يبدأ عدد كبير من الجزائريين، مباشرة بعد انقضاء أيام عيد الفطر في حزم حقائبهم لقضاء عطلهم السنوية، في مناطق سياحية داخل وخارج الوطن، ويسعى الكثير إلى استغلال كل يوم فيها بعد تقلص فترة العطلة إلى أقل من شهرين (جويلية وأوت) بسبب تزامن شهر رمضان هذه السنة مع بداية موسم الاصطياف. ولم يعد قضاء موسم العطل مقتصرا على الميسرين فقط بل أصبح يشمل حتى محدودي الدخل في ثقافة هي أيضا جديدة على مجتمعنا وصار يخصص لقضاء الإجازة ميزانية خاصة يتم التحضير لها لعدة أشهر مسبقا. واضطرت الكثير من العائلات الجزائرية إلى إلغاء مشروع العطل، تبعا لعدة أسباب منها الأعراس، التي تتطلّب تحضيرات خاصة ومصاريف كثيرة سواء كانت العائلات التي تحتفل بالزفاف أو أقربائهم، وكذا التهام رمضان لمعظم ميزانية العائلات، وختاما مناسبة عيد الفطر التي أتت على بقايا المدخرات.
تركياوتونس الوجهتان الأكثر اختيارا يظل السفر لخارج البلاد لقضاء العطلة حلما بعيد المنال عن الكثير من الجزائريين نظرا للتكاليف الباهظة التي تثقل كاهله ويكون الأمر أكثر تكليفا إذا قرر اصطحاب أفراد الأسرة معه. فقضاء أسبوع خارج البلاد لعائلة مكونة من أربعة أفراد يكلف ما يقارب 40 مليون سنتيم وهو مبلغ كبير، لكن الذين حالفهم الحظ بقضاء أجازة خارج البلاد فحسب الإحصائيات رسمية أو من خلال إحصائيات الوكالات السياحية فإن تونسوتركيا هما الوجهتان الأكثر تفضيلا من قبل الجزائريين. فلتونس مميزات خاصة ما جعلها مقصد عدد كبير من الجزائريين لقربها من البلاد والعديد ممن يقصدونها يدخلون تونس برا، كما أن معظم المركبات السياحية والفنادق في تونس أسعارها تبدو ملائمة للكثيرين. وقد استقبلت تونس لقضاء العطلة في السنوات الأخيرة خاصة قبل الثورة أكثر من مليون سائح جزائري ولهذا فالجزائري مرحب به جدا في تونس والكل يخطب وده هناك فحتى الرئيس التونسي دعا الجزائريين لزيارة تونس للمساهمة في دعم الاقتصاد التونسي. أما تركيا فقد صارت وجهة مفضلة للجزائريين خاصة بعد الانتشار الواسع للمسلسلات التركية والتأثير الكبير لها على المشاهد الجزائري خاصة بالمناظر الساحرة لاسطنبول. وحسب الأرقام التي قدمتها الوكالات السياحية، أسعار قضاء 10 أيام في فندق 5 نجوم في تركيا مع احتساب تذكرة الطائرة والنقل من المطار للفندق تقدر ب 22 مليون و500 سنتيم بالنسبة للرحلات المنظمة، في حين تبلغ تكلفة السفر لإسبانيا الوجهة المفضلة للجزائريين في فندق 4 نجوم لمدة 9 أيام في غرفة مزدوجة مع احتساب تذكرة الطيران 17 مليون و400 ألف سنتيم. بالمقابل تتراوح أسعار السفر للمغرب لمدة 10 أيام مع احتساب تذكرة الطيران والإقامة في فندق 4 نجوم 12 مليون و900 ألف سنتيم. من جهة أخرى عرفت الشقيقة تونس تخفيضات فيما يخص أسعار الكراء في الفنادق بسبب انخفاض الطلب الذي خلفته الأوضاع الأمنية المتوترة هناك حيث بلغت تكلفة قضاء 8 ليالي في فندق 4 نجوم بالحمامات 4 ملايين و850 ألف سنتيم على أن يتم السفر بواسطة الحافلات انطلاقا من المحطة البرية الخروبة وهو ما سهل على الجزائريين التنقل أكثر. هذا وقد برزت وجهات جديدة بالنسبة للسواح الجزائريين من بينها ماليزيا التي تبلغ تكلفة السفر إليها حوالي 25 مليون لقضاء 5 أيام في فندق 5 نجوم دون احتساب تذكرة السفر، وعن شرم الشيخ في مصر فقد بلغت تكلفة قضاء 9 ليالٍ في فندق 5 نجوم مع احتساب تذكرة الطيران من الجزائر لمصر ومن مصر لشرم الشيخ بحوالي 13 مليون و800 ألف سنتيم.
الإقامة بقرب البحر تتحول إلى كابوس وتلجأ الكثير من العائلات الجزائرية التي لم تسمح لها إمكانياتها المادية من قضاء العطلة إلى التوجه إلى بيوت الأقارب الذين يقطنون في ولايات ساحلية لتتمكّن من زيارة البحر وقضاء أوقات ممتعة. وفي نفس الوقت أصبحت الكثير من العائلات التي تقيم على مقربة من الشاطئ أو في المناطق السياحية تشتكي من كثرة الزوار في فترة الصيف الذي يحوّل بيوتها إلى فنادق غير مأجورة. وتعج المواقع الإلكترونية الخاصة بإعلانات كراء الشقق في الولايات الساحلية على غرار جيجل، بجاية، تيزي وزو والطارف، يعرضها أصحابها بمبالغ لا تقل عن 3500 دينار لليلة الواحدة على أن يكون الحجز مسبقا، ليصبح قضاء 10 أيام في هذه المناطق لا يقل عن 35 ألف دينار للإقامة فقط. ويبقى هاجس توفير الأمن في المناطق السياحية الساحلية الجزائرية هاجسا يؤرق العائلات التي تفضل قضاء عطلتها هناك بعيدا عن ضغط العمل اليومي وطمعا في راحة بال ولو لأيام معدودات.
عائلات لها من العطلة درجات الحرارة فقط في الوقت الذي تستمتع فيه الكثير من العائلات الجزائرية بعطل صيفية على الشاطئ، توجد أخرى لا تعرف عن فصل الصيف سوى انقطاع أبنائها عن الدراسة والارتفاع المحسوس في درجة الحرارة. هي فئة معتبرة من الجزائريين الذين لا تسمح لهم ظروفهم حتى بشراء مثلجات قد تخفف من حدّة الحرارة. ومن عائلة لأخرى تبقى عطلة نهاية السنة مشروعا يتطلّب التحضير والتخطيط على مدار السنة، خاصة إذا تعلق الأمر بعائلات وأطفال عملوا خلال سنة كاملة وبذلوا أقصى ما لديهم من جهد.