تسريع التلقيح والتطبيق الصارم للبروتوكول الصحي صمام أمان بعد استقرار نسبي في الوضع الوبائي بالجزائر، ها هو عدد الحالات يعاود الصعود بصفة غير مضطردة. غير أن الوضع يدعو للقلق في ظل ارتفاع حالات الفيروس المتحور، ما يجعل احتمال تسجيل موجة ثالثة واردا بسبب هذا الأخير، بحسب ما صرح به ل «الشعب» البروفسور عبد الرزاق بوعمرة، رئيس مصلحة كوفيد بمستشفى فرانس فانون بالبليدة. بعد تسجيل حالات من الفيروس المتحور النيجيري والبريطاني، الذي يصيب الشباب بكثرة، بموازاة مع حالات كوفيد-19، المرور إلى موجة ثالثة غير مستبعد، بحسب البروفيسور بوعمرة المختص في علم الأوبئة، قد يصعب التحكم بها، على ضوء حالة التسيب واللامبالاة والاستهتار المسجلة خلال الأشهر القليلة الماضية بشكل ملفت للانتباه، على اعتقاد بأن تراجع الأرقام حول الإصابات يعني بلوغ المناعة الجماعية وبالتالي الوضعية متحكم بها، خاصة بعد انطلاق عملية التلقيح ضد فيروس كورونا. غير أن هذا الاعتقاد لا أساس له من الصحة، كما يؤكد بوعمرة. ويستند إلى مؤشرات طبية مستقاة من المستشفى الذي يعمل به والذي استنفد في وقت من الأوقات استيعابه للحالات بسبب ارتفاعها الكبير والذي كاد أن يؤدي إلى خروج الوضعية عن التحكم. يمثل ارتفاع عدد المصابين في مصلحة الإنعاش، أهم مؤشر للوضعية الوبائية وهو ما يسجل حاليا بمصلحة كوفيد بمستشفى فرانس فانون بالبليدة، هذه الولاية التي كانت أول بؤرة في الجزائر لانتشار فيروس كورونا، وبالتالي اكتسبت – كما قال - خبرة في تسيير الحالات والتكفل بها واستعمالها في معرفة التوقعات المستقبلية للحالة الوبائية. ويعتقد البروفيسور بوعمرة، أن عودة ارتفاع حالات الاستشفاء والإنعاش بالمستشفى، مؤشران مهمان ينذران بإمكانية تسجيل الموجة الثالثة من الوباء، لأن الظروف الاجتماعية مساعدة على ذلك، بالإضافة إلى الوضعية الوبائية الخطيرة التي تعرفها دول الجوار، على غرار تونس التي وصل بها عدد الوفيات بكوفيد إلى 60 وفاة يوميا، وكذا حالة الاستنفار التي تعرفها دول العالم، خاصة أوروبا القريبة جغرافيا من الجزائر، بعد الارتفاع الكبير والخطير لحالات المتحور البريطاني. ولعل المؤشر الثالث الذي يبني عليه البروفيسور بوعمرة احتمال حدوث الموجة الثالثة من الوباء القاتل، الوتيرة المتباطئة في عملية اللقاح، وعدم توفر العدد الكافي لحد الآن من اللقاح لتلقيح أكبر عدد من الأشخاص وبلوغ المناعة الجماعية، التي تتطلب تطعيم ما لا يقل عن 70 بالمائة من السكان، في حين أن الوصول إلى هذه النسبة لم يتحقق لحد الآن. ويؤكد بوعمرة، أن الاستقرار النسبي لا يعني التحكم في الوضعية الوبائية، التي يمكن أن تخرج عن السيطرة، بعد التحول في سلالة الفيروس، التي أعطت متحورين عن كوفيد، منهما المتحور «البريطاني «و»النيجيري»، والتخوف من أن يؤدي انتشارهما إلى سيطرتهما على الوضع الوبائي على حساب الفيروس «الأصلي»، الذي ما يزال يخفي أسرارا، لم تصل إلى معرفتها البحوث العلمية المتطورة التي تقوم بها أكبر المخابر في العالم. وأمام هذه المعطيات، يشدد بوعمرة على أهمية وضرورة تطبيق البروتوكول الصحي والتدابير الوقائية، كارتداء الكمامة والتباعد الجسدي، وتفادي اللقاءات الأسرية الاجتماعية التي تساهم في نقل وانتشار الفيروس، ويرى أنه لابد من العودة إلى تطبيق القانون، كما يؤكد على أهمية عمليات التحسيس والتوعية، قبل المرور إلى الجانب الردعي.