قدم المجاهد يوسف حداد الذي كان ضيف «الشعب» بمناسبة يوم الهجرة خلفيات وأبعاد الأحداث الدموية التي تعتبر مجازر وجرائم دولة ضد الجزائريين الذين خرجوا في مظاهرات سلمية في 17 أكتوبر 1961 كرد فعل عن فرض فرنسا لحظر التجوال والتأكيد على مساندة حرب التحرير.وأكد المتحدث أمس في شهاداته حول يوم الهجرة أن المظاهرات حملت أبعادا وخلفيات سياسية ودعائية خططت لها جبهة التحرير الوطني والفيدرالية التي كانت تنشط بفرنسا وبالتالي فحصرها في التنديد بالوضع والاحتجاج على حظر التجوال ليس صحيحا. وعلى الجميع أن يعي بأن تلك المظاهرات جاءت بعد أيام من انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة نهاية سبتمبر 1961 والتي عملت فيها فرنسا المستحيل لإقناع الرأي العام العالمي بأن القضية الجزائرية داخلية ومنه الرد كان بمظاهرات 17 أكتوبر . المظاهرات كانت مقررة يوم 14 أكتوبر أوضح عضو فيدرالية جبهة التحرير الوطني بفرنسا يوسف حداد أن المظاهرات كانت مقررة يوم 14 أكتوبر 1961 ولأن التاريخ كان يوم خميس تقرر تغييره إلى 17 أكتوبر لتزامنه مع عطلة نهاية الأسبوع وهذا لضمان أكبر قدر ممكن من المشاركين والتغطية على العمال الجزائريين. وأوضح المجاهد يوسف حداد أن التحضيرات وعمليات التحسيس كانت كبيرة جدا لدى أوساط الجالية من أجل الحضور وقد لبوا النداء من كل أنحاء فرنسا وهو ما جعل الفرنسيين يقيمون الحواجز لوقف زحف الجزائريين نحو العاصمة الفرنسية في صورة أرعبت الفرنسيين وجعلتهم في حالة هستيرية عكست إرهابهم لوقف انتفاضة الجزائريين التي كانت سلمية حيث توجهنا بالكثير من الرسائل شددنا فيها على ضرورة سلمية المظاهرات وأذكر أن أعضاء الفيدرالية بفرنسا اتفقوا على كلمة واحدة تصب في «....لا تحملوا معكم ولو سكين». وعاد «ضيف الشعب» إلى حيثيات التحضير للمظاهرات التي خلفت مئات القتلى والكثير من المفقودين الذين لم يظهر لهم أي أثر إلى يومنا هذا وكشف أن تلك الأحداث كانت إمتدادا لمظاهرات 11 ديسمبر 1960 التي اندلعت في الجزائر ضد الاستعمار الفرنسي والتي كانت محفزا لنا من أجل تنظيم أنفسنا للقيام بمظاهرات مماثلة تضامنا مع الشعب والثورة. وبدأت فيدرالية جبهة التحرير الوطني بفرنسا التي كان الراحل محمد بوضياف وراء إنشائها في بداية الخمسينات بسويسرا بعد اندلاع الثورة أين التقى بالكثير من الناشطين على غرار غيراس وطربوش من أجل حشد الدعم للثورة من رحم فرنسا في صورة تؤكد بعد النظر لمؤطري الثورة . وقد شهد ميلاد الفيدرالية ظروفا صعبة جدا بسبب التهجمات والاعتداءات التي قامت بها الحركة الوطنية الجزائرية التي كان يقودها المصاليين الذين لم يحتملوا إنقسام حركة انتصار الحريات الديمقراطية والتخلي عن مصالي الحاج الذي لم يكن متحمسا للكفاح الثوري في 1954 وانتقلت الفتنة إلى فرنسا من خلال الاصطدمات التي حدثت بين هولاء والفيدرالية التي ظهرت جليا فحتى الانقسامات وصلت باريس وبات كل جناح يسيطر على أحياء ومساحات معينة في هيئة تعكس الانشقاقات التي سبقت اندلاع الكفاح المسلح. وقسمت الفيدرالية فرنسا إلى ضفتين من أجل تعزيز التنظيم