افتتح أمس بالمكتبة الوطنية الجزائرية الملتقى الدولي ''الجزائر 50 سنة من بعد.. حرروا التاريخ''، حيث شكل التاريخ الاستعماري للجزائر المحور الرئيسي للفعالية التي أشرف على تنظيمها المركز الوطني للأبحاث فيما قبل التاريخ والإنثروبولجيا ويومية ''لا تريبون''، بمشاركة مؤرخين وعلماء اجتماع وفلاسفة وباحثين جزائريين وأجانب.. أوضح سليمان حاشي مدير المركز بأن الملتقى يدخل في إطار سلسلة من الملتقيات التي ستحتضنها الجزائر في إطار الاحتفاء بخمسينية الاستقلال، مبرزا بأنها مناسبة للتأكيد على نموذجية الحركة الوطنية في الجزائر، وقال حاشي بأن هذا الملتقى سيطبع عليه الجانب العلمي، داعيا إلى ضرورة عودة التاريخ إلى المؤرخين. وأكد الباحث بالمركز الوطني للبحث العلمي والأستاذ بجامعة غرونوبل ندير بومعيزة، بأن التاريخ يطرح إشكالية من ناحية فهمه والتعريف به، مشيرا إلى أن التاريخ ليس مجرد قضية فكرية وسياسية فقط، بل هو يعني المجتمع أيضا بشكل خاص على اعتبار أن هناك علاقة تربط بينهما، وأشار المتحدث إلى أنه يريد أن يوصل فكرة من خلال هذا الملتقى وهو أن التاريخ أنشأ صدمة خاصة لدى الجزائريين. وقال بومعيزة بأن هناك خطاب ثقافي يتعلق باللغة يحاول نفي طبيعة الامتزاج لدى الجزائريين، لذلك نتساءل من هم الجزائريون؟ ما هي ثقافتهم؟ سيما وأن هناك العديد من دول المشرق يقولون بأن الجزائريين فرنسيون، مضيفا بأن هناك العديد من المغاربة بالرغم من المسافة المتقاربة بيننا إلا أنهم لا يعرفون طرق اتصال الجزائريون، مشيرا إلى أن ذلك ما أدى إلى طرح مسألة الهوية التي تكونت في لحضة قصيرة من 1954 إلى 1962 ومن 1962 إلى يومنا هذا، مضيفا بأن هناك صدمة تعبر عن نفسها، سيما تلك التي أنتجت في فترة مريرة في حياة الجزائريين خلال العشرية السوداء. من جهته دعا الباحث محمد طويلي والمتخصص في الأرشيف الوطني الجزائري إلى ضرورة تفريغ هذه المرحلة من الخطاب الرسمي التجميلي الذي أفرغها من محتواها، مؤكدا بأنهم يرفضون الخطاب الوارد من السلطة الاستعمارية، لأن النظام الكولونيالي لم يكن عادلا ولا متناسقا. وعرج محمد طويلي في مداخلته على دور جبهة التحرير الوطني في افتكاك الاستقلال، والدور الكبير للمسؤولين الذين كانوا واعون بالمهمة المنوطة بهم، حيث يقول بأنهم أدرجوا الكفاح بإستراتيجية شاملة وإدانة الاستعمار الفرنسي للجزائر، الذي انتهج إستراتيجية خبيثة لتشتيت صفوف الجزائريين. كما قدم عدد من الباحثين مداخلات دعت إلى ضرورة تبادل المعارف التاريخية بين مختلف الباحثين والمؤرخين من مختلف الدول العربية والأوروبية، بهدف تسليط الضوء على الحقائق التاريخية، وعدم استغلالها في أغراض لا تخدم تاريخنا.