تشهد عملية التلقيح ضد فيروس كورونا على مستوى مختلف الفضاءات العمومية والمؤسسات الجوارية إقبالا كبيرا من طرف المواطنين، خاصة بعد انطلاق أكبر حملة تطعيم في البلاد، وتكثيف الأنشطة التوعوية التي تهدف الى تعزيز وعي المواطنين بفائدة تلقي اللقاح في حمايتهم من مخاطر الاصابة بكوفيد-19، وحثهم على ضرورة المساهمة في العملية لتحقيق مناعة جماعية تمكن من مجابهة انتشار الفيروس وتساهم في تسريع العودة الى الحياة العادية، والتخلي عن القيود المفروضة على الجميع في اطار تطبيق البروتوكول الصحي الوقائي. «الشعب» رصدت عملية التلقيح ببعض هياكل الصحة الجوارية والخيم المتواجدة بالساحات العمومية بالجزائر العاصمة، حيث ساهم الترويج لأكبر حملة وطنية للتلقيح ضد فيروس كورونا وتحرك السلطات المعنية بإطلاق اليوم الحاسم من العملية في زيادة عدد المتوافدين على مراكز التلقيح في ظرف وجيز سعيا لاستدراك التأخر المسجل في وثيرة عملية التلقيح، باعتبار أن استفادة حوالي 9 ملايين شخص من اللقاح الى حد الآن لا يكفي لتجنب مخاطر موجات أخرى من الفيروس، وإنما يتطلب الأمر تلقيح على الأقل 70 بالمئة من المواطنين. في هذا الاطار، سخّرت الهيئات المحلية والوطنية كافة الوسائل المادية والبشرية على مستوى جميع نقاط التلقيح لانجاح الحملة، وتسهيل العملية لفائدة المواطنين الراغبين في حماية أنفسهم وذويهم من نقل عدوى الفيروس، كون اللقاح يعد الوسيلة الفعالة والآمنة حاليا لمكافحة تفشي الفيروسات المتحورة التي تتميز بخصائص تختلف عن الفيروس الأصلي من حيث انتشارها السريع بين الأشخاص، وتسببها في أعراض صعبة، وقد تكون خطيرة لدى مختلف الفئات من كبار السن وحتى الشباب في الثلاتينات. ولقيت هذه المرة حملات التوعية والتحسيس ودعوات التلقيح ضد «كوفيد-19» استجابة واسعة من قبل جميع شرائح المجتمع عكس ما سجل في بدايات الحملة الوطنية للتلقيح، حيث كان الاقبال على مراكز التطعيم محدودا ومحتشما لاسيما في المناطق المعزولة من البلاد، ولكن مع توسيع العملية وتوفير كميات كبيرة من اللقاح، وتخصيص حافلات مزودة بكل المعدات والمستلزمات تتنقل الى مختلف الأماكن التي من الصعب الوصول اليها اختلف الوضع، وأصبحت اللقاحات متاحة لجميع المواطنين، ولا يوجد ما يمنعهم من التلقيح. ارتياح كبير وسط المواطنين بعد التلقيح عبّر أغلبية المواطنين ببعض مراكز التلقيح عن ارتياحهم الكبير لاستفادتهم من اللقاح المضاد لفيروس كورونا، بعد تردد الكثير منهم للقيام بهذه الخطوة خوفا من تعرضهم لأية أعراض جانبية خطيرة بعد العملية نظرا للترويج لبعض المعلومات الخاطئة حول أمن وسلامة اللقاحات، مؤكدين أن حملات التوعية ساهمت بشكل كبير في تشجيعهم على تلقي التطعيم حفاظا على حياتهم. في ذات السياق، تقول السيدة حبيبة في الستينات، إنّ ما شجّعها على التوجه الى أقرب فضاء مخصص للتلقيح اصابة بعض الاقرباء غير الملقحين بالفيروس ودخولهم الى مصالح الانعاش، ومنهم من توفوا بسبب مضاعفات المرض، وتؤكد أنها في البداية كانت مترددة في أخذ اللقاح بسبب تداول الكثير من الشائعات