إنفاق 8 مليار دينار على البحث العلمي سنويا كشف الوزير الأول أيمن بن عبد الرحمان عن إنفاق الدولة على البحث العلمي والتطوير التكنولوجي ما يقارب 57 مليار دينار ما بين 2015 و2021، أيّ بمعدل يفوق 8 مليار دينار في السنة من خلال صندوق خاص دون احتساب المخصّصات المالية ضمن ميزانيات الدوائر الوزارية ومؤسسات الدولة الأخرى، مؤكدا مساعي الحكومة لتطوير منظومة البحث العلمي وفق نموذج اقتصادي جديد يعتمد على المعرفة والابتكار. صرح الوزير الأول خلال التنصيب الرسمي للمجلس الوطني للبحث العلمي والتكنولوجيات بحضور أعضاء من الحكومة وأساتذة وباحثين بالمركز الدولي للمحاضرات عبد اللطيف رحال أنّ تمويل قطاع البحث العلمي كان يعتمد على ميزانية الدولة بنسبة 100%، سواء عن طريق الصندوق الوطني للبحث العلمي والتطوير التكنولوجي أو من خلال إعانات الدولة ضمن الميزانيات المخصّصة لمؤسسات البحث القطاعية. وأشار بن عبد الرحمان إلى أنّه تم قبول 124 مشروع بحث من البحوث في المرحلة الأولى والتي تتناسب ومتطلبات المشاريع التي تشكل أولويات في مجالات الأمن الغذائي والأمن الطاقوي وصحة المواطن وستتبعها في مرحلة ثانية قبول دورة بحثية ثانية تشمل 150 بحثا علميا في نفس المجالات الحيوية التي تحقق الأمن القومي بمفهومه الشامل. وأكد أنّ رئيس الجمهورية في برنامجه أولى أهمية قصوى للاستثمار في مجال البحث العلمي وجعله حجر الزاوية في بناء الاقتصاد القائم على الابتكار والحلول المبتكرة بما يتلاءم وإحتياجات جميع القطاعات، خاصة ما تعلق بالصناعة والفلاحة والبيئة لتحقيق التنمية المستدامة، مشيرا إلى أنّ الحكومة تسهر على تنفيذ التزامات رئيس الجمهورية في إطار مخطط عملها في مجال تحسين بيئة البحث العلمي والتكنولوجي وتشجيع إنفتاحه على البيئة الوطنية والدولية ودعم التعاون بين الجامعات ومراكز البحوث والمؤسسات الاقتصادية. واعترف بن عبد الرحمان أنّه بالرغم من الاستثمارات الكبيرة التي خصّصتها الدولة في مجال تطوير البحث العلمي إلا أنّها لا ترقى إلى مستوى التطلعات في نقل حقيقي للمعرفة وتعزيز نتائج البحث في القطاع الاقتصادي والاجتماعي بشكل عام، مضيفا أنّ تصنيف المنتوج البحثي على مستوى مؤشرات التقييم الجادة على المستوى الدولي لم يصل بعد إلى ما تم تسطيره من أهداف، ممّا يستدعي العمل على تطوير أقطاب الإمتياز في تخصّصات معيّنة بالشراكة مع المؤسسات الاقتصادية بما يتماشى والتطور العالمي للتقنيات والحرف ويستجيب لمتطلبات النموذج الاقتصادي الجديد. وفي ذات السياق، أشار إنّ المجهودات المبذولة والإستثمارات في مجال البحث العلمي مكّنت من إنشاء العديد من الهياكل القاعدية للبحث، من بينها مخابر البحث التي وصل عددها نهاية سنة 2021 إلى 1661 مخبر، بالإضافة إلى 29 مركز بحث و43 وحدة بحث و24 محطة تجارب، إلى جانب عدد من الأرضيات التكنولوجية والمنصات التقنية والحاضنات، مشيرا إلى تسجيل ارتفاع في عدد الأساتذة الباحثين المنخرطين في مخابر البحث من 8 آلاف أستاذا باحثا في سنة 2000 إلى ما يقارب 40 ألف أستاذا باحثا نهاية سنة 2021، أيّ زيادة بنسبة فاقت 400%. وتابع