينها في العملية الانتخابية وهو أمر ولى. عشية الاستفتاء على تعديل الدستور، المقرر في 1 نوفمبر 2020، الذي يقود إلى ترجمة مطالب الشعب في إعادة ضبط تنظيم السلطات وإرساء توازن الصلاحيات وتوسيع للحريات بما يعطي ثقلا للإرادة الشعبية في ضوء الحراك الذي أبطل انحرافا كاد أن بعصف بالدولة قبل أن يعاد الشروع في بنائها انطلاقا من رئاسيات ديسمبر 2019، تم فتح فترة المراجعة الاستثنائية للقوائم الانتخابية التي تمتد من 20 إلى 27 سبتمبر الجاري.. وتعد هذه المراجعة عملية تقنية أولى بعد استدعاء الهيئة الناخبة بموجب مرسوم رئاسي يحدد أجل 8 أيام لإتمام العملية وفقا لأحكام قانون نظام الانتخابات المعدل والمتمم في 25 أوت 2016 وفي 2019 في مادته 14 التي تنص «أن القوائم الانتخابية دائمة وتتم مراجعتها خلال الثلاثي الأخير من كل سنة، كما يمكن مراجعتها استثنائيا بمقتضى المرسوم المتضمن استدعاء الهيئة الانتخابية الذي يحدد فترة افتتاحها واختتامها». وتتشكل البطاقية الوطنية للهيئة الناخبة من مجموع القوائم الانتخابية للبلديات والمراكز الدبلوماسية أو القنصلية بالخارج. وتتمثل المراجعة التي تتم تحت إشراف السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات على مستوى البلديات في تسجيل المواطنين الذين يبلغ سنهم ال 18 يوم الاستفتاء، أو من غيروا مقر الإقامة أو شطب المتوفين بحيث يسمح التدقيق في السجلات ومراجعتها بتطهير القوائم وضبطها. وللإشارة بلغت الهيئة الانتخابية الوطنية حسب آخر الأرقام 24 مليون و111 ألف و81 ناخبا ويرتقب أن يرتفع التعداد عقب المراجعة بين 500 إلى 600 ألف مسجل جديد وفقا لتقديرات رئيس سلطة الانتخابات بناء على دراسة المؤشرات الإحصائية وأبرزها زيادة النمو الديمغرافي. وتجري عملية المراجعة على مستوى البلديات حيث تتولى ذلك لجنة مختصة تحت إشراف السلطة المستقلة. وهي عملية بسيطة تتطلب من المعني تقديم بطاقة الهوية وبطاقة الإقامة ونفس الإجراءات لأفراد الجالية الوطنية بالخارج على مستوى الممثليات الدبلوماسية أو القنصلية. وللعلم فإن القانون يوفر الحماية للبيانات الشخصية المتضمنة في القوائم الانتخابية بنفس الدرجة التي يستوجبها التطهير في كنف الهدوء بعيدا عن التشكيك والإثارة خاصة وأن الإدارة أبعدت تماما عن الملف في ظل تكريس صلاحيات السلطة الوطنية. وتشكل سجلات القوائم الانتخابية المصدر المادي للتعبير عن أصوات الإرادة الشعبية تجاه مواعيد انتخابية أو استفتاء بشأن قضايا وطنية مصيرية مثل تعديل الدستور الذي يحمل بوادر إرساء معالم جزائر جديدة تولد من رحم ديناميكية شعبية تصبو إلى الارتقاء بالممارسة الديمقراطية في ظل سيادة القانون وإنهاء التسلط البيروقراطي الذي عطل مسار الجزائر المستقلة وكاد أن يرهن مستقبل الأجيال. وتبقى القوائم الانتخابية في صلب هذا المعترك لكونها المنبع الذي يترجم الإرادة الشعبية بحيث يجري الاتجاه إلى توسيع نطاق الرقمنة لبلوغ أرقى درجات الشفافية في ضبط البطاقية وتحيينها آليا وحماية الأصوات المعبر عنها لصياغة الإرادة الشعبية بميزان الأغلبية وهو ما تحرص عليه السلطة الوطنية المستقلة لبناء منظومة انتخابية متكاملة وشاملة يكون فيه المواطن صاحب القرار باعتباره في الأساس صاحب السلطة..