إنسان القدس هو إنسان عين فلسطين..إذ هو تكثيف ناجز، لتهاويل بلادنا التي أثقلها الحزن والصبر..ومازالت تدفع بقلبها القدسي أشواك الطريق وتعصر زنابق الحياة من سنديان العناد والمنازلة للوحش الاحتلالي الذي يطحن عظام الأزهار والصغار وزيتوننا المحارب..إنسان القدس، تاجراً كان، أم مزارعاً، أم عاملاً، أم عاطلاً عن العمل..طلبة..الخ، بحاجة إلى إسنادٍ كافٍ للبقاء على قيد الكرامة والحياة ومواجهة استطالاتهم الذابحة تفكيكاً وطمساً للحقائق والهوية العربية الفلسطينية على جوهرتنا الأبلغ.. وجوهرنا العالي..القدس..هنا، بإمكان المنابر الإعلامية العربية وجمهرة المثقفين العرب أن يطلقوا أحبارهم لإظهار المدوّنة المقدسية ومظاهَرَتها..فلو حبّر كل مثقف وإعلامي مقالاً واحداً عن القدس لجعلنا من القدس موضوعاً يخترق الأبعاد والأمداء..ولكان أضعف الإيمان..ولو قامت كل وزارة ثقافة عربية بتخصيص مساحة لطباعة المدوّنات المقدسية وابتعاث مخبوء الكلام والمخططات المقدسية، لأشاعت حراكاً حول المدينة وعنها يلمع في زمن الظلموت والتراخي الكسول..ولو خصّصت وزارات الإعلام يوماً للقدس ونصرة شعبنا القابض على جمرة الوجود في بيت المقدس..ولو أفردت الفضائيات العربية مداها الرحب لصوت القدس وجرحها الناغر الوسيع..ولو بادرت مؤسسات الثقافة العربية والمشتغلون بالشأن الثقافي العربي لإطلاق مهرجانات وندوات وتظاهرات محمولة على صمود المقدسيين وفضح سياسات الاحتلال..لكانت القدس بخير..ولعرفت – وهي الجديرة بالمعرفة والعرفان – أنها ما تزال ندّاهة الخير والحرية..وأنها ما تزال بوابة الحرب والسلام..وصاعق العالم بأسره. وهذه دعوة بحجم القدس وفضائها فلسطين التي هي على رفّة قلب من العالم العربي، عمقنا الأكيد..لفكّ عزلتها وتفكيك جدران عزلها..فلتكن القدس منارة وسياق عطاء في كل عاصمة عربية..إنّها القدس أيها الأشقاء..أما آن لهذه القدس أن تتحرّر!! أم أن لسان حالها يردّد قولة جدّتنا الخنساء: أعيناي جودا ولا تجمدا..شَهِدْنا ونشهَدْ.