وكان المجاهد قبايلي موسى في الضفة اليسرى والمجاهد يوسف حداد في الضفة اليمنى لتسهيل عمليات التحسيس والتوجيه والتصدي للدعائية المركزة للمصاليين. الأوضاع المعيشية المزرية كانت حافزا للتضامن نقل المجاهد يوسف حداد صورا رائعة عن تضامن الجزائريينبفرنسا حيث كانت الأوضاع المزرية والفقر المدقع حافزا للتضامن ودعم الثورة عكس ما كانت تتصوره فرنسا التي كانت تحشر الجزائريين في الضواحي الباريسية فيما يشبه القيتوهات التي أنجبت مئات الشهداء. وقال في سياق متصل أن الاشتراكات في صفوف الجالية فاقت 400 مليون فرنك فرنسي وهي المبالغ الضخمة التي حولت لسويسرا بمساعدة مخلصين للثورة الجزائرية وأوضح المتحدث في شهاداته أن عضو الحكومة المؤقتة بن طوبال اعترف بأن 90 بالمائة من أموال الدعم تصل من الجالية حيث بلغ عدد المانحين 120 ألف في بعض الفترات التي شهدت فيها الفيدرالية أوج عطائها خاصة بعد 1958 التي عرفت التحاق «ديغول» بالسلطة. وأشار في سياق متصل إلى خروج النساء الجزائريات في المهجر في 18 أكتوبر للتظاهر من أجل دعم الثورة والمطالبة بإطلاق سراح أزواجهن وإخوانهن وأولادهن وهذا في عديد المناطق الفرنسية من ليون إلى باريس وهو ما أفقد السفاح موريس بابون صوابه وجعله يتخذ إجراءات نارية ضد المتظاهرين وأوكد أن وزير الداخلية الفرنسي آنذاك هو من وفر التغطية للسفاح موريس بابون من أجل قتل الجميع. تحفظ المجاهد يوسف حداد على الاقوال التي تؤكد أن الاشتراكيين ساعدوا الثورة الجزائرية موضحا بأن الكثير من يدعون انتماءهم لليسار الفرنسي قاموا بأبشع الجرائم ومنهم فرنسوا ميتران الذي قام بقطع رأس أكثر من 30 جزائريا وهذه الحقائق يجب أن يعرفها الجميع لتصحيح النظرة نحو هولاء. من هو المجاهد حداد؟ ولد المجاهد يوسف حداد بتاريخ ال 5 أكتوبر 1928 بعين مليلة، تلقى تعليمه الابتدائي بقسنطينة، وقد شرع في النضال ضمن صفوف حزب الشعب الجزائري عام 1946، وكان عمره ال 17 سنة كمناضل بسيط مع كل من حباشي عبد السلام الذي كان مسؤولا بحزب الشعب، وكذا المناضل مشاطي محمد وقيراس، ثم نشط في صفوف حزب حركة انتصار الحريات الديمقراطية، بعدها التحق بالمنظمة الخاصة التي كان يرأسها المناضل قيراس بقسنطينة مع كل من محمد بوضياف، العربي بن مهيدي، حسين أيت أحمد وغيرهم من الوطنيين. وفي الخمسينات اكتشف أمر المنظمة والقي القبض على يوسف حداد بتاريخ ال 6 نوفمبر 1954، وحكم عليه ب18 شهرا سجنا ثم تم نقله إلى سجن سركاجي وسجن البرواقية الذي دشن نهاية أوت 1955. وحسبما أفاد به ضيف«الشعب» فإنه كان رفقة زملائه في النضال أول من دشنوا سجن البرواقية، حيث أنهم حين دخلوا إليه تلقوا الشتائم من طرف الأوروبيات والضرب بالعصي من طرف الرجال، كما ادمجوا المناضلين ضمن سجناء الحق العام، مضيفا بأنه طيلة سجنه جاءت العناصر المسماة «اليد الحمراء» للبحث عنه بمنزل العائلة، وعند خروجه ذهب إلى أقاربه بعين مليلة كي لا يقع في يد هذه الجماعة الإرهابية التي تخطف المناضلين وتقتلهم. بعدها تلقى رسالة من المناضل مشاطي محمد يطلب منه الالتحاق بجبهة التحرير قصد تعزيز صفوفها.