أجمع المشاركون في فعاليات الملتقى العلمي الأول لتأهيل الثروة الحيوانية وتنويع استهلاك اللحوم، أمس، بولاية بني عباس، على ضرورة توفير أكبر قدر من الخيارات للمستهلك الجزائري فيما يخص اللحوم، والخروج من الاكتفاء بلحم البقر والأغنام والدجاج بإدخال لحوم الإبل والماعز والأرنب، وبالتالي تشجيع الاستثمار في تربيتها، وتوفير فرص استهلاك صحي بأسعار تناسب القدرة الشرائية للمواطن. وقع الاختيار على بني عباس الفتية بالجنوب الغربي التي تبعد 1500كم عن العاصمة، لاحتضان فعاليات الملتقى العلمي من تنظيم الجمعية الوطنية لحماية المستهلك «الأمان» بسبب الإمكانيات الهائلة التي توفرها الولاية الفتية في مجال الاستثمار في تربية الإبل وإنتاج لحومها والبانها. اعتبر والي بني عباس ساعد نشوف، الملتقى العلمي الأول من نوعه « قفزة نوعية تترجم العزم المشترك بين السلطات والمجتمع المدني، والباحثين من أجل ترقية التنمية الاقتصادية والاجتماعية محليا ووطننا استجابة لاحتياجات لمواطني بني عباس وتطلعات الشعب الجزائري». وأشار في كلمته الافتتاحية إلى أنّ «التنوع في الموارد والاستهلاك حل فعّال لدعم الاقتصاد الوطني والمحلي، وتحقيق أمننا الغذائي الذي طالما نصبو إليه للصالح العام»، معتبرا أنّه لا يمكن كسب هذا الرهان إلا من خلال تثمين الثروة الحيوانية والنباتات وتنويع مواد الاستهلاك». ويرى نشوف أنّه «من الضروري الوثوق بقدرات الفاعلين الاقتصاديين من أجل كسب التحدي بالقضاء على المضاربة والاستيراد والممارسات الاحتكارية التي تضر بالاقتصاد، وبصحة المواطن خاصة في مجال استهلاك اللحوم». وفي سياق آخر، ثمّن والي بني عباس الاهتمام الكبير الذي أولته الجمعية الوطنية لحماية المستهلك «الأمان» لموضوع التنويع في استهلاك اللحوم، وقدرتها على الخروج من خانة توفير الموارد للمواطن، إلى مجال البحث عن الحلول لإشراك الباحثين والمختصين، وفتح النقاش على ملفات تصب في تربية الاقتصاد الوطني وحماية الصحة العمومية والقدرة الشرائية للمواطن. ويعوّل على الملتقى في اقتراح حلول دائمة وناجعة أين قدّم أساتذة وباحثون بالأرقام حوصلة أبحاث دامت سنوات، حول الإمكانيات الكثيرة والكبيرة التي يقدمها مجال إنتاج لحوم الإبل والأرانب والماعز». محاربة المضاربة والاحتكار أشار رئيس جمعية الوطنية لحماية المستهلك «الأمان»، حسان منور، إلى «أنّه حان الوقت لتمكين المواطن الجزائري من حقه في استهلاك صحي ومتنوع للحوم، وإخراجه من الدائرة المغلقة التي فرضت عليه تناول الدجاج ولحم البقر والأغنام فقط». وكشف منور أنّ هذه «الخيارات الجديدة ستساهم بدرجة كبيرة في وقاية المواطن من أخطار لحوم الدجاج المغذى بالأدوية والمضادات الحيوية ولحم البقر المستورد نصفه مجمدا، إضافة الى لحم الغنم وارتفاع نسبة الكوليسترول فيه». كما أكّد رئيس الجمعية أنّ «كسب رهان إدخال التنوع على ثقافة استهلاك اللحوم له انعكاسات إيجابية على صحة المواطن وعلى القدرة الشرائية، حيث من الممكن أن لا يتعدى سعر كيلوغرام اللحوم الحمراء ألف دينار (1000) على الأمد المتوسط، كما له آثار جيدة على الاقتصاد الوطني من خلال تشجيع المستثمرات الخاصة بتربية الإبل والأرانب والماعز وإنتاج وتصدير لحومها». وفي سياق متصل، انتقد رئيس الجمعية بشدة ما تقوم به «مافيا الدواجن» من تجاوزات خطيرة وعمليات مضاربة حول أسعار اللحوم البيضاء، والتي أصبحت تتحكم بقوة في السوق مشكلة ضغطا كبيرا على القدرة الشرائية للمواطن». كما عبّر منور عن استيائه من «هذا اللوبي الذي لا يتردد في القيام بكل شيء، واستعمال الحيل والضغوطات والأساليب الملتوية لمنع الاستثمار في موارد أخرى كلحوم الإبل والماعز والارنب». وأعاب المتحدث على وزارة الفلاحة والتنمية الريفية، «عدم تجاوب مصالحها مع موضوع الملتقى العلمي برفضها المشاركة فيه بحجة أن اهتمامات الساعة تدور حول ملف البطاطا»، وهذا بالرغم من أهميته محور اللقاء بمشاركة مجموعة من الباحثين الأكاديميين من سبع جامعات وطنية». وما زاد الطين بله حسبه «غياب أو قلة البحوث العلمية حول التنوع في استهلاك اللحوم، وكذا تفشي وتجذر ثقافة الاستهلاك المتحجرة لدى المواطن والمانعة لأي اقتراح تنوع وتذوق موارد ولحوم أخرى، ويبقى الواقع المرير بين سلوكيات مافيا اللحوم وعدم اكتراث المسؤولين لأن الابل محصورة في بعض مناطق الجنوب، والارنب مهدد بالانقراض ولحم الماعز من الرفاهيات» . الإبل مورد اقتصادي الاستثمار في تربية الإبل مجال اقتصادي له ميزات كبيرة، حيث يمكن الاستفادة من لحومها وأيضا من والحليب والأجبان والجلود، والكثير من المشتقات الأخرى على غرار الجيلاتين. وبالرغم من تواجد الإبل في مناطق شاسعة من الوطن، الا ان استهلاك لحومها وألبانها يبقى محصورا على سكان المناطق الجنوبية، ولا تتعدى نسبة تناوله 4% من الحجم الإجمالي لاستهلاك اللحوم الحمراء وطنيا. وخلص المتدخلون في النقاش، إلى أنّنا بعيدون عن الاستغلال الجيد والاصح لهذا المورد الحيواني. ويمكن استغلال التكنولوجيات الحديثة في تطوير طرق تربية الإبل، واستغلال لحومها ولبنها وجلودها، والكثير من المشتقات الأخرى.