أعلن رئيس الحكومة اللبنانية المكلف مصطفى أديب، أمس، اعتذاره عن متابعة مهمّة تشكيل الحكومة الجديدة،»بسبب الصعوبات التي تواجه مسار توزيع الحقائب الوزارية». قال مصطفى أديب إنه وضع رئيس الجمهورية ميشال عون، في أجواء المشاورات التي أجراها في سبيل تشكيل الحكومة الجديدة. وتثير هذه الخطوة تساؤلات عن مستقبل المشهد السياسي في البلاد في ظل وضع اقتصادي صعب. قرار رئيس الحكومة اللبنانية جاء في إعلان للرئاسة اللبنانية عقب لقاء أديب مع الرئيس اللبناني العماد ميشال عون في تصريح صحفي مقتضب أدلى به مصطفى أديب عقب اللقاء الذي عقد بقصر بعبدا الجمهوري، حيث جرى البحث في آخر المستجدات المتعلقة بتشكيل الحكومة الجديدة والمشاورات التي يجريها في هذا الخصوص. وكان مصطفى أديب قد حضر إلى قصر بعبدا في لقاء هو الخامس له مع رئيس الجمهورية منذ أن جرى تكليفه بتشكيل الحكومة الجديدة في 31 أوت الماضي، حاملا للمرة الأولى ملفا بين يديه، الأمر الذي أثار تكهنات واسعة أن الأوراق بالملف تتضمن تشكيل الحكومة الجديدة وأنه جاء بها ليعرضها على رئيس الجمهورية. وتواجه عملية تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة عقبة كبيرة تتمثل في إصرار «حركة أمل وحزب الله» على الاحتفاظ بوزارة المالية في الحكومة التي كلف مصطفى أديب بترؤسها وتشكيلها، وذلك عبر تسمية الثنائي الشيعي للوزير الذي سيشغل الحقيبة، إلى جانب المشاركة في تسمية ممثليهما في الحكومة من خلال تقديم لائحة أسماء ل «أديب» ليختار منها وزراء الطائفة الشيعية. في حين يصر فرقاء لبنانيون على ضرورة المداورة في تسلم الحقائب الوزارية رافضين أن تكون أي حقيبة حكرا على طائفة معينة أو على مكون سياسي وسط تمسك رئيس الحكومة المكلف بتشكيل حكومة من اختصاصيين. في المقابل، يتمسك رئيس الوزراء المكلف بمبدأ «المداورة» في الحقائب السيادية والأساسية والخدمية بين مختلف الطوائف إلى جانب تشكيل حكومة مصغرة من الاختصاصيين (الخبراء) المستقلين عن القوى والتيارات والأحزاب السياسية.وكان القادة والزعماء السياسيون اللبنانيون قد تعهدوا أمام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي زار بيروت أول شهر سبتمبر الحالي، أن تتشكل الحكومة الجديدة للبلاد برئاسة «أديب» في غضون فترة وجيزة لا تتجاوز 15 يوما، وأن تتألف هذه الحكومة من وزراء يتسمون بالكفاءة، وأن تحظى بدعم كافة القوى السياسية اللبنانية، إلى جانب موافقتهم على «خريطة الطريق» الفرنسية المقترحة لإنقاذ لبنان والتي تتضمن المداورة في كافة الوزارات وعدم استئثار أي طائفة بأي حقيبة وزارية. وكان الرئيس اللبناني قد كلف مصطفى أديب في 31 من أغسطس الماضي بتشكيل حكومة جديدة، وذلك بعد أن قدم الدكتور حسان دياب رئيس الوزراء السابق استقالة حكومته في العاشر من نفس الشهر بعد الانفجار الذي وقع في مرفأ بيروت وخلف 190 قتيل، وأكثر من 6500 جريح. وفي أول تعليق له على القرار قال رئيس الوزراء اللبناني السابق، سعد الحريري، إن الأوساط السياسية تقدم لأصدقاء لبنان في العالم نموذجاً صارخاً عن الفشل في إدارة الشأن العام ومقاربة المصلحة الوطنية، وأوضح الحريري، في بيان له، أن اللبنانيين يضعون اعتذار أديب عن تشكيل الحكومة في خانة المعرقلين الذي لم تعد هناك حاجة لتسميتهم، متابعاً أنهم قد كشفوا عن أنفسهم في الداخل والخارج ولكل من هب من الأشقاء والأصدقاء لنجدة لبنان بعد الكارثة التي حلت ببيروت. من جهته، قال رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، زعيم حركة أمل الشيعية، إن حركته متمسكة بالمبادرة الفرنسية بعد اعتذار رئيس الوزراء اللبناني المكلف عن تشكيل الحكومة. وأضاف في بيان «نحن على موقفنا بالتمسك بالمبادرة الفرنسية وفقا لمضمونها».