يمكن القول بشكل قطعي إن النصر الذي حققه جيل نوفمبر في حاجة ماسّة اليوم لانتصارات أخرى كثيرة. هناك اليوم انتصارات كثيرة مؤجلة. هل انتصرنا على التخلف؟ طبعا ما زال، ودون ذلك مستلزمات كثيرة هي انتصارات في مجالات متعددةو لعل أهمها إنتاج منظومة تربوية راقية وفعالة في مختلف مستويات التعليم. هل انتصرنا على البيروقراطيات؟ طبعا ما زال. وتلك معركة شاملة، سياسية ومؤسساتية وقانونية، وهي مسؤولية دولة ومهمة سلطة. وتحقيق الانتصار في هذا المجال هو شرط لتحقيق الانتصارات في مجالات أخرى كثيرة. هل انتصرنا على الفساد؟ طبعا ما زال، وتلك معارك ضارية، سياسية اجتماعية ومؤسساتية بالخصوص. والمعارك هناو معارك تخوضها الدولة ومؤسساتها ويخوضها المجتمع وقواه المنظمة وتخوضها النخب في كل المستويات. فلا رشوة إن يكون هناك من يطلبها ولكن لا رشوة إن لم يكن هناك من هو مستعد لدفعها. ولهذا فالأمر فيه أبعاد قانونية وأبعاد أخلاقية وإشاعة الأخلاق في كل الأوساط صار ضرورة حيوية، لأنها مهدِّدة للدولة ومعطِّلة لإصلاح علاقة السلطة بالناس. هل انتصرنا على الرداءة؟ طبعا ما زال. وهذه تتم عبر عمليات عديدة، كثيرها يمكن أن يكون في شكل «التجريد من السلطة»، خاصة لعناصر انتهازية، فاسدة، شرهة وقليلة الكفاءة. هل انتصرنا على التسلط؟ طبعا ما زال. فقوى الفساد والإفساد وقوى الركود ورفض التغيير ما زالت تعمل، بطرق ملتوية، على حماية أشكال تسلط ونفوذ غير قانوني وغير أخلاقي في مستويات عدة. وكل منا يمكن أن يضع عشرات علامات الاستفهام وفي كل مرة يكون الجواب: ما زال. وأزعم أن الانتصار الدائم الثابت والذي به تأتي بقية الانتصارات هو استكمال تجسيد المشروع الوطني وخاصة بناء دولة بمواصفات بيان أول نوفمبر، يضاف لها اليوم مطالب الجزائريين الكثيرة في العدل وفي الكرامة والازدهار. هل ذلك ممكن؟ طبعا، ما دامت الإرادة السياسية الوطنية تعمل على تجسيد ذلك بالرغم من أشواك الطريق الكثيرة، ومنها بالخصوص قوى الركود والرداءة والفساد والتسلط البيروقراطي.