تعيش عاصمة الزيانيين الشهر المقبل مع فعاليات المهرجان الثقافي الدولي للمنمنمات والزخرفة في دورته الخامسة، الذي سيعرف مشاركة مميزة لعدد معتبر من الدول العربية والأجنبية المهتمة بهذين النوعين من الفنون. يتراوح عدد المشاركين في التظاهرة الثقافية والفنية ما لا يقل عن 20 دولة و40 مشاركا مختصا في فن المنمنمات والزخرفة، ليكون هذا المهرجان فرصة سانحة وجسرا بالنسبة للفنانين الجزائريين، خاصة منهم الشباب من أجل الالتقاء وتبادل الخبرات مع الفنانين البارزين عالميا في هذا المجال، خاصة وأن المدرسة الجزائرية للمنمنمات التي كان من روادها الراحل محمد راسم تعتبر واحدة من المدارس الأربعة للمنمنمات في العالم إلى جانب المدرسة الفارسية والتركية والسورية. وقد وضع المنظمون لهذه الفعالية الثقافية التي تحتضنها تلمسان من 10 إلى 18 من الشهر القادم، ثلاث جوائز نقدا في المنمنمات وثلاث جوائز في الزخرفة، كما يخص المهرجان هذين الميدانين الفنيين بشرط أن تكون الأعمال المنصبة في الطابع العربي والإسلامي، إضافة إلى اللوحات الحديثة في المنمنمات والزخرفة بشرط أن تحتفظ بالشكل الجوهري للتقنية الموروثة عن تقاليد رواد هذا الفن. وتنظم وزارة الثقافة مهرجان المنمنمات والزخرفة بهدف التعرف على مدى تطور هذين النوعين الفنين، اضافة الى تشجيع وتطوير الإبداع الفني الذي برهن به العالم الإسلامي في تطويره إلى فن ذي نوعية راقية رغم أن مساهمته في إثراء الفن العالمي كفن متداول يسمى بالفنون التطبيقية، والذي لا يزال توظيفه كموروث حضاري غير قائم، حيث رأى الساهرين على ثقافة الجزائر والمحافظين على موروثها، انه أصبح من الضروري جعل المهرجان حدثا فنيا يترقبه الفنانون وتتطلع إليه الأوساط الفنية المهتمة بالفنون الإسلامية بوجه عام، وكذا دعوة دول أخرى والتي تتعامل مع فن المنمنمات والزخرفة بوجه خاص لتطوير العملية الفنية بمختلف الأساليب والتعريف والتعرف على أهم التقنيات الجديدة التي تضاف إلى التجربة الإنسانية في هذا المجال المتخصص. اما محافظ المهرجان موسى كشكاش، فقد بين ان الهدف من التظاهرة الفنية تفعيل هذا الفن وإعادة إحيائه في جوانب كثيرة، لاسيما الفنية منها التي تشجع على الإبداع وتطوير المواهب، بالإضافة إلى تدعيم الجانب التكويني الفني للزخرفة والمنمنمات، وكذا تكريم ثلة من الوجوه الجزائرية البارزة التي عملت على بقائه واستمراره طوال السنوات الماضية من خلال مقاومتها لمختلف الظروف المباشرة أو غير المباشرة التي حاولت زعزعة استقراره وفصله من ذاكرة الشعب الجزائري ومن التواجد الفني في الجزائر، على غرار باقي الفنون الأخرى التي شهدت نفس الحالة ونفس الهجمة الشرسة، وبالخصوص إستراتيجية الاستعمار الفرنسي الذي حاول القضاء عليه وطمس معالمه وأسسه. أما عن النشاطات التي يتخللها المهرجان، فيتعلق الأمر بإقامة ورشات تكوينية لفائدة طلبة معهد الفنون الجميلة، وإلقاء محاضرات وكذا تنشيط ندوات فكرية حول فن المنمنمات والزخرفة، يقدمها أساتذة وباحثون جزائريون وأجانب من أجل تسليط الضوء على مدى قوة هذا اللون الفني في إبراز قضايا متعددة، ومنها المتعلقة بالجانب الإسلامي وعلوم القرآن والدين، من خلال جملة من اللوحات التي تنضوي على آيات قرآنية وأحاديث نبوية مرسومة بصورة فنية راقية وجميلة تعبر عن أنامل إبداعية شابة ومختصة.