أنّه بالرغم الارتفاع الكبير للأساتذة الباحثين المنخرطين في مخابر البحث في الجزائر، إلا أنّ عدد الباحثين الدائمين في مراكز البحث لم يتعدى 2219 باحث دائم وهو ما لا يرقى إلى مستوى التطلعات، بالاضافة إلى عدد طلبات تسجيل براءات الإختراع والتي تتجاوزت 420 براءة خلال سنة 2021، مشدّدا على أهمية تحسين تصنيف الجامعات والمؤسسات البحثية في إطار عمل مدروس ورؤية واضحة وضمن التصنيفات الجادة المبنية على تقييم الإنتاج الفعلي للمنتوج العلمي والتكنولوجي وآثاره على الإقتصاد دون الإنسياق وراء التصنيفات الشكلية والوهمية المبنية على الحضور الإلكتروني فقط للجامعات. وبخصوص مراكز البحث أوضح أنّها عرفت تطورا ملحوظا من بينها المراكز التابعة للوكالة الفضائية الجزائرية التي قطعت خطوات كبيرة، من خلال مختلف البرامج الفضائية الوطنية التي تم إعدادها وتنفيذها، موضحا أنّها نموذجا يحتذى به في مشاريع البحث التطبيقي ووضع الآليات والأدوات الإستراتيجية في خدمة تنمية القطاعات الحيوية كقطاع الفلاحة وإتاحته الحلول التقنية من أجل متابعة الموارد والحماية من الأخطار الطبيعية وغيرها من المجالات ذات البعد الحيوي. وأعطى بعض المؤشرات التي تثبت مدى تطور البحث العلمي والتكنولوجي والتي وجب الوقوف عندها والمتمثلة في مستوى الإنتاج العلمي، مؤكدا أنّ عدد المنشورات العلمية فاق 86 ألف من بينها 219 مسجلة في مؤشر «هيرش» المخصّص لتقييم إنتاجية وتأثير الباحث في المجتمع العلمي، معتبرا بأنّه عدد ضئيل ينبغي أن تجعله الجامعات والمخابر ومراكز البحث هدفا لها نظرا لأثره البالغ على تحسين تصنيف منتوج البحث العلمي الوطني، وبالتالي الرفع من تنافسية باحثينا على المستوى الدولي وهو ما سيساهم أيضا في رفع مستوى الثقة بين مجتمع البحث العلمي والمؤسسة الاقتصادية ممّا يسهل مسعى تثمين البحوث العلمية. وفيما يتعلق بتنصيب المجلس الوطني للبحث العلمي والتكنولوجيا، أفاد الوزير الأول أنّه يعد لبنة أخرى في مسار بناء الصرح المؤسساتي للدولة وتنصيب الهيئات الدستورية التي جاء بها دستور 2020 وفاء بالتزامات رئيس الجمهورية، مضيفا أنّ البحث العلمي من بين إحدى الركائز التي تعوّل عليها الدولة لقيادة قاطرة التحول من النموذج الاقتصادي المبني على ريع النفط إلى نموذج يعتمد على المعرفة والإبتكار وطاقات وكفاءات علمية عالية المستوى وكفاءات تخرجت من الجامعة الجزائرية وأثبتت جدارتها في أعرق الجامعات على المستوى الدولي. تحقيق الأمن الغذائي والطاقوي من جانبه، رافع رئيس المجلس الوطني للبحث العلمي والتكنولوجيات محمد الطاهر عبادلية من أجل تطوير خدمات البحث العلمي في مختلف المجالات ذات الأولوية في برنامج الحكومة على رأسها الصحة والطاقة والأمن الغذائي، مؤكدا السعي لإدماج الفضاء الاقتصادي والاجتماعي وضمان العمل التنسيقي بين القطاعات لتحقيق التطلعات والأهداف المسطرة. وقال عبادلية في مداخلة له أنّ الحكومة لم تدّخر أيّ جهد في تدعيم منظومة البحث العلمي وتخصيص الإمكانيات اللازمة ووضع سياسة وطنية فعالة لا تخصّ الجامعات فقط وإنّما تهدف إلى خدمة الاقتصاد الوطني.