المتأمل في بعض أحداث ومعارك ثورة نوفمبر الخالدة، وكما يرويها المجاهدين ممّن عايشوا الحدث، يلاحظ أن قتال العدو في بعض المعارك لم يكن عشوائيا، بل امتاز أحيانا باستيراتجية عسكرية كاختيار المكان المناسب، واستدراج العدو لميدان المعركة دون أن يشعر، وهوما يسمى بالتكتيك العسكري الذي اعتمده بعض ضباط الجيش الوطني الشعبي في الولاية الثالثة التاريخية، ومن بينهم المجاهد الشهيد عزيل عبد القادر البريكي الذي قاد معركة البيبات الشهيرة في شهر جانفي 1959. ويروي بعض المجاهدين ومصادر تاريخية عن هذه المعركة، أنّ الشهيد عبد القادر البريكي قاد فصيلة من المجاهدين رفقة العمري محمد الشريف جماتي، وذلك لنصب كمين للعدو في حمام البيبان، غير أنّ العدو إكتشف خطة المجاهدين، فشرع في حشد قواته من مختلف المراكز قصد مباغتة فصيلة الجاهدين والتي كانت على دراية مما يقوم به العدو، فتوزع جنود الفصيلة على قمم الجبال، بحسن اختيار المكان، وذلك بجبل أمشو العربي، وقمة جبل سيدي علي أبوبكر، وجبل إبروحن، وجبل القصر، وقمة تغليت، وبوقطن، فتحصن جنود الفصيلة في أماكن تسمح لهم بمراقبة قوات العدوسواء بالنسبة لمشاته أو لدبابته وطائرته دون أن يتمكن العدو من إكتشافهم وقد تحركت قواته نحو هذه المنطقة بعد بلوغها طريق بوزغاية. توقّفت الدبابات وشاحنات الجند في حدود الساعة التاسعة والنصف صباحا، فحاصرت المنطقة بغرض البحث عن المجاهدين، وما إن اقتحم عساكر العدو المنطقة حتى باغته المجاهدون بوابل من النيران من مختلف الجهات فأوقعوا في صفوفه عدة قتلى، ولم يستطع العدو رغم حشوده العسكرية من كسب المعركة، فاستنجد بالطائرات المختلفة الأشكال لنجدة عساكره، ونظرا لأنّ المنطقة تمتاز بالصخور الكبيرة التي ساعدت المجادين تنفيذ تحركاتهم بكل حرية فلم يستطع العدو أن يحسم المعركة لصالحه، لم تتمكّن طائراته من العثور على أماكن المجاهدين طيلة أطوار المعركة التي دامت الى غاية الساعة الرابعة مساء وامتدت الى مساحة 9 كلم، حيث استشهد جندي واحد وهو كاتب الكتيبة وإصابة أربعة بجروح، أما خسائر العدو فكانت 50 قتيلا، و20 جريحا، وحرق 4 شاحنات (ج م س)، وسيارتين من نوع جيب، وإسقاط طائرة عمودية، وغنم أسلحة وذخيرة معتبرة.