من أخطر القرارات التي خرجت بها القمة العربية الثانية والعشرين في سرت الليبية، ثلاثة قرارات، الأول، تأجيل حل القضية الفلسطينية، وبالتالي تمديد عمر الجراح والأسى واليأس، والثاني هو زيادة ميزانية الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، الثالث، الإبقاء على وصف العلاقة بين العرب وتل أبيب على أنها ''صراع عربي''· رغم أن القمة انعقدت تحت شعار دعم صمود القدس، فقد نجح العرب كلهم في قطع ذلك الدعم، ولم يردعهم أنهم وصلوا إلى القمة رقم 22 أي بعدد دولهم وجماهيرياتهم ومملكاتهم، دون أن يحرزوا مليمترات قليلة من التقدم، حتى ولو كان ذلك في ملف واحد·· أو القضية الأم، فلسطين·· بالاتفاق حول قمة استثنائية أخرى تتابع ما خرجت به قمة سرت كما صرح ''فرغو كوسى'' وليس ''عمرو موسى''، يكون العرب قد أبدعوا وتفننوا في الخنوع لإسرائيل والتنازل لها عن فلسطين وذلك بأبخس الأثمان··''كراسيهم وعروشهم الفانية''· قرارات القمة العربية هذه، إنها لطفرة عظيمة في الذل والهوان الذي ينبغي أن يكتبه الحكام بأحرف من الذهب الخالص كي تحفظه الأجيال، إلى أن يبلغ فلسطين جيل المحررين·· جيل يزيل إسرائيل من على خريطة فلسطين في أواخر عمر البشرية· ولكان من الرجولة وقمة النبل والمروءة أن يخرج حكامنا ورؤساؤنا في قمة سرت ليواجهوا شعوبهم ويقولوا لهم بأنهم ليسوا قادرين على حل قضية فلسطين، ولكان ذلك أصدق وأكبر قيمة عند رعيتهم من أن يبقوا يرتدون أقنعة مطاطية يريدون أن يظهروا بها رجالا·· نعم أقول رجالا، لأن قضية فلسطين اليوم تعدت كونها من المقدسات، والدبلوماسيات والسياسات والاستراتيجيات، فلسطين اليوم، بعدد القمم العربية التي ذبحتها، أصبحت مسألة رجولة ومروءة، يساندها العربيد، والسكير، ولاعب القمار والفاسق والسارق والسافل من كل شارع عربي· فلسطين اليوم إجماع كل أصناف الرجال وأشباه الرجال من العرب إلا حكامهم وملوكهم· لقد دأبت الأقلام أن تكتب عقب كل نقمة ونكسة القمم العربية ما لذ وطاب من سباب وشتائم، تشفي الغليل، لكن هذا لن ينفع اليوم، لأن قرارات القمة الثانية والعشرين هذه، أسقطت فلسطين كلية من أجندتها، وراحت زورا وبهتانا تتذرع بها من أجل وصف علاقاتها الظاهرة منها والخفية بإسرائيل، على أنها جوهر صراع عربي مع إسرائيل··· الصراع مع إسرائيل يتم بالجيوش والحروب والمشي على أشلائنا لتحرير أرضنا فلسطين وليس بمقايضة الأرض، بالسكوت عما يجري في بلدان أولئك الحكام من خروقات·· فذلك تحصيل حاصل أن تطلب مصر على لسان ''فرغو'' زيادة ميزانية الجامعة للتفنن والإبداع في هتك عرض الأرض المقدسة، والبحث عن صيغ أذكى لتمويه الأمة والقول أن هناك صراعا عربيا إسرائيليا·· في هذه الحالة وبخيانة الحكام للقضية، إسرائيل أولى بفلسطين من الحكام العرب، إلى غاية أن يندثر جيلهم ويحل محلهم جيل المحررين، المجد والخلود لكم يا شهداء فلسطين، فمحرروكم قادمون جحافل جحافل·