تتقاسم وكالات السياحة والأسفار المنتشرة بربوع الوطن، مع الأسر الجزائرية، مخاوف كثيرة متعلقة بارتفاع كلفة قضاء عطلة الصيف، وتأثيرها على موازنة العرض والطلب، حيث انتظرت الأولى زوال الوباء لتسترجع عافيتها ونشاطها الذي شلّ تماما باعتباره يعتمد على سفريات العمرة بشكل كبير، وتترقّب الثانية نزول الأسعار حتى تتمكن من أخذ قسط من الراحة والاستجمام بعد سنتين من الغلق والخوف من شبح الوباء. يعتبر رئيس جمعية الوكالات السياحية زوهير معوش، موسم الصيف الداخل فرصة للوكالات السياحية والفنادق التي عانت من الركود، من أجل تعويض الخسائر التي تكبّدتها على ضوء وباء كوفيد-19، موضّحا أنّ موسم الصيف 2022 سيكون أيضا فرصة للنشاط السياحي، خاصة وأن الجزائر تستعد لاحتضان ألعاب البحر المتوسط، ما سيسمح لوكالات السياحة والأسفار أن تعرّف وتروّج للتنوع السياحي في الجزائر، ومنه استقطاب سياح جدد من خارج الوطن. وأوضح معوش، أنّ موسم الصيف الحالي سيكون متميزا بوجود متّسع من الوقت للأسر الجزائرية من أجل التخطيط للعطلة الصيفية، لاسيما وأن الوزارة الوصية رتّبت منذ أشهر لهذا الموسم الاستثنائي المتميز بعودة الحيوية والنشاط والحياة العادية، من خلال أرضية عمل تشاركي مع مختلف المتدخلين والمهنيين، فضلا عن دعم الحظيرة الفندقية بالسواحل بمنشآت فندقية وسياحية جديدة، والاتفاقية المبرمة في مجال السياحة والتعاون السياحي بين الجزائروإيطاليا التي ستسهل كثيرا فرص الاستثمار في هذا المجال، بذكر أنّ إيطاليا أحد الوجهات السياحية المفضلة لدى الجزائريين، مشيرا في سياق حديثه إلى أن وكالات السياحة والأسفار الجزائرية بحاجة إلى الدعم في شكل قروض بنكية تتيح لها فرص أوسع للاستثمار في مجال الترويج للتنوع السياحي في الجزائر. وبشأن التكلفة التي سيدفعها الجزائريون من أجل قضاء عطلة الصيف بفنادق الشريط الساحلي الجزائري الخلاب، فلن تقل عن 120 ألف دينار لأسرة من 4 أفراد في فندق من خمس نجوم لمدة 5 أيام، حسب نفس المتحدث، أقلّها 60 ألف دينار لنفس الأسرة في فندق من 3 نجوم، دون احتساب تكاليف الإطعام ومصاريف التنزه، مقارنة مع التكلفة التي تدفعها ذات الأسرة بنفس عدد الأفراد في الجارة تونس. ولم تكن هذه التكلفة المالية التي تخصّص للعطلة الصيفية تشكّل عائقا أو مشكلة بالنسبة للأسر المتوسطة الدخل في السنوات القليلة الماضية، حيث يقتطع المبلغ من مدخرات الأسرة، ويخصّص للتخطيط للعطلة الصيفية التي غالبا ما تفضل الكثير من العائلات قضاءها على شواطئ البحر، غير أنّ تعدد مجالات الإنفاق وتوالي المناسبات والمواسم الدينية حدّ من حظوظ تنفيذ مخططات العطلة الصيفية بالنسبة للكثير من العائلات الجزائرية التي تعاني من تدني القدرة الشرائية وارتفاع الأسعار والإجهاد المالي، حيث عادت العطلة الصيفية بالنسبة لها مجرد مناسبة تنقطع فيها الدراسة والعمل. وتشتكي الأسر الجزائرية من الغلاء الفاحش لأسعار الإقامة في الفنادق والمركبات السياحية على السواحل، التي توفر الإيواء للسياح بمبالغ مرتفعة جدا تزيد عن معدلها في حال إضافة خدمات أخرى على غرار الإطعام وحضور السّهرات الفنية، الأمر الذي يدفع الجزائريّين إلى تفضيل كراء منازل الخواص على المناطق الساحلية بأسعار تناسب قدراتهم المالية، تتراوح غالبا بين 5 آلاف و8 آلاف دينار لليلة و الأسرة الواحدة مهما تعدّد أفرادها، في حين تنزل أسعار كراء المنازل الصيفية بالمناطق الساحلية كلما ابتعدت عن شاطئ البحر. فحسب «محمد- ب» (متقاعد)، اعتاد أن يمضي عطلته الصيفية مع أحفاده وأسرته المتعددة الأفراد، بمدينة عيون الترك الساحلية بوهران، بتكلفة 150 ألف دينار لمدة شهر، يساهم فيها جميع أفراد الأسرة الموظفين بعد أن يتّفقوا جميعهم على موعد معين للاستفادة من عطلتهم السنوية، مشيرا إلى أن قضاء عطلة الصيف على الشاطئ من بين المسائل التي لا يتردّد حولها النقاش، بعد أشهر من التعب والضغوطات، وسنتين من الحجر الصحي والخوف من الوباء، أما عائلات أخرى على غرار أسرة «حورية» الموظّفة بقطاع خاص، فقد شطبت التخطيط لعطلة الصيف إلى أجل غير معلوم، لاعتبارات تتعلّق بضعف إمكانياتها المالية التي تراجعت بفعل غلاء المعيشة.