الدولة وفرت الإمكانيات وشجّعت على الانتشار خاض الأمين العام للمحافظة السامية للأمازيغية سي الهاشمي عصاد، في منتدى "الشعب"، أمس، في قضايا عديدة مرتبطة بتطور اللغة الأمازيغية ونشرها وضرورة تحيين تعليمة وزارية صادرة سنة 2008، فضلا عن مشاركة المحافظة في الصالون الدولي للكتاب. طرح سي الهاشمي عصاد استراتيجية المحافظة للسنة الجارية وما تنوي المحافظة فعله مستقبلا، من الصالون الدولي للكتاب إلى سنة 2038، بناء على مذكرة أعدتها وتسعى لإقناع السلطات العمومية على تزكية ما فيها، بعد نقاش واسع مع الأطراف التي لها علاقة بهذه اللغة الوطنية، بتفريعاتها وألسنها الأربعة عشر. تعديل قانون 2008 يقول أمين عام المحافظة إنّ قانون 2008 لا يتجانس مع الدستور المعدل سنة 2020، وعليه يقترح تعديل مواد فيه لم تعد صالحة أو غير مواكبة للتطورات الحاصلة في هذا الباب، ويضيف: "نناشد التأسيس لفرق عمل لتعديل هذه المواد". وقد ضمن المحافظة "مذكرة" بكل ما تطرحه من تعديلات وأرسلتها إلى الجهات المعنية وعلى رأسها الوزارة الأولى وغرفتي البرلمان. ويتبنى عصاد لهذا الغرض "استراتيجية تواصل هادف وأكاديمي" في إطار مساعي التعديل الواجب تنفيذه في محيط هذه اللغة قانونا ولغة وجوارا، ومنه مقترح تعديلات على المدرسة من خلال ثمانية إجراءات، إن عُدلت. بعد عقدين من تدريس الأمازيغية يعتز عصاد ب«النتيجة المحققة"، ويقول إنّ تدريس ثاني لغة وطنية قفز من 11 ولاية إلى 44 ولاية، أي ثلاثة أضعاف ما كان موجودا سنة 2014، وهي سنة مفصلية ليس فقط في التدريس، بل حتى في النشر بهذه اللغة، من قواميس وأبحاث ونصوص أدبية ولقاءات علمية، فضلا عن النقلة الكمية في عدد المؤطرين في التعليم وهم حاليا 3250 أستاذ، بعدما كانوا 200 أستاذ فقط في أول موسم دراسي سنة 1996-1997. في هذا الجانب، يتوقف عصاد أمام ما يراه ضروريا في هذه المرحلة من "تهيئة اللغة الأمازيغية في الوسط المدرسي"، ويقترح رفع معامل هذه اللغة إلى ثلاثة، واعتبارها مادة أساسية في التعليم، وهو ما يعزّز الطرح الجديد القديم لدى هذا المسؤول: "تعميم تدريس الأمازيغية في السنة أولى ابتدائي"، بعدما كان ينادي بإجبارية تعليم هذه اللغة، ومبرره إلى ما ذهب إليه هو "الأمازيغية لغة تدريس بعد لغة أجنبية"، ويقصد بها اللغة الفرنسية. النشر وصالون الكتاب وأعلن عصاد أنّ المحافظة ستشارك في الصالون الدولي للكتاب هذا الشهر ب27 كتابا جديدا نشرتها المحافظة، التي تحولت، في السنوات الأخيرة، إلى "دار نشر" بامتياز في هذه اللغة الوطنية، التي تنشر بها قواميس ومحتويات ملتقيات علمية وكتب أدبية. وتحدث الأمين العام للمحافظة عن برنامج نشر 18 عنوانا آخر هذه السنة، بما فيه النصوص الفائزة بجائزة رئيس الجمهورية في الأدب الأمازيغي، وهو يشير إلى "وجود مقروئية بالأمازيغية" يرافقها بنشر المزيد من محتويات الملتقيات العلمية والنصوص القابلة للنشر ممّا يصل المحافظة سنويا. مشروع جريدة بالأمازيغية وفي باب المقروئية والحاجة إلى "عنوان" يلبي الطلب جانب القراءة والمقروئية، يدافع سي الهاشمي عصاد عن ضرورة إنشاء جريدة ناطقة بالأمازيغية، بمرافقة من المحافظة السامية وتمويل من السلطات العمومية، وهو مشروع سبق وطُرح سنة 2012، وتجاوبت معه المحافظة، لكنه لم يجسد لظروف. ويرى المحافظ أنّ التراكم المعرفي واللغوي الذي اكتسبته هذه اللغة من الممارسة ومساهمات الأكاديمية يسمح لها بأن تنتقل إلى مرحلة تعبر فيها إعلاميا واتصاليا عن أشياء وأمور كثيرة، في سياق الأمن اللغوي المرتبط بالانتشار في جغرافيا، يستعمل فيها جيران هذا المكون لأغراض غير لغوية وغير سلمية. ويربط المتحدث هذا المقترح بتطور آخر تسجله المحافظة من خلال المنصة الرقمية التي أطلقت مؤخرا، لمرافقة صحفيين يعملون في 27 إذاعة محلية، فضلا عن قنوات في التلفزيون ووكالة الأنباء الجزائرية. وعلى صعيد آخر، يرفض سي الهاشمي عصاد نقاشا دائرا حول تدوين اللغة الأمازيغية بألسنها ال14، ويقول عنه إنه "نقاش عقيم ومفتعل"، وأنّه مع تدوين هذه اللغة بثلاث أبجديات: التيفيناغ والعربية واللاتينية. ويضيف: الدولة وفرت إمكانيات للغة الأمازيغية وشجّعتها على الانتشار، لأنّ هناك إرادة سياسية في هذا الاتجاه". الماستر، الترجمة والملتقى العلمي ومن بين النقاط التي يثيرها عصاد كلما أتيحت له الفرصة، حديث عن البطالة القادمة من تخصّص اللغة الأمازيغية في الجامعة، التي كونت أكثر من 6000 متخرج بهذه اللغة، "هناك حاصلون على ماستر في الأمازيغية عاطلون عن العمل"، في وقت فتحت الجامعة تخصّصا جديدا هو الترجمة بالأمازيغية إلى العربية والعكس، في تطور لافت تحققه هذه اللغة أكاديميا، وبالمناسبة يقول عصاد إنّ جامعة تمنراست تُخرج هذه السنة أول دفعة ليساس أمازيغية. وفي سياق "الجامعة الرائدة في التكوين بالأمازيغية"، مثلما يقول، ومع "التعليم التدريجي" كاستراتيجية تتبناها المحافظة، يرى عصاد ضرورة أخرى لدعم تقدم اللغة التي يدافع عنها في كل مكان، من خلال الملتقى العلمي حول اكتشافات بوشريط، قريبا، وذلك لإبراز العمق التاريخي للجزائر، ومنه "الجزائر مهد التاريخ"، التي يسعى للترويج لها، بعدما صنّف الأمريكان حفريات بوشريط ثاني أهم مكان أثري للبشرية بأسرها، على أن تستضيف سطيف المؤتمر الجاري التحضير له، ويكون بداية لملتقيات أخرى تروّج للعمق التاريخي والهوياتي للجزائر.