كشف الخبير الاقتصادي، إسحاق خرشي، في حديثه حول ما جاء به بيان مجلس الوزراء في شقه المتعلق بالنهوض بالصناعات الكهربائية، بأنّ رئيس الجمهورية أمر بمباشرة فورية لإحصاء المنتجين في الولايات التي تعرف حركة صناعية قوية بالتنسيق مع ولاة الجمهورية، ويعني ذلك حسب محدثنا ضرورة التواصل مع المصنعين الكبار الناشطين في مجال الصناعات الكهربائية، معتبرا أنّ لهذه الخطوة أثرها الإيجابي من الناحية الاقتصادية والتي ستسمح برسم سياسة خاصة بالصناعات الكهربائية في بلادنا. أكد خرشي ل»الشعب» أهمية معرفة أماكن تواجد المصنعين الكبار والمناطق الجغرافية التي يتمركزون فيها بكثرة، من أجل التركيز على الاستراتيجية الجديدة لشعبة الصناعات الكهربائية على أكثر المناطق التي ينتشر فيها هذا النوع من النشاط، لأنّه من المهم جدا معرفة التموقع الجغرافي للولايات التي ينشط فيها كبار المصنعين ومدى قرب هذه الولايات أو بعدها عن الميناء وكذا دراسة احتمالات الاستيراد أيضا. وذكر الخبير الاقتصادي بأنّ رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، أمر بجرد وطني لكل التخصصات وأصناف وطبيعة منتجات الكهرباء في الجزائر، بهدف معرفة ما الذي ننتجه محليا، لأنّ الصناعات الكهربائية في الجزائر لا تنتج كل المواد وبالتالي عملية الجرد والإحصاء، ستمكننا من معرفة المنتجات التي لاننتجها وبالتالي نلجأ إلى استيرادها. وعن الأهمية الاقتصادية المرجوة من هاتين الخطوتين، أكد المتحدث أنها تكمن في إحداث ثنائية إنتاج أواستيراد، بحيث إما أن ننتج هذه السلع غير الموجودة في السوق المحلي أو نستوردها، كما أنّ اعتماد هذه القاعدة سيؤدي إلى خفض أسعار المواد التي تدخل في إطار الصناعة الكهربائية، لأنّ العمل بثنائية إنتاج أو استيراد سيسمح بتوفير المعروض السلعي وتصبح السلع متوفرة في السوق، وبالتالي ينخفض سعرها، لأنّها تنتج في السوق الوطنية وإذا وجدنا بأنها غير موجودة بحسب الإحصائيات، نتوجه حينها إلى الاستيراد. وقال الخبير الاقتصادي إنّ هذه الاستراتيجية مهمة أيضا، من ناحية التركيز على مناطق دون أخرى، فمعرفة أين تتوفر بعض المنتجات، سيمكننا من تجسيد فكرة استحداث أقطاب صناعية، تساهم في جعل كل منطقة تتميز بإنتاج سلع معينة، لا تنتج في مناطق أخرى وهكذا. أما النقطة الثانية التي وردت في بيان مجلس الوزراء الذي عقد، الأحد، فقد كانت تخص العمل وفق سياسة صناعية، تضمن حاجيات السوق الوطني أولا، ثم التصدير ثانيا، ويعني ذلك بحسب محدثنا بطريقة غير مباشرة إغراق السوق الوطنية بمنتجات الصناعة الكهربائية الوطنية، دون محاولة إدخال هذه المنتجات في إطار الصادرات الخاصة بقطاع المحروقات. وأشار إلى أنه إذا أردنا دعم الصادرات خارج إطار المحروقات، فإننا يجب أن نحافظ على ضمان احتياجات السوق الوطنية من منتجات تابعة للصناعة، لذلك قال رئيس الجمهورية هنا «العمل وفق سياسة وطنية تضمن حاجيات السوق الوطنية أولا ثم التصدير ثانيا». وتوقف عند النقطة المتعلقة بالتنسيق المستمر بين قطاعات الصناعة والطاقة والتجارة لبلورة إستراتيجية وطنية متكاملة للنهوض بالصناعة الكهربائية، وهذا لأنّ الصناعة الكهربائية شعبة من الصناعة ككل أولا وهي تتداخل مع قطاعات أخرى كقطاع الطاقة، لإنتاج أعمدة كهربائية وكوابل تتطلب توفر مواد كالحديد والنحاس وغيرها وتلتقي هذه الشعبة مع قطاع الطاقة، لذلك يجب أن يكون هناك تنسيق ما بين قطاع الصناعة وقطاع الطاقة، حتى يمدنا قطاع الطاقة بالاحتياجات والكميات المطلوبة والمشاريع المعروضة في قطاع الطاقة حاليا ومستقبلا. وبالتالي، يمكن لشعبة الصناعة الكهربائية الاستعداد، من أجل تلبية هذا الطلب الحالي ومواجهة الطلب المستقبلي أيضا، لذلك تمت الإشارة -كما قال الدكتور إسحاق خرشي- إلى ضرورة التنسيق المستمر وكذلك الأمر مع قطاع التجارة، لأنّ الأمر يتعلق بالتسويق، أيّ تحديد الأسعار وكيفية توزيع هذه المنتجات للوصول إلى إستراتيجية وطنية متكاملة، وحتى تكون هناك نهضة للصناعة الكهربائية التي تستوجب أن يكون هناك تنسيق بين قطاع الصناعة في حد ذاته وقطاع التجارة وقطاع الطاقة. وذكر المتحدث، في سياق متصل، أنّ وزير الصناعة أحمد زغدار، من جانبه تحدث مؤخرا على إستراتيجية وطنية لدعم الصناعات الكهربائية، حيث ذكر أنه سيتم اعتماد نموذج كلوستر أو»العناقيد الصناعية» وهي عبارة عن مجموعة من المؤسسات، كل واحدة منها تكمل عمل الأخرى، هذه هي الإستراتيجية التي سيعتمد عليها قطاع الصناعة بخصوص شعبة الصناعات الكهربائية، مشيرا إلى أنّها تشبه إلى حد ما مناطق النشاطات، بحيث تكون هناك درجة تنسيق كبيرة وعالية وتعاون ما بين المؤسسات. أما ما تعلق بالتوقيف النهائي لتصدير النفايات الحديدية، بدءا من نهاية مارس المقبل وتوجيهها نحو السوق الوطنية لدعم الصناعة، ريثما يتم ضبط السوق وفق دراسة عميقة للصادرات والواردات في هذا المجال، فالهدف منها هو محاولة التوجه لرسكلة النفايات الحديدية والبحث لها عن مدخل لتدعيم الصناعة واستغلالها محليا، دون تصديرها للخارج ووفق دراسة عميقة للصادرات والواردات في هذا المجال والتي هي من اختصاص المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي، حسبما قال الدكتور خرشي، مضيفا بهذا الخصوص، «من هنا أدعو المجلس الاقتصادي والاجتماعي للتعاون مع وزارة الصناعة في هذا المنحى، وبخصوص إحصاء المنتجين في الصناعات الكهربائية وثنائية الصادرات والواردات المتعلقة بتصدير النفايات الحديدية».