من المنتظر، الانطلاق في التصوير الرسمي لفيلم الشهيد البطل «زيغود يوسف» بإشراف من وزارة المجاهدين وذوي الحقوق، شهر نوفمبر المقبل، بعد انتظار دام لأكثر من 9 سنوات، قبل الإفراج عنه بمناسبة الذكرى المزدوجة لهجومات الشمال القسنطيني ومؤتمر الصومام، ليتعزز المشهد السينمائي الجزائري، بفيلم ثوري كبير يتناول مسيرة كفاح الشهيد «زيغود يوسف» الذي له الدور الكبير والحاسم في تغيير مسار الثورة التحريرية، حيث تم بحضور وزير المجاهدين وذوي الحقوق «العيد ربيقة» تصوير مشهد رمزي، جسد لحظة هجوم الشهيد رفقة مجموعة من المقاومين على الجنود الفرنسيين من أمام المدرسة التي كان يدرس فيها الشهيد، ببلدية زيغود يوسف بقسنطينة. الفيلم الثوري للشهيد «زيغود يوسف» الذي كان من المفروض الانطلاق في تصويره، سنة 2013 عرف عدة عراقيل حالت دون ذلك، وبعد محاولات حثيثة لأفراد عائلته في مقدمتهم إبنته «شامة زيغود» للانطلاق في تصويره خاصة مع توفر كافة العناصر المشكلة لقصة كفاح الشهيد، ليتم الموافقة من قبل وزارة المجاهدين والاتفاق على تمويله وبداية تصويره شهر نوفمبر القادم على مستوى بعض الولايات منها قسنطينةوسكيكدة. تليلاني: مشروع تاريخي ضخم أكد السيناريست الدكتور «أحسن تليلاني» في حديث ل»الشعب» كاتب قصة فيلم زيغود يوسف أنه يصور نضال الشهيد زيغود يوسف وكفاحه المرير من أجل تحرير الجزائر، كما يبرز تضحياته الجسام ودوره الرئيسي في إشعال فتيل الثورة وإمدادها بعناصر الالتهاب أكثر وأكثر، وقال إن الخيط الرئيسي الذي تسير وفقه حوادث الفيلم إنما تتمثل في إظهار قوة زيغود في الإعداد للثورة والتحريض عليها ودفع المواطنين نحوها، وقدرته على تنظيمها والسير بها نحو التصاعد، حيث ينطلق الفيلم من مرحلة انخراط زيغود يوسف في المنظمة الخاصة l o s، فيبين دوره السياسي والعسكري في الإعداد للثورة المسلحة، ومن ثمة اعتقاله وسجنه بعنابة ثم تنظيمه لعملية الهروب، وحضوره الفاعل في اجتماع القادة 22، ثم مشاركته في تفجير الثورة وقيادته للولاية التاريخية الثانية، وتخطيطه لهجومات 20 أوت 1955 وإشرافه على تنفيذها، إلى جانب إبراز فكرة انتشار الثورة وقيادة زيغود لوفد الولاية الثانية في أشغال مؤتمر الصومام، لينتهي الفيلم بتصوير عملية الاستشهاد في صورة بطولية ملحمية. كما يظهر الفيلم، بحسب صاحب السيناريو الشهيد «زيغود يوسف» كشخصية شعبية تؤكد على الطابع الشعبي للثورة الجزائرية ورمزا للتضحية والفداء، الفيلم يراهن على الحركة أكثر من رهانه على الكلام مصداقا، لكون شخصية زيغود يوسف بحسب المتحدث في الواقع لم تكن تميل للثرثرة، بل كانت تميل للفعل والحركة، كما أنه فيلم يراهن على الصورة الفنية المؤثرة والصادقة، السيناريو، يقول، كتب انطلاقا من عدة وثائق تاريخية حقيقية إضافة إلى شهادات حية لرفقاء الشهيد، أمثال الوزير السابق للمجاهدين المرحوم «إبراهيم شيبوط»، والمجاهد عمار بن عودة، عضو مجموعة