والمعلومات حول سلامة وأمن هذه اللقاحات التي تم تصنيعها في وقت قياسي غير مسبوق، ولكن غيرت موقفها بعد استجابة عدد كبير من المواطنين لحملة التلقيح دون مخاطر. تعتقد حبيبة أن منافع اللقاح أكثر من أضراره، ولو كان يشكل خطرا على الأشخاص لما تم الاستمرار في الترويج له من قبل مهنيي الصحة وجميع المختصين الذين كانوا أول المستفيدين من اللقاح باعتبارهم أكثر عرضة للاصابة بالعدوى، مشيرة الى أن مع مرور الوقت اكتشف بأن الملقحين بالجرعتين الذين اصيبوا بالفيروس لم تظهر عليهم أعراض خطيرة استدعت نقلهم للمستشفى عكس الأشخاص غير الملقحين. تضيف ذات المتحدثة أنها تشعر بارتياح كبير لتلقيها لأول جرعة. وستسعى الى الاستمرار في تطبيق قواعد السلامة لتجنب التقاط العدوى قبل تلقيها للجرعة الثانية التي تساهم في تعزيز المناعة، داعية الى اتخاذ مزيد من الحيطة والحذر لتفادي تكرار نفس سيناريو الموجة الثالثة، خاصة ما تعلق بتجنب الاكتظاظ الكبير في الأسواق والمحلات والأماكن العمومية باعتبار أن أغلبية المواطنين يتراخون في الالتزام بقواعد الوقاية بمجرد تسجيل تراجع في منحنى الاصابات. من جانبها تقول السيدة بوحدة في الخمسينات مصابة بداء السكري، أنها أصيبت بفيروس كورونا في الموجة الثانية، ولم تكن ملقحة ضد الفيروس ولحسن حظها كانت الاصابة غير خطيرة، ولكنها الآن تنتظر دورها لأخذ الجرعة الثانية من لقاح أسترازينيكا لضمان حماية أكبر من مخاطر الفيروس وتجعل جسمها أكثر مقاومة للفيروس في حال التقاط العدوى مجددا، مشيرة الى أن هذا اللقاح يعرف نقصا مقارنة باللقاح الصيني سينوفاك المتوفر بالكميات الكافية، وأن أغلبية مراكز التلقيح لا تتوفر على هذا اللقاح، حيث اضطرت الى التنقل الى مختلف فضاءات التلقيح المتواجدة بالجزائر العاصمة بحثا عن جرعة من هذا اللقاح. وأفادت أنّ عدد المتوافدين على مراكز التلقيح يفوق الكميات المتوفرة من اللقاح، خاصة بالنسبة للأشخاص الذين يبحثون عن أخذ الجرعة الثانية من لقاح استرازينيكا، معتبرة أن عدم تسهيل العملية أمام المواطنين تعد النقطة السوداء التي تعيق انجاح أكبر حملة وطنية للتلقيح ضد فيروس كورونا بالرغم من تكثيف الأنشطة التوعوية، والتي لقيت استجابة واسعة من قبل المواطنين، والدليل على ذلك عدد المتوافدين على مختلف نقاط التلقيح من جميع الفئات والأعمار. أما فريدة طبايشونت في الستنينات من العمر، توضح أنها تعاني منذ سنوات من داء الروماتيزم، وقبل قدومها الى مركز التلقيح قامت باستشارة طبيبها المعالج، الذي أكد لها أنها تستطيع أخذ اللقاح دون مخاطر على صحتها، حيث تقربت من خيم التلقيح المتواجدة بساحة أول ماي، مؤكدة أنها أخذت الجرعة الأولى ولم تظهر عليها أية آثار جانبية، وستتلقى الجرعة الثانية في ولاية تمنراست التي تقطن فيها بعد 21 يوما. تضيف فريدة أنّها قررت أخذ اللقاح بسبب الخوف من الاصابة بالفيروس، خاصة بعد تصاعد منحنى الاصابات في الاسابيع الفارطة، وتسجيل عدد كبير من الوفيات، مفيدة أن التلقيح هو السبيل الأمثل للوقاية من مضاعفات هذا الفيروس الخطير، والحد من انتشار