توفير المساعدات ودعم الناشرين الجزائريين ضرورة أجمع ناشرون على تفاقم أزمة الكتاب في الجزائر، وأرجعوا سببها لفوضى سوق الكتاب وتواضع الدعم العمومي، حيث لازالت تكاليف الكتاب مرتفعة نظرا لارتفاع المادة الأولية للطباعة، والضرائب المرتفعة. شخّص مسؤولو دور نشر مشاركين في الطبعة ال25 من الصالون الدولي للكتاب في الجزائر، والتي تدوم فعالياتها إلى غاية الفاتح أفريل المقبل، أسباب أزمة صناعة الكتاب في الجزائر، واقترحوا حلولا للخروج من هذه الأزمة، من خلال توفير المساعدات والدعم للناشرين الجزائريين، وإعادة النّظر في تخفيف القيود على استيراد وتوزيع الكتاب. تخفيف القيود على الاستيراد والتوزيع وفي هذا السياق، قال المدير العام ل»الدار الجزائرية» للنشر، عمار زموري، في تصريح ل «الشعب» إن مشاكل الكتاب في الجزائر تبدأ من المواد الأولية التي تُستعمل في صناعته، وهي مواد مستوردة بالكامل، فأسعارها والضرائب التي تشملها تجعل من صناعته باهظة التكاليف، مما ينعكس سلبا على أسعاره في السوق، ويؤدي إلى تراجع اقتنائه، ومنه تراجع توزيعه. وأضاف المتحدث أن هذا الأمر تسبب في «غلق عديد مكتبات البيع، وأدى إلى تراجع الاهتمام بالقراءة عموما، فلم يعد الكتاب متوفرا، خاصة الكتاب العلمي والفكري الذي يضيف إلى معرفة الإنسان ويرقي من مداركه ووعيه». وأوضح زموري أن الصالون الدولي للكتاب بالجزائر، تحول منذ سنوات إلى الفضاء الأول لتسويق الكتاب وترويجه، وإلى الفضاء الأول الذي يتيح للكتّاب لقاء قراءهم وترويج كتبهم الجديدة التي يصعب عليهم إيصالها للقارئ على مدار السنة، إضافة إلى أن «سيلا» هو نافذة القراء الجزائريين على إنتاج دور النّشر العربية والعالمية كل سنة. وطلب المدير العام للدار الجزائرية السلطات العمومية، دعم الناشرين، وإعادة النّظر في تخفيف القيود على استيراد وتوزيع الكتاب، وأيضا إعفاء المواد الأولية الخام للكتاب من الضريبة. وقال المتحدث: «بدعم الدولة للناشرين وتخفيف القيود، يمكن النهوض بسوق الكتاب في الجزائر، وبإمكاننا من خلالها المنافسة في الخارج سواء في الأسواق العربية أو الغربية، وما يهمنا الآن هو تصدير الفكر الجزائري والتعريف بالإنتاجات الأدبية الجزائرية في الخارج». إمكانيات الجزائر تجعلها رائدة من جهته، قال رئيس نقابة الناشرين أحمد ماضي، «إن الجزائر تملك كل الإمكانيات الهامة لتكون رائدة في مجال صناعة الكتاب في العالم، لكن تواجه الناشرين مشاكل، منها ارتفاع تكاليف طباعة الكتاب، وأيضا عراقيل تصديره للخارج». وأوضح ماضي، أن الناشرون مستعدون لترقية صناعة الكتاب في الجزائر وتطويرها، وقال: «نشكر رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، على مجانية أجنحة العرض، ونحن مستعدون لتطوير صناعة الكتاب، وتصديره نحو الخارج، والمساهمة في الاقتصاد الوطني». وأكد ماضي، أن ترقية صناعة الكتاب، تكون من خلال تقديم تسهيلات ودعم للناشرين، حيث قال: «إلغاء الضريبة نهائيا على الورق والحبر والأقلام وغيرها، حتى نشجع القارئ، هذا يقلل تكاليف الكتاب ويجعل القارئ يقتنيه». وأضاف: «هناك نقطة أخرى، هي مكتبات البيع، اليوم نلاحظ كيف تحول نشاطها إلى محال تجارية ومطاعم الأكل السريع وبيع الأحذية، والقارئ الآن يعاني كيف يقتني الكتاب؟ هل معقول الجزائر ب 58 ولاية، فيها على الأكثر 150 مكتبة على المستوى الوطني، وفي العاصمة لا يوجد أكثر من 15 مكتبة». صناعة تحتاج إلى دعم حقيقي بدورها قالت ممثلة منشورات «الشهاب للنشر» ياسمينة بلقاسم، إن صناعة الكتاب في الجزائر تحتاج إلى دعم حقيقي، وهذا الدعم يكون في إطار المادة الأولية للكتاب من جهة، وأيضا في توزيعه محليا وعالميا من جهة أخرى»، وشددت بلقاسم، على ضرورة تنظيم السوق الوطنية للكتاب، بهدف المساهمة في الاقتصاد الوطني، وأيضا الترويج لإنتاجات الكتاب والأدباء الجزائريين. أما مسؤولة دار ومضة للنشر، سميرة قنون، قالت: «إن معالم صناعة الكتاب في الجزائر غير واضحة، وهناك دول عربية تجاوزتنا بسنوات ضوئية في هذا المجال، فعلى سبيل المثال العراق أو لبنان أو مصر لهم باع كبير وسنوات طويلة في صناعة الكتاب، ونحن في الجزائر حاليا لازلنا في بداية صناعة الكتاب». وأضافت قنون: «من المفارقات التي تبين مدى عمق وتعقيد الأزمة التي تعاني منها صناعة الكتاب في الجزائر، هي أزمة إنتاج، نتيجة غلاء مكونات صناعة الكتاب كالورق والحبر، إضافة إلى الضرائب المرتفعة، وهي الأمور التي لا تجعل من سعر الكتاب أمرا في متناول المواطن البسيط، وبالتالي لا تساعد على إنتاجه، لأنه لن يباع بهذا السعر المرتفع». وتطرقت المتحدثة إلى مشكلة التوزيع، وقالت: «الكتاب يتحرك في عشر ولايات كبرى، بينما يغيب كليا في بقية الولايات، خاصة النائية منها، لغياب شبكات الترويج، مما يحرم القسم الأكبر من الجزائريين من وصول الكتاب إليهم، إضافة إلى مشكلة التمويل، لعجز الكتاب والمبدعين عن تحمل التكاليف الباهظة لإنتاج كتبهم».