كشف وزير الانتقال الطّاقوي والطّاقات المتجدّدة، شمس الدين شيتور، عن إنشاء محطّات لإنتاج 1000 ميغاواط من الطاقة الشمسية لتحل محل الغاز الطبيعي، والشروع في استعمال الطاقات المتجددة من خلال نموذج يعتمد على اقتصاد الطاقة واستغلال الطّاقات غير الأحفورية على غرار الطاقة الحرارية للأرض والغاز الصخري الذي سيتم استغلاله في المستقبل البعيد. أبرز الوزير شيتور، في منتدى «الشعب»، أمس، أنّ الجزائر ستواجه عجزا كبيرا في المجال الطاقوي في آفاق 2030 إذا استمر الاستهلاك بنفس الوتيرة، حيث لن يكون هناك تصدير للمحروقات الذي تناقص بشكل كبير بفعل التبذير، ما يتطلّب الخروج من هذا النّمط الاستهلاكي للطاقة من خلال الترشيد والعقلنة في استعمال الموارد التقليدية حفاظا عليها للأجيال القادمة. أكّد شيتور في العرض الذي قدّمه حول واقع الطاقة في الجزائر، أنّ الأخير يستدعي البحث عن بدائل للبترول والغاز، وقال لدينا بعض الوقت (10 سنوات) قد تكون مدة كافية لتتمكّن الجزائر من الخروج من التبعية للمحروقات، وبلوغ الانتقال الطاقوي المنشود. ويتطلّب - حسبه - تغيير الذهنيات والتخلص من عقلية «البايلك»، وقال «كلّنا معنيون بالحفاظ على ما تبقّى من موارد طاقوية»، من خلال الاستهلاك العقلاني للطّاقة، هذه المعادلة التي نعمل عليها من أجل الانتقال التدريجي لاستعمال الطاقات البديلة، لأنّه لا يمكن الاستمرار في نفس نمط الاستهلاك الحالي. أوضح شيتور أنّ الانتقال الطاقوي وحده يمكّننا من الخروج من نموذج الاستهلاك الحالي الذي يكلّف خسائر بمليارات الدولارات بسبب التبذير، وأفاد في هذا الصدد أن الجزائري يستهلك 60 مليون طن من البترول في السنة. وأضاف «نستهلك 800 مليون متر مكعب من الغاز في الأسبوع ما يعادل 1 مليون طن من البترول في نفس الفترة»، بينما يمكن اقتصاد ما يقارب 200 مليون دولار، من خلال ترشيد الاستهلاك. 80 بالمائة من استهلاك الطّاقة غير منتج للثّروة تحدّث شيتور كذلك عن خارطة طريق قدّمها إلى الحكومة ووافقت عليها لدى توليه حقيبته الوزارية، تتضمّن تصوّره حول هذه المسألة، وقال إنّه يمكن اقتصاد الطاقة بنسبة 10 بالمائة ما يعادل مليون طن من البترول (42 برميل من النفط) من ربح ملياري دولار كأول خطوة لمحاربة التبذير للحفاظ على ما تبقى من الموارد التقليدية للأجيال القادمة. وحدّد شيتور 3 ورشات لمحاربة التبذير وضمان انتقال سلس للطاقة، مشيرا إلى أنّ النموذج الطاقوي في الجزائر له خصوصياته، أبرزها أنّ 80 بالمائة من استهلاك الطاقة لا ينتج ثروة، أي أنّ الاستعمال من أجل الرفاهية فحسب، في حين أنّ أقل من 20 بالمائة تستهلكه الزراعة والصناعة، ووصف هذا النموذج ب «الخطير»، بينما استهلاك الطاقة في البلدان بالنسبة للقطاعين المذكورين يصل إلى 50 بالمائة، وهذا ما يتطلّب التّغيير بالتدريج. وتخص الورشة الأولى قطاع السكن الذي يعد من أكثر القطاعات استهلاك للطاقة يقدّر ب 17 مليون طن (2 طن للشقة الواحدة)، قال شيتور إنّه لا يمكن الاستمرار في الاستهلاك العشوائي، ما يستعمل تقنيات بناء جديدة تقلل منم استهلاك الطاقة، التي تخلق بدورها نسيج صناعي من المؤسسات الصغيرة. الجزائر تستورد ملياري دولار من الوقود سنويا أعلن الوزير عن إعداد دفتر شروط جديد، يتم بموجبه منع البناء بصفة فوضوية، حيث لا يمكن الحصول على شهادة المطابقة إلا إذا تمّ التأكد من الالتزام بتزويد البناء بوسائل اقتصاد الطاقة كالعازل.. وهو عمل يقوم به شباب مختص في المجال الذي يتخرج من الجامعات كل سنة، أما السكنات القديمة فإنه سيتم تجديدها بمعدل 50 ألف سكن سنويا، وسيرتفع الرقم تدريجيا. وهذا ما سيخلق مناصب عمل لخرّيجي الهندسة المدنية..وهذا ما ينتظر تحقيقه بعد صدور النصوص التطبيقية لدفتر الشروط، مشيرا إلى أن السكن يمكن أن يكون قاطرة لخلق مناصب الشغل. وليس قطاع السكن لوحده الذي يحتاج إلى اقتصاد الطاقة بل النقل كذلك، وقد قدّم المتحدث أرقاما صادمة حول استهلاك الوقود (البنزين والمازوت)، حيث تستورد الجزائر 2 مليار دولار سنويا، وقد انخفض خلال السنة المنقضية بسبب أزمة كورونا إلى 1.5 مليار دولار. ويكلّف الاكتظاظ المروري 5000 دولار لكل لتر يضيع من 500 ألف سيارة التي تسير يوميا، بالإضافة إلى التلوث البيئي، نتيجة غياب سياسة النقل، التي تستدعي استعمال وسائل النقل الجماعية كالميترو والترامواي..والتحول إلى استعمال سيرغاز بدل البنزين، الذي يجب ان يتم التخلي عن استعماله بصفة نهائية سنة 2030. وقال شيتور إنّ الانتقال الطاقوي لا يخص وزارته لوحدها بل هو مسؤولية الجميع، ويعوّل كثيرا على دور الجامعة في الخروج من الجانب النظري إلى التطور التكنولوجي. ولفت إلى أنّ وزارته تعمل في إطار التعاون مع كل الوزارات، بالإضافة إلى وزارتي السكن والشؤون الدينية، لأن المساجد تستهلك الكثير من الطاقة وبشكل غير عقلاني. وكشف في هذا الإطار عن مشروع بناء مسجد «أخضر» في المدينة الجديدة سيدي عبد الله، وفق دفتر شروط يراعي اقتصاد الطاقة، مفيدا أنه سيتم لأجل هذا فتح مسابقة وطنية للمهندسين.