العدوى على نطاق واسع يصعب السيطرة عليه مع ضرورة الالتزام بالاجراءات الاحترازية. العملية تسير بوتيرة سريعة أكثر من السّابق من جانبها، تؤكّد المديرة الفرعية للمصالح الصحية بالمؤسسة العمومية للصحة الجوارية سيدي محمد بوشنافة، جيلي نادية، أن عملية التلقيح تسير بوثيرة سريعة في الأيام الأخيرة أكثر من أي وقت سابق بفضل توسيع الحملة والتقرب أكثر من المواطنين، مشيرة الى أن الحملة الكبرى للتلقيح بدأت تعطي ثمارها، والدليل على ذلك استقبال عدد كبير من الراغبين في التلقيح بالجرعة الأولى على مستوى الخيم المخصصة للعملية بساحة 1 ماي. وتقول المديرة الفرعية للمصالح الصحية، إن جميع الظروف مهيّأة للتكفل بالمواطنين قبل وبعد التلقيح من قبل فرق طبية وشبه طبية مجندة في الميدان لخدمة الراغبين في التلقيح والاجابة على جميع استفساراتهم، والعملية تتم في اطار تنظيمي وسط تطبيق كافة الإجراءات الوقائية والاحتياطات الاحترازية، أملا في تلقيح أكبر عدد ممكن من المواطنين في هذا الاسبوع، وتجنب انتقال العدوى بين المتوافدين في نفس الوقت. وترى أن التلقيح لا يقي 100 % من الاصابة بالفيروس، ولكن يقدم حماية فعالة من المضاعفات والمخاطر التي يمكن أن ترتبط بالفيروس، ويساعد على عدم وصول المريض الى مرحلة الاستشفاء والحاجة الى الأوكسجين، معتبرة أن تسريع عملية التلقيح ستسمح بالتحضير لامكانية ظهور موجة رابعة ومواجهة مخاطرها، خاصة على كبار السن والمصابين بأمراض مزمنة ولديهم مناعة هشة، لأن اللقاح هو الحل الآمن والوحيد للسيطرة على هذه الأزمة والعودة الى الحياة العادية. وتضيف بأن تردد بعض المواطنين على أخذ اللقاح ناتج عن تداول معلومات وأخبار خاطئة عبر مواقع التواصل الاجتماعي من قبل غير المختصين المشككين في سلامة وأمن وفعالية اللقاحات المتوفرة، مبرزة أنه الى حد الان لم تسجل أية أعراض جانبيبة تستدعي التدخل الاستعجالي، إلا بعض الحالات غير الخطيرة كاحمرار أو انتفاخ في مكان الوخز وحمى، وهذا أمر طبيعي حتى الأطفال الذين يتم تلقيحهم ضد الأمراض المعدية تظهر عليهم مثل هذه الأعراض التي تزول في وقت قصير، ولا تشكل خطرا على سلامتهم. وتوضح أن الأطباء الذين يسهرون على تلقيح المتوافدين لديهم تكوين خاص وخبرة في تشخيص جميع الحالات من خلال الفحص والمعاينة، وطرح أسئلة حول اصابة الشخص بأعراض معينة حتى يتم التأكد من أنه غير مصاب بالفيروس ومؤهل لأخد اللقاح، لأن اصابة الشخص بالعدوى تمنع عليه التلقيح إلا بعد مرور 3 أشهر، كما أن هناك فئات معينة من الناس يجب أن لا يحصلوا على لقاح كوفيد-19 كالنساء الحوامل، ويسهر الفريق الطبي والشبه طبي على التكفل بجميع المواطنين. وتأمل أن تستمر المجهودات المبذولة على مستوى جميع نقاط التلقيح من أجل بلوغ الاهداف الرئيسية والمتمثلة في الوصول الى نسبة عالية من التلقيح، تمكن من اكتساب مناعة وحماية جماعية في أقرب وقت ممكن، زيادة على أهمية تكثيف الأنشطة التحسيسية، والتواصل بشكل دائم مع المواطنين في كل مكان للتعريف بالدور الفعال للقاح في الحماية من الاصابة بمضاعفات خطيرة، وحث الجميع على أهمية استفادة كافة أفراد العائلة الواحدة من التلقيح من أجل ضمان حماية فعالة، والمساهمة في توقيف وكبح سلسلة انتشار عدوى الفيروس. تدعو المديرة الفرعية للمصالح الطبية المواطنين، الى استغلال انخفاض منحنى الاصابات والاستقرار الذي تشهده الوضعية الوبائية للاقبال بقوة على مختلف فضاءات التلقيح لحماية لأنفسهم من مخاطر موجات أخرى، وعدم تكرار سيناريو الموجة الثالثة التي تسببت في عدة اصابات ووفيات، مع الاستمرار في احترام معايير السلامة وكافة الاجراءات الاحترازية، مؤكدة أن اللقاحات متوفرة وجميع السبل متوفرة لإنجاح هذا الموعد. الوقت مناسب لتكثيف حملة التّلقيح ضد كوفيد-19 في ذات السياق، تؤكّد طبيبة استعجالات بالمؤسسة العمومية للصحة الجوارية بالعاشور، أن هذه الأيام هي الوقت المناسب لتكثيف وتوسيع حملات التلقيح ضد كوفيد-19 بما أنّنا تجاوزنا مرحلة الذروة والخطر، إذ أن انتشار العدوى بين الأشخاص في هذه الأيام تكون بنسبة منخفضة، خاصة في حال عدم التراخي في الالتزام بالقواعد الوقائية مع الاستحابة الواسعة لحملة التلقيح. وتوضّح أنّ اللقاح هو الوسيلة الوحيدة للحماية من مضاعفات الفيروس، والنجاة من عواقب المتحور خاصة بالنسبة للفئات الهشة المطالبة بالتقرب من مراكز التلقيح لضمان وقاية فعالة وآمنة من مخاطر الاصابة بالفيروس، بالاضافة الى أن جميع الملقحين الذين تم استقبالهم بالمؤسسة الصحية بالعاشور الى غاية اليوم لم تظهر عليهم أية أعراض جانبية خطيرة بعد عملية التلقيح حتى بالنسبة للمصابين بأمراض مزمنة. وتتوقّع الدكتورة أنّ انطلاق أكبر حملة تلقيح في الجزائر ضد «كوفيد-19» ستقدم نتائج ايجابية في الأيام القادمة، وتسمح بكسر سلسلة انتشار الفيروس والوقاية من مخاطره ومضاعفاته التي تؤدي بالمريض الى الدخول للمستشفى والعلاج بالأوكسجين بسبب وصول المريض الى مرحلة الاختناق في التنفس بعد ظهور أعراض أخرى، مبرزة أهمية تلقيح أكبر عدد ممكن من المواطنين، والسعي الى تحقيق المناعة الجماعية من أجل التغلب على مخاطر الفيروس. وتدعو الطبيبة العامة الأولياء الى ضرورة أخذ اللقاح لحماية أنفسهم وأطفالهم من الاصابة بالفيروس بما أن قرار تلقيح هذه الفئة لم يفصل فيه بعد، وموعد الدخول الاجتماعي قريب، ما يستدعي الالتزام الصارم بالاجراءات الاحترازية من خلال احترام مسافة التباعد الاجتماعي، وتجنب التجمعات وارتداء الكمامة للوقاية من انتشار الفيروس، وكبح الانتقال السريع والسهل للفيروس المتحور بين المواطنين. كما كشفت الدكتورة أنّ مصلحة الاستعجالات بالمؤسسة العمومية للصحة الجوارية بالعاشور، لم تعد تستقبل العديد من الحالات التي تظهر عليها أعراض الاصابة بفيروس كورونا مقارنة بالأسابيع الفارطة التي شهدت ارتفاعا كبيرا ويوميا في الحالات الايجابية التي تم تشخيصها لدى مختلف الفئات، مشيرة الى أن التلقيح ضد الفيروس هو الحل الوحيد للحفاظ على استقرار الوضع الوبائي، وتفادي ارتفاع آخر في منحنى الاصابات، مع الاستمرار في تطبيق البروتوكول الصحي الوقائي الى غاية تحقيق هدف اكتساب حماية جماعية.