لا شكّ أنّ فرحة المملكة المغربية بالموقف الاسباني الجديد حول الصحراء الغربية، والذي اعتبرته مكسبا تاريخيا، ستتحوّل قريبا إلى خيبة أمل كبيرة بعد الرّفض والاستنكار المتنامي الذي أبدته الهيئات الدولية الفاعلة لتخلي مدريد عن سياسة الحياد واصطفافها إلى جانب الاحتلال. الموقف الإسباني الشاذ سوف لن يجد مكانا للتطبيق على أرض الواقع ما دامت الأممالمتحدة نفسها، وهي التي ترعى جهود تسوية هذه القضية ترفض أيّ حلّ أحادي الجانب، وتتمسّك بتسوية يقبلها طرفا النزاع ولا يفرضها أحدهما. وبهذا الخصوص قالت صحيفة «إلموندو» الإسبانية، «إنّ الأممالمتحدة رفضت إعلان حكومة إسبانيا عن دعمها للحل الأحادي الجانب الذي طرحه المغرب كحلّ لقضية الصحراوية». وقالت وكالة الأنباء الإسبانية، إنّه في أول تعليق للهيئة الأممية على الخطوة الإسبانية، حثّ المتحدث باسم الأممالمتحدة ستيفان دوجاريك، جميع الأطراف على ضرورة الالتزام الكامل بالعملية السياسية التي تشرف عليها الأممالمتحدة. وقالت الوكالة إنّه رداً على سؤالها حول الموقف الإسباني، دعا دوجاريك أطراف النزاع في الصحراء الغربية إلى دعم جهود المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا «الهادفة إلى استئناف العملية السياسية للتفاوض بين الأطراف». أوروبا مع الحل العادل أكّد الممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية جوزيف بوريل، أنّ «موقف الإتحاد الأوروبي من النزاع في الصحراء الغربية ثابت ولم يتغير، وهو التأكيد على مركزية الأممالمتحدة وقراراتها ذات الصلة في مسار التسوية السلمية للنزاع». وفيما يخص حل القضية الصحراوية وطبيعته، شدّد المسؤول الأوروبي، على أنّ الاتفاق على الحل، هو مسؤولية حصرية لطرفي النزاع في إطار الأممالمتحدة فقط، ولا يعود لأي أحد آخر». وكانت المتحدثة بإسم المفوضية الأوروبية للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، نبيلة مصرالي، قد أكدت التزام الإتحاد الأوروبي بدعم حل عادل لقضية الصحراء الغربية وفق القرارات الصادرة عن الأممالمتحدة ذات الصلة لضمان الأمن الاستقرار في المنطقة، مشيرة إلى أنّ المفوضية تابعت تحسن العلاقات بين المغرب وإسبانيا ولكن ليس إلى مستوى تغيير موقفها من نزاع الصحراء الغربية. من جانبها، وصفت جبهة البوليساريو، وعلى لسان أبي بشراي البشير، عضو الأمانة الوطنية المكلف بأوروبا والإتحاد الأوروبي، موقف المفوضية الأوروبية، بالمنسجم مع المواقف المعبر عنها من قبل الإتحاد الأوروبي، والتي تؤكد بشكل صريح وواضح على «الإطار القانوني لحل القضية الصحراوية ألا وهي الأممالمتحدة وقراراتها ذات الصلة»، منوّها بعدم الخلط بين البعد الثنائي في علاقات الإتحاد الأوروبي مع المغرب وضرورة الحفاظ عليها، مع البعد المتعدد الأطراف المتعلق بقضية تصفية استعمار دولي تقود مسار تسويته الأممالمتحدة. وجاء كلام أبي بشرايا، ليصحّح تحريف المخزن لتصريحات المتحدثة باسم المفوضية الأوروبية للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، نبيلة مصرالي، فالمغرب أورد كذبا أنّ المفوضية الأوروبية أعلنت تأييدها لتغيير إسبانيا موقفها من الصحراء الغربية، لكن الحقيقة غير ذلك، فما أعلنته مصرالي هو تأييد التقارب بين مدريد والرباط، لكنها أكدت أن بروكسل تدعّم «جهود الأمين العام للأمم المتحدة للتوصل إلى حل سياسي عادل وواقعي وعملي ودائم ومقبول للطرفين، بشأن الصحراء الغربية».