اعتبر الخبير الاقتصادي إسحاق خرشي في حديث ل "الشعب"، تناول مجلس الوزراء لرفع العراقيل عن المشاريع الاستثمارية في كل مرة بانتظام، يصّب في إطار مساعي دعم الإنعاش الاقتصادي الذي تتوجه نحو تجسيده الدولة. ذكر الدكتور خرشي، أن الندوة الوطنية للإنعاش الصناعي التي عقدت في ديسمبر 2021، من أجل تشخيص وضعية القطاع الصناعي كشفت عن وضعية كارثية بسبب ممارسات سابقة، حيث أن الاستثمارات كانت متوقفة تقريبا لمدة سنتين وفي نفس الوقت كان هناك تآكل في احتياطي الصرف، بمعنى أن الاتجاه نحو المزيد من الاستيراد، سيؤدي بنا إلى تآكل أكثر في احتياطي الصرف، بالإضافة عدم وفرة للكثير من المنتجات الصناعية التي لم تكن متوفرة بشكل كبير في السوق الوطني، وفي نفس الوقت توجه الدولة نحو سياسة تنويع الاقتصاد الجزائري وخفض الواردات قدر الإمكان، من أجل الحفاظ على العملة الصعبة. ولهذا فإننا وحتى نحقق كل العناصر المذكورة، كان يتوجب علينا دعم القطاع الصناعي، عبر هذه الخطوة، حيث في كل مرة وسيط الجمهورية وبالتنسيق مع وزير الصناعة يعملان بشكل مستمر على رفع العراقيل عن هذه المشاريع. وذكر المتحدث أن مجلس الوزراء يولي أهمية لملف رفع العراقيل عن المشاريع الاستثمارية، لأن رئيس الجمهورية طلب تقديم حصيلة المشاريع التي تم رفع العراقيل عنها كل أسبوعين، وبالتالي تُعرض النتائج على مجلس الوزراء كل أسبوعين حتى يتم تقييم مدى التحسن والتقدم في المشاريع، بالنظر إلى أهداف القطاع ومساعي توفير المزيد من المنتجات في السوق، بعيدا عن التوجه نحو الاستيراد وخفض الواردات خدمة للاقتصاد الوطني. وذكر في هذا السياق، الدكتور خرشي أن عملية رفع العراقيل مستمرة ويجب أن لا تتوقف، مشيرا إلى أن رقم المشاريع التي تم رفع العراقيل عنها في ارتفاع، حيث من إجمالي 915 مشروع كان متوقف، لم يتبق سوى 11 في المائة فقط، وهذا يعني أن عدد المشاريع المتبقية التي ينتظر رفع العراقيل عنها يشكل نسبة قليلة جدا، مضيفا أن ذكر هذا الرقم يعد مؤشرا على وتيرة التقدم في هذا الهدف الأساسي، وهو إنعاش ودعم القطاع الصناعي. كما أن تقديم معطيات حول نسبة التقدم من طرف وسيط الجمهورية حتى إذا كان فيه توقف عن رفع العراقيل عن المشاريع أو كان عددها قليلا، يتم توضيح سبب ذلك ويدل هذا على حرص الرئاسة على دعم قطاع الصناعة وفي نفس الوقت العمل بمبدأ الإدارة بالأهداف، بحيث يتم عرض نتائج عمل الجهات المعنية لقراءة نسبة التقدم وإذا وجدت انحرافات يتم تصحيحها وإذا كانت هناك أشياء إضافية يتم مناقشتها، من أجل الرفع أكثر من نسبة التقدم وهذا مهم. وأشار أيضا الدكتور إسحاق خرشي إلى نقطة أخرى ذكرت في ثلاث آخر اجتماعات لمجلس الوزراء التي سبقت مجلس وزراء، المنعقد هذا الأسبوع، وهي خارطة المشاريع الاستثمارية والتي توضح المناطق الجغرافية لتواجد المشاريع الصناعية التي تم رفع العراقيل عنها ولأي القطاعات الصناعية تنتمي وحجم هذه المؤسسات كبيرة أو متوسطة أو صغيرة، مؤكدا على أن خارطة المشاريع مهمة جدا، من أجل تطوير وتنويع الأنشطة الاقتصادية على بحسب الحاجة. النهوض بالصناعات الكهربائية يرى الدكتور إسحاق خرشي، أن قرارات مجلس الوزراء الأخير تندرج ضمن مساعي الدولة في تشجيع المنتج المحلي وتعزيز تواجده في السوق الوطنية، من خلال دعوة المؤسسات التي تم رفع العديد من العراقيل حولها للنشاط والإنتاج بقوة في مجال الصناعات الكهربائية، وهو أمر في غاية الأهمية لما له من دور كبير في تشجيع هذه المؤسسات الصناعية الوطنية. أوضح الدكتور خرشي في تصريح ل»الشعب»، أن تعليمات رئيس الجمهورية الموجهة للوزير الأول بخصوص النهوض بإستراتيجية الصناعات الكهربائية، ستُساهم في استحداث مناصب عمل جديدة نظرا لحاجة هذه المؤسسات الصناعية لها في الرفع من قدرات إنتاجها لتلبية الطلب الذي سيتزايد وطنيا بعد وقف عمليات الاستيراد في هذا الشأن. وستُساهم هذه القرارات الجيدة بحسب خرشي في تحقيق عائدات مالية مهمة لهذه المؤسسات الناشطة في الصناعات الكهربائية وتعزيز حضورها في السوق الوطنية خاصة بعد تعليمة إدراج ما ينص على ضرورة استعمال المنتوج الوطني، ضمن كل مشاريع الصفقات المختلفة. كما ستتدعم بدورها خزينة الدولة من خلال الضرائب الكثيرة التي ستدفعها هذه المؤسسات، نظرا لنشاطها القوي في السوق الوطنية إضافة إلى تقوية التنافسية بين هذه المؤسسات بالنظر إلى هذا الإجراء، وخصوصا مع الأجانب، الذين يرغبون في الفوز بالصفقات العمومية لضمان الترويج لمنتجات بلدانهم كونهم سيقومون تلقائيا بعملية الاستيراد من دولهم لهذه المنتجات وتصديرها للجزائر بأموال الجزائريين في إطار تشجيع التاجر الأجنبي لمنتجات بلده، وهو ما يتنافى والتوجه الاقتصادي الجديد للدولة الجزائرية القاضي بالتقليل قدر المستطاع من الصادرات للمنتجات الممكن إنتاجها محليا في إطار الحفاظ على العملة الصعبة. وبخصوص أوامر الرئيس لوزير الطاقة بمعاينة، وجرد كل واردات الشركة الوطنية للكهرباء والغاز، وذلك بالشروع الفوري في منع استيراد ما يُصنّع وطنيا، من المولدات والمحولات والكوابل، وغيرها من التجهيزات، ذات الجودة المطلوبة، فيرى خرشي أنه إجراء مهم جدا تشجيعا للمستثمر الجزائري، يخدم المؤسسات الجزائرية الناشطة في مجال الصناعات الكهربائية إضافة إلى تحسين مؤشر الأداء لديها من خلال تحسين الإنتاجية والحصة السوقية والإيرادات الخاصة بها الأمر الذي من شأنه خفض الواردات وبالتالي تحقيق ميزان تجاري موجب، مع الحفاظ على العملة الصعبة وكذا تخفيف الضغط على العجز الميزانياتي، وهو حاليا ناقص 30 مليار دولار. عملية الجرد هذه يضيف خرشي ستكون ذات فائدة لقطاع الصناعات الكهربائية وتحقيق معدل نمو جيد يساهم في الإنتاج الوطني الخام، معتبرا القرار فرصة ثمينة للمقاولين والمستثمرين من أجل الدخول بقوة لهذه السوق الخاصة بقطاع الطاقة. كما يرى خرشي في قرار الرئيس تبون الموجه لوزراء قطاعات الصناعة والتجارة والتعليم العالي، بالتنسيق مع الوزير الأول في استحداث مخابر تقييس ومراقبة، للأجهزة الكهرومنزلية المستوردة، التي تتسبب في كثير من الحوادث المنزلية الخطيرة، والمستهلكة للطاقة بإفراط، قيمة مضافة في حد ذاتها. وتساهم هذه المخابر في تحسين مناخ الأعمال بالجزائر وتطويره، ضبط استهلاك الطاقة المفرط من طرف هذه الأجهزة ما سيساهم في تخفيف التكاليف الخاصة بترميم المنازل والمصانع التي تتعرض للتخريب جراء هذه الحوادث، مع الإشارة إلى أن الدولة تقوم بدفع تعويضات مالية لأصحاب هذه المنازل والمصانع التي تشهد حوادث جراء استخدام هذه الأجهزة الخطرة. وثمن خرشي تعليمات الرئيس الخاصة بالانفتاح على كل المتعاملين الاقتصاديين الناشطين، في مجال الصناعات الكهربائية، ودعوتهم إلى تنظيم معرض خاص، بهذه الصناعات، للتعريف بها واستعراض فرص إرساء شراكات بينية، لتطوير نشاطاتها، في إطار الديمقراطية التشاركية، إضافة إلى توفير فرص تعارف خاصة بالعمل ما يشجع تطوير هذا القطاع وطنيا وجذب شراكات أجنبية ضمن تفعيل الدبلوماسية الاقتصادية من خلال المعارض الخاصة بهذا القطاع. وختم خرشي الحديث بالتأكيد على أن مخرجات مجالس الوزراء تتماشى تماما والتوجه الاقتصادي الجديد للجزائر ضمن مخطط رئيس الجمهورية لدعم الصناعة بمختلف أنواعها، لتحقيق وثبة اقتصادية تعالج الاختلالات التي شهدتها البلاد سابقا في هذا القطاع المهم والحساس.