ليس رياءً أن تشكر كلُ رابية وسهل وجبل وشبل ورجل وأم وأب في أرض فلسطين الطاهرة وجهَ الجزائر الجميل وروحها الثائرة. بل إن تقديرنا وشكرنا أقل من خير الجزائر على فلسطين وأبنائها. نشكرها لأنها لم تترك باباً من أبواب دعم فلسطين إلا وفعلته، ولم تتأخر يوماً أمام نداء فلسطين بالمال والسلاح والقلم والانسان، لم تبخل منذ نالت استقلالها عن استغاثة أهل فلسطين، فقد تقدمت حين تراجع الآخرون، وقدمت من العطاءات حين تقاعس القريب والبعيد، وكتبت الجزائر الثورة والدولة والشعب فصولاً من المجد والعزة والكبرياء حين ظلت دوما مع فلسطين ظالمة أو مظلومة. لقد فتحت الجزائر الثورة والدولة لفلسطين صدر بيتها وجرار زيتها لكل فلسطيني. وأثبتت أنها وريثة الشهداء وبلد الكرم والبذل. لقد فعلت ذلك في صمت الكرماء وسمو أخلاقهم. فعلت ذلك دون أن تقايض أو تساوم أو تدعي أو تتاجر بقضية فلسطين كما فعل الغير. استمرت تقف خلف بندقية فلسطين وحجرها وإرادتها، لأنها تصرفت بأخلاق شعبها ونبل قيادتها وأصالة موقفها القومي والاسلامي. لقد قدمت الجزائر لنا نحن أهل فلسطين من العون خلال عقود بأكثر ما يمكننا عده ولا حصره. فقد فتحت أصابعها العشرة وملأت صدرها بكل الدفء لنا. لكن أعظم ما قدمته الجزائر كان قرارها الاستراتيجي بفتح المجال لطلبة فلسطين للدراسة في الجامعات الجزائرية. ومعاملتهم كبقية الطلبة الجزائريين. لقد امتد عطاء الجزائر لطلبة فلسطين طيلة عقود طويلة. حيث تخرّج عشرات الاّلاف من الطلبة الفلسطينيين من الجامعات الجزائرية. هذه المساعدة الحيوية والضرورية لمرحلة نضالنا ضد محتل غاصب أراد وما زال أن يُغرق شعبنا الفلسطيني بالأمية والتخلّف والجهل ليتمكّن من كسر إرادتنا والسيطرة على تاريخنا وهويتنا. وأن يكرس علاقة غير متكافئة بين طرف متحضر وطرف آخر على هامش التمدّن والتحضّر. مما سيعني بالتأكيد حسم معركته الوجودية والسياسية مع شعب فلسطين. إن الجزائر وهي تفتح أمامنا فرص النجاة من الجهل والتخلّف تؤكد على دعمها للقيمة الاستراتيجية في الصراع مع المحتل وهي قيمة الإنسان ذاته. الإنسان الذي يزيده العلم بصيرة ووعياً وصلابةً وقدرة على مواجهة عدو ملك من المعرفة والعلم ما يحتم علينا أن نواجهه بنفس مستواه المعرفي. فمشكلتنا مع الصهيونية - ومن والاها - هي مشكلة حضارية تستدعي الأخذ بكل مقومات وأدوات العلم والمعرفة والحضارة. إننا اليوم نسجّل للجزائر أنها فعلت مع فلسطين ما لم يفعله أحد على هذا المستوى من الوعي بطبيعة احتياجنا في فلسطين لمزيد من العلم والتعلم والاستنارة. وهو ما وجدناه في بيوت العلم في الجزائر وساحات دراستها وقاعات علمها. إننا نشكرها ونؤكد لكل أهل الجزائر أن كل طالب تخرّج من جامعات الجزائر وعاد إلى أرض فلسطين ما زال يحمل للجزائر وأهلها وحكومتها الحب والعرفان بجميلها. بل أن كل خريج من جامعات الجزائر ويعيش في فلسطين اليوم هو سفير للجزائر في فلسطين. يحمل حب الجزائر وجمالها وكرم أخلاقها وحسن ضيافتها. يا أرض الشهداء يا جزائرنا الحبيبة لك المجد من أرض الأنبياء