حملة انتخابية أخرى على الأبواب تحسبا للموعد الحاسم: التصويت على مشروع تعديل الدستور الذي يمهد الأرضية لتغييرات جذرية في الممارسة الديمقراطية وإصلاحات موسعة لمنظومة الحكم وتسيير دواليب السلطة وشؤون الرعية.الحملة التي يتولاها طاقم حكومي، أحزاب، جمعيات وشخصيات وظنية وفق ضوابط ومعايير، تحسس المواطن بجدوى الانخراط في صيرورة التحول والتعبير الحر عن خياره وحقه في أن يكون صاحب كلمة مسؤولة وموقف له وزنه في المعادلة السياسية. الحملة التي تنطلق بدءا من السابع أكتوبر الداخل، تجربة ثانية تخوضها السلطة الوطنية بعد رئاسيات 2019، تكرس ثقافة انتخابات لدى مواطن وورقة مهمة في مسار استكمال إقامة الدولة الوطنية التي تتخذ من مرجعيتها وأصالتها قوة لتعزيز الصرح المؤسساتي، توازن السلطات، الرقابة التشريعية والممارسة الديمقراطية التي تعترف بدور المعارضة وتأخذ برأبها في الاعتبار. هذه المسائل الجوهرية التي طغت على النقاش الموسع حول التعديل وتناولها أهل الاختصاص بالتحليل المعمق والرؤى الاستشرافية تعود من جديد إلى الواجهة عبر الحملة الانتخابية التي تجيب على الأسباب والدوافع للمشروع التوافقي، وما تضمنه من تعديلات مدخل ورشات الإصلاحات التي تستهدف قطاعات عدة وتؤسس لحقبة تبنى على أخلقة العمل السياسي، محاربة الفساد وتهيئة المناخ لبروز جيل من الشباب الكفء في تبوأ المناصب العليا واتخاذ القرار اعتمادا على مواصفات النزاهة، الكفاءة والوطنية. هذه المسائل كانت أيضا محل اهتمام الإعلام الوطني الذي ساهم في إثراء النقاش بإعطاء الكلمة لفقهاء القانون والسياسة للحديث عن مقاربة تعديل الدستور بمهنية تقتضيها مطلب التغيير ويشترطها الراهن السياسي، وتحتمها المهنية خاصة في ظل تمادي أصوات تعارض كلية المشروخ وتعتمد مبدأ تجاهل تعديلات نصوص وبروز أخرى لم تكن موجودة في الدساتير السابقة. إنها نصوص تؤسس لنظام حكم، عهداته الرئاسية محددة تسمح بالتداول على السلطة وتؤمن البلاد من السقوط في أزمات دستورية واهتزازات ترهن الاستقرار السياسي. وتضاف إلى هذه النصوص بنود جديدة، منها دسترة الحراك، محكمة دستورية إبعاد وزير العدل من عضوية المجلس الأعلى للقضاء، إسناد رئاسة الحكومة للأغلبية البرلمانية التجربة الديمقراطية إحدى رهانات الجزائر الجديدة وتحدياتها.