أعاد الارتفاع النسبي في عدد الإصابات الجديدة بكوفيد-19 إلى الأذهان، مخاوف الغلق التي عانى منها المواطنون على مدار شهور كاملة، تغيرت خلالها تفاصيل حياتهم وانقلبت رأسا على عقب، ما جعل الفتح التدريجي لمختلف النشاطات خطوة مهمة للتعايش مع المرض. لكن ما معنى العودة إلى التشدد والصرامة في تطبيق الإجراءات الوقائية التي تحولت إلى مجرد سلوك يتفادى به المواطن الغرامة المالية أو عقوبة الحبس في بعض الحالات، مع وجود تراخ من طرف المؤسسات والمحلات والفضاءات الكبرى في إلزام المواطن أو العامل بارتداء القناع الواقي واحترام البروتوكول الصحي الخاص بهذه الجائحة. فلا يكفي تعليق الملصقات في كل مكان حتى نتحكم في انتشار العدوى، لأن الأجدر توفير القناع الواقي والسائل المعقم في المؤسسات على الأقل، ووسائل النقل والمحلات والمراكز التجارية، حيث تخلى المشرفون عليها عن تطبيق الإجراءات الوقائية. في النقل لا يلتزم السائق بإجبار المسافرين على ارتداء القناع الواقي، والمؤسسات في معظمها لا توفر وسائل الوقاية لمستخدميها في تهاون ملحوظ وغير مبرر تجاه التراخي في التدابير الاحترازية. ولعل أهم ما يسجل في الفترة السابقة، التراخي والتخلي عن سياسة الردع في تطبيق القانون بمعاقبة كل من لم يحترم إجراءات الوقاية، فمن غير المعقول أن تمر الحافلة ممتلئة عن آخرها أمام الحاجز الأمني دون أن يوقفها الشرطي، رغم أن أغلب المسافرين لا يرتدون القناع الواقي، ولا يحترمون التباعد الاجتماعي الذي يتناساه الجميع. المتجول في المحطات والمساحات الكبرى والمحلات والمراكز التجارية كلها وضعت على أرضياتها أسهما تحدد اتجاه الزبائن للحفاظ على التباعد الاجتماعي أو مسافة الأمن الصحي، لكنها للأسف بقيت مجرد إشارات مرسومة على الأرضيات ولم ترتق بعد لتكون منبها شَرطِيا لكل شخص متواجد في ذاك المكان، لتذكر أن الوباء مازال يهدد العالم، وان أي بؤرة انتشار العدوى كان التراخي والتهاون في الالتزام بالإجراءات الوقائية والتدابير الاحترازية أول خطوة لتكون كذلك. لذلك،على الجميع أن يعوا أن الكل معني بالتطبيق الصارم للإجراءات الوقائية، ولا يمكن أن نعتمد «تحميل» المواطن مسؤولية التهاون والتراخي دائما، لأن سياسة الهرم المقلوب لن تكون الأحسن لإدارة وباء أثبت أنه متمرد وفوضوي، ذكي لدرجة أنه يتحوّر في كل مرة يُغير فيها مكان انتشاره.