صنعت مرة أخرى الجزائر الحدث بإحتفالها بعظمة مرور خمسين سنة على ذكرى إسترجاع السيادة الوطنية، عظمة تضاهي تاريخها العميق ونضالها من أجل الاستقلال ومعاركها المتواصلة في مجال البناء والتشييد، الحدث الذي لاقى الكثير من إهتمام الصحافة الدولية التي تداولت أخبار الاحتفالات التي تعالت فرحتها وألوانها في سماء الجزائر وتعالت أهازيجها في كل ربع من ربوع الوطن. وبين مشيد بالاحتفالات و منتقد تبقى المكانة الإستراتيجية التي إحتلتها الجزائر كبلد مستقر في كل المجالات، ميزة لم تقدر الصحف الدولية تجاهلها في تغطيتها للمناسبة. حبيبة غريب ربطت جريدة «لوفيغارو» الفرنسية الحدث بإمكانية زيارة الرئيس الفرنسي «فرانسوا هولند» للجزائر قبل نهاية السنة الجارية مستندة في ذلك على مصادر قريبة من هذا الأخير. وركزت الصحيفة التي إنتقدت في مقال سابق لها «غياب فرنسا عن الاحتفالات الرسمية الوطنية بمناسبة مضي نصف قرن على إسترجاع الجزائر للسيادة الكاملة على أراضيها» على الجديد الوارد في الموقف الفرنسي «إزاء الماضي الاستعماري في الجزائر إستنادا لرسالة للرئيس الفرنسي والذي يؤكد حسب المحرر على «أن لفرنسا اليوم متسع من الحرية للنضر بوضوح ومسؤولية لتاريخ وجودها الاستعماري بالجزائرش. ونقرأ من جهة أخرى على الموقع الالكتروني لإذاعة فرنسا الدولية «أرفي» إن الجزائر «أحيت خمسينية الاستقلال بالاحتفال بنصف قرن تكاتف فيه كل من الأمل، والألم ليصنعوا بلدا جذابا وفريدا من نوعه». لكن وكما هو منتظر دائما لم يفوت محرر المقال الفرصة للحديث عن ما أسماه ب «إحتجاجات الذين لم يستفيدوا من مزايا الاستقلال» متناسيا تماما أن معدل البطالة في فرنسا في تزايد متواصل وأن الآلاف من الفرنسيين متواجدين اليوم على عتبة الفقر. ورصد الموقع الالكتروني لقناة «فرانس 24» الحدث بإهتمامه المعهود محاولا كالعادة التركيز على النقائص التي سجلت خلال الخمسين سنة من البناء والتعمير أكثر منه الايجابيات والانجازات العظيمة. وإسترجعت اليومية السويسرية «سويس انفو» في مقال مطول المراحل المختلفة التي مرت بها الجزائر مند إسترجاعها سيادتها الوطنية والتي جعلت منها اليوم بلدا ثابتا في مواقفه وملما بأمن شعبه وساعيا بجدية إلى لعب دور الوسيط في حل الأزمات وإنهاء الاضطرابات الخطيرة التي عصفت بمنطقة الساحل، منطقة المغرب العربي و كذا الشرق الأوسط والتي غيرت كل المعطيات الجيوستراتيجية المعهودة سابقا.
موقع جيواستراتيجي معتبر وجاء في نفس السياق في تغطية الموقع الالكتروني «أفريك بوان كوم» للإحتفالات بالخمسينية أن الجزائر إحتفلت «بسخاء بذكرى إسترجاع السيادة الوطنية بعد إحتلال فرنسي دام 132 سنة، المناسبة التي تميزت حسب محرر المقال بالاهتمام المتزايد للشباب الجزائري بمعرفة تاريخه العريق . ونقرأ في الموقع الالكتروني «أنباء موسكو» إفتتاحية مميزة للمقال المتطرق إلى المناسبة جاء فيها: «قصة الجزائر وإستقلالها قصة طويلة الفصول، حزينة الأحداث، تجمع بين البطولة والمأساة، بين الظلم والمقاومة، بين القهر والاستعمار، بين الحرية وطلب الاستقلال، كان أبطال هذه القصة الفريدة مليون شهيد، وملايين اليتامى والثكالى والأرامل، وكتبت أحداثها بدماء قانية غزيرة أهرقت في ميادين المقاومة، وفي المساجد، وفي الجبال الوعرة، حيث كان الأحرار هناك يقاومون». وإكتفت من جهتها صحيفة «الشرق الأوسط» بسرد أهم جوانب الاحتفالات الرسمية التي ترأسها رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة والتي مست كل ولايات الجزائر دون إستثناء . وعلى صعيد أخر إستقطب الاحتفال بالعيد ال 50 للاستقلال والشباب أنظار الصحف والمواقع الالكترونية العربية مثل صحيفة العرب القطرية والقدس العربي والتي أعطتا الحدث الكثير من الاهتمام. في هذا الصدد، نستنتج من تغطية صحيفة القدس العربي لفعاليات الاحتفال للعيد ال 50 للاستقلال والشباب إن «تمكن الجزائر من الحفاظ على إستقرارها وإبتعاد شعبها عن الخوض في متاهات التغيرات العنيفة أو ما يسمى بالربيع العربي»، الأمر الذي أثار حيرة محرر المقال الذي وبرغم على تركيزه على ما «أسماه بالصراعات المتعاقبة» كان لابد عليه من سرد العديد من القرارات والانجازات والإصلاحات التي إعتمدتها الجزائر للصمود في وجه كل المتغيرات والاضطرابات التي عصفت بدول المنطقة .