تقارير بالجملة لمصالح المراقبة والوضع يراوح مكانه قبل أن نبدأ جولتنا في أسواق ومحلات ومقاهي الجلفة كان علينا البحث عن القانون الذي ينظمها ويحمي المستهلك وصحته فوجدناه لم يترك كبيرة ولا صغيرة ولا مجالا للتلاعب بصحة المواطن والقفز على جيبه والتحايل عليه، لكن واقع الحال كشف عن الكثير من التجاوزات والصور «المقرفة» لأسواق ومحلات ومقاهي بعيدة عن المعايير القانونية والصحية دون مراقب ولا رادع؟... ليدفع الثمن في الأخير المواطن الذي لم يجد سوى «الخضوع» للواقع، بسبب الممارسات والعرف السائد في مجتمع غابت فيه المنابر التي تُسمع صوت الاحتقان والذل، وفي صمت هيئات وغياب قرارات «صارمة» تحد من التلاعب بصحة المواطن عندما يكون في المعادلة «الطرف الضعيف والمغبون»؟ من سوق الخضر ومحلات بيع المواد الغذائية بوسط المدينة وصولا إلى المقاهي والمطاعم، عشرات المخالفات لقانون 91 / 53 المنظم للشروط الصحية للمواد الاستهلاكية المعروضة للبيع والمحدد لمقاييس عرض السلع في المحلات والمطاعم وعشرات المراسيم والقرارات الأخرى، لكن «دون رقيب» رغم أن بعض المختصين في مجال المراقبة يقرون بوجود تقارير ضد هذه المخالفات لم تعرف طريقها إلى التطبيق لأسباب مبنية للمجهول، وأخرى تحفظت ذات الجهات على ذكرها لتبقى النتيجة أن القانون يبحث عن نفسه وصحة المواطن في المزاد بالمقابل هيئات رسمية مخولة بحماية صحة المواطن وتطبيق القانون تمارس سياسة الأمر الواقع وتحمل ثقافة المجتمع مسؤولية كوارث صحية واقتصادية ؟ التيفوئيد يعود هذا الأسبوع ؟ انتشرت بمدينة الجلفة في المدة الأخيرة محلات الأكل السريع ورفعت شعارات كثيرة و«رنانة» لجلب المواطن باللعب على وتر الأسعار فمن «كول وعاود» إلى «بنينة ورخيسة».. هذه المطاعم للأسف الشديد رغم شعاراتها الرنانة يبقى محلها من الإعراب في قانون الصحة يشوبه الكثير من التجاوزات في نوعية الأواني المقدمة ووضعية قاعة الطبخ التي لا تصلح في بعض الأحيان الا لتكون «مزبلة» حيث رائحة الأوساخ المكدسة تفوه على أمتار من المحل، ناهيك على طريقة تقديمها للزبون، وحسب بعض الزبائن القاصدين لمثل هذه المحلات فإنهم تفاجئوا أحيانا برداءة المأكولات لكن «مرغم أخاك» فسعرها في متناول الكثيرين والحاجة أرغمت هؤلاء على التردد عليها رغم وضعية المحلات الكارثية وعمالها الأكثر كارثية، فمن العادي أن ترى أيادي ملطخة ببقايا الصحون تضع التوابل على المأكولات في نفس اللحظة، في منظر تقشعر له النفس وبعيدا عن عيون الرقابة الغائبة. ولأن الأمر يتعلق بأمراض منبعها غياب النظافة فإن الكثير من الزبائن لا يزال في حيرة من غياب الرقابة في مثل هذه المطاعم، حيث تؤكد الصورة الطريقة التي تخرن فيها المياه والطريقة التي تقدم بها للزبون على حافة المطاعم ومقابل أشعة الشمس وبإناء بلاستيكي لا يصلح للغسيل تكسوه طبقة سوداء تحمل كل أنواع الجراثيم المعروفة وغير المعروفة ؟...، ونفس الصورة تكررت في جولتنا في أكثر من مطعم وعلى المباشر دون عناء البحث، في محلات وسط المدينة ووسط سوق الخضر؟...، وليس بعيدا عن محيط المطاعم يلجأ هؤلاء لتقشير كل أنواع الخضر بجانب المحلات لتبقى معروضة على أشعة الشمس لمدة طويلة تكسوها طبقات الأوساخ قبل البدء في إعدادها في قاعة الطبخ التي غابت صورتها لكن وضعية المحل وصورة معد الطعام تكفي لتعكس عن الصورة الداخلية ونظافتها. تعدد الصور والمشاهد في جولتنا عكس لنا أن الأمر صار عرفا وبداهة في حال بعض المطاعم، وصرنا نتوقع الأكثر ونحاول الهروب نحو المطاعم الأخرى من أجل البحث عن صورة جميلة غائبة في فسيفساء طويلة وشارع طويل تميزه سلسلة المطاعم، لكن ورغم جمالية بعضها فإن القانون كان مخترقا حيث تعرض المأكولات بجانب بعض المطاعم مقابل أشعة الشمس مما يوفر فضاء للتسمم الذي «تنتجه» المأكولات، خاصة في محلات الأكل السريع والجاهزة،.. وطيلة جولتنا احتلت علامات التعجب الفضاء الأوسع في خيالنا مع تساؤل عن دور فرق مراقبة النوعية ومجال عملها وتفسير غيابها وعن حكم القانون ؟ وهل صار هؤلاء رجال اغاثة عندما تقع الكارثة ويحصى الضحايا أم أعوان وقاية من كارثة يبدو أنها قادمة في صيف يعد بالكثير. بلغة الأرقام الرسمية فإن الاسواق المغطاة وغير المغطاة والبالغة 10 اسواق اغلبها في حاجة الى تهيئة بسبب افتقداها للتجهيزات الضرورية والمستلزمات التي تضمن حسن سيرها في وقت يبقى سوق الجملة في طور اعادة الاعتبار، وحسب ذات الارقام بلغت عدد التدخلات المتعلقة بالجودة والصحة ما يقارب 782 تدخل وتم تحرير ما يقارب 224 محضر وغلق 58 محلا، لكن حسب المستهلكين يبقى تدخل هذه الفرق متأخرا واغلب القرارات لا تعرف التطبيق. اللحم فوق قنوات صرف المياه ؟ ليس بعيدا عن المطاعم ووضعيتها تصنع محلات الجزارين مشاهدا أخرى لا تقل فضاعة، ومن العادي أن تنتشر اللحوم وتعرض فوق قنوات صرف المياه مباشرة أمام الجميع، والأكثر فضاعة وضعية اللحوم المعروضة تكسوها طبقات الذباب حولت لون اللحم من الاحمر الى الاسود دون الحديث عن معدات التخزين وطريقة غسله وحالة الباعة، وما يختم المشهد الفضيع الطاولات الموضوع فوقها كل انواع اللحوم وكل أنواع الجراثيم والاوساخ والتي لا تحتاج الى عبارات لوصفها بقدر ما تحتاج لصورة على المباشر تتحدث عن نفسها، لنترك فرصة التعليق للقارئ والمسؤولين الذين يتحملون انتشار الظاهرة بسبب تقاعسهم في تطبيق القانون خاصة القانون الذي يخدم صحة المواطن والمجتمع لأن ما يذبح منه المواطن تم تطبيقه باجتهادات وبتحدي. في نفس المحلات تنتسر روائح كريهة امتدادا لروائح تُطلقها قنوات صرف المياه المحاذية لأطرافها، رغم تحذيرات المختصين من الخطر القادم من وجودها بهذه الوضعية على صحة المارة والباعة والمستهلكين للسلع المعروضة فوقها مباشرة، لكن لا حياة لمن تنادي، فأهل الرقابة لا يسمعون وأهل الحل الربط لا يأبهون والمواطن سيدفع الضريبة لأن حياته في ذيل الأولويات والاهتمامات والقانون في الاحتياط ينتظر دوره للحد من هذه الظواهر ويحمل المسؤولية للرقابة وللتطبيق الصارم ولممثلي الدولة. طيلة الجولة لم نكن بحاجة للبحث عما ينص القانون لأن مشاهد العين المجردة تعكس غياب النظافة ووضعيات المحلات والمطاعم كانت تتحدث عن نفسها، والغوض في تفاصيل المراسيم والقرارات المتعلقة بقمع الغش ومراقبة النوعية كان سيكشف لنا عن كوارث أخرى فيما يخص مدة صلاحية السلع ومعايير العرض والتبريد الصارمة، ففي محلات بيع المواد الغذائية تعرض موادا استهلاكية سريعة التلف على الأرصفة المحاذية ودون أدنى اعتبار تجد المشروبات الغازية معروضة رغم المنع الواضح في القانون، حيث يظل احتلال الأماكن المجانبة للمحل أولوية عند هؤلاء سواء تعلق الأمر بعرض مشروبات أو حلويات أو أي نوع من السلع في فصل الصيف وامام أشعة الشمس والأمر أخيرا في خانة العادي ؟ من جانب آخر بدت المحلات لا تأبه لتعليق الأسعار على حسب ما ينص القانون سواء في بعض المطاعم أو محلات البيع بالجملة او باعة اللحوم أو حتى في المحلات الاخرى المتخصصة في بيع مواد النظافة أو الأجهزة الالكترونية. مقاهي بلا مراحيض.. ينص القرار الولائي 1103 الصادر سنة 2005 على إجبارية وجود المراحيض في المقاهي وفقا لمقاييس النظافة المعمول بها، لكن هذا القرار لا يزال حبيس المكاتب، لأن وضعية بعض المقاهي تعكس الوجه الآخر من الصور «المقرفة» التي تميز المدينة، بداية من النظافة العامة وصولا الى نظافة المعدات والأواني التي تقدم فيها المشروبات، اما وجود المراحيض على حسب القرار لتفادي الصور المخزية والحفاظ على نظافة المدينة وتقديم خدمات الزبون فهو مجرد حبر على ورق؟، رغم صرامة تطبيقه في بعض الولايات التي أصدرت ذات القرار، وعمل أعوان الرقابة على مراقبته لدرجة صدور قرارات بالغلق في بعض الولايات التي تحترم القانون وتعكف على العمل بصرامة من أجل صحة وخدمة المواطن. ولم تختلف وضعية بعض المقاهي عن المطاعم التي زرناها حيث تقدم للزبون خدمات رديئة وبمعايير نظافة غائبة خاصة المتعلقة بعرض الحلويات وطريقة تقديمها وأسلوب التخزين ونوعية المواد الأولوية التي يشك أحيانا في عدم صلاحيتها. وللاجابة عما رأته العين المجردة دون التفصيل والغوص في قوانين حماية المستهلك فهذه هي وضعية الاسواق والمحلات ومعاناة المواطن الجلفاوي اليومية في صيف يبدو انه سيكون ثقيلا ما دامت بيئة الأمراض متوفرة.... والخوف كل الخوف أن نشهد كوارث صحية وضحايا سيظل احصاءهم والاعلان على رقمهم الحقيقي محل جدل كبير كالعادة ؟ ومحل تبادل اتهامات فيمن يتحمل المسؤولية رغم أن المسؤولية تتحملها الجهات التي وفرت مناخ انتشار هذه الأمراض بسبب تقصير تكشفه العين المجردة؟