تزامنت هذه السنة الذكرى العاشرة لرحيل أميرة الطرب العربي، وردة الجزائرية، التي تعتبر أيقونة الغناء العربي، حيث شكلت تجربتها الفنية التي امتدت لأكثر من 60 عاما وبرصيد فني يتجاوز 300 أغنية، علامة بارزة في مسار الفن العربي الأصيل. ولدت الفنانة الراحلة وردة الجزائرية، واسمها الحقيقي وردة فتوكي، سنة 1939 بفرنسا من أم لبنانية وأب جزائري، محمد فتوكي ينحدر من مدينة سوق هراس. بدأت الغناء في سن مبكرة خلال الخمسينيات في مؤسسة فنية كان يملكها والدها بباريس، حيث أدت أول أغنية وطنية لها بعنوان «كلنا جميلة» نهاية الخمسينيات، من تلحين الموسيقار اللبناني محمد محسن تمجّد فيها المناضلة الجزائرية جميلة بوحيرد، كما غنّت في أوبيرات «الوطن الأكبر» التي لحّنها محمد عبد الوهاب، بداية الستينيات، لتنطلق بموهبتها الفذة الفريدة باتجاه مسالك فنية مضيئة بالتميز في المشرق. وفي سنة 1972، شاركت المطربة التي تعد رمزا للأغنية العربية بدعوة من الرئيس الراحل هواري بومدين في احتفالات إحياء الذكرى ال 10 لاستقلال الجزائر، حيث أدت أغنية «من بعيد» تخليدا لذكرى شهداء ثورة نوفمبر، حيث شكلت عودتها إلى وطنها وبعد غياب طويل لحظات جد مؤثرة. كما اشتهرت المطربة وردة بأدائها الراقي وعالي الإحساس لأغاني الحب، التي قامت بكتابتها وتلحينها أسماء فنية بارزة للأغنية الشرقية، على غرار محمد الموجي ورياض السمباطي ومحمد عبد الوهاب وبليغ حمدي، الذي كان زوجا لها خلال فترة معينة، وأبدعت معه أعمالا خالدة. واستطاعت أن تكون شخصية مستقلة في الغناء، وأن تثبت نفسها في زمن العمالقة، كما غنت بمختلف اللهجات العربية، وهي وإن كانت معروفة بأغانيها العاطفية، ومنها أغنية «أوقاتي بتحلو» التي لحّنها سيد مكاوي وأدتها سنة 1979، إلا أنه لديها أيضا أغاني وطنية للجزائر والعالم العربي ككل. وعرفت فقيدة الطرب العربي بأدائها لروائع أبرزت نضال ومقاومة الشعب الجزائري ضد المستعمر، من بينها «عيد الكرامة» (بمناسبة الذكرى ال 20 لاستقلال الجزائر) و»الصومام»، وإبداعها في إلياذة الجزائر لشاعر الثورة الراحل مفدي زكريا بعنوان «بلادي أحبك»، التي أدّتها خلال أعياد وطنية عدة. وكان لهذه الفنانة التي تشكّل تجربة فنية فريدة شاملة المعروفة بأغنية «في يوم وليلة» تجربة في السينما، وهي «أميرة العرب» (1963) و»حكايتي مع الزمان» و»صوت الحب» (1973) و»آه يا ليل يا زمن» (1977) و»ليه يا دنيا» (1994)، بالإضافة لمسلسلين للتلفزيون هما «أوراق الورد» (1979) ومسلسل «آن الأوان» (2007). وخلال فترة التسعينيات خاضت الراحلة وردة تجربة جديدة في عالم الأغنية القصيرة، حيث تمكنت من فرض بصمتها ووجودها رفقة جيل المطربين الشباب، بفضل أغاني «حرمت أحبك» و»بتونس بيك» و»نار الغيرة» و»الغربة» و»يا خسارة»، «بلاش تفارق» و»العيون السود» و»الفراق»..وكان ألبومها الأخير بعنوان «اللي ضاع من عمري»، في حين أنها غنت قبل رحيلها بأيام للذكرى الخمسين لاستقلال الجزائر، وكانت بصدد إصدار آخر اعمالها، أغنية وفيديو كليب «أيام»، التي اكتشفها الجمهور بعد وفاتها. وقد تمّ تسويق أكثر من 20 مليون ألبوم عبر العالم لأميرة الطرب العربي وردة الجزائرية، التي توفيت يوم 17 ماي 2012 بالقاهرة إثر سكتة قلبية عن عمر يناهز 72 عاما، وتواري الثرى بالجزائر التي حملتها في قلبها عبر مختلف مراحل إبداعها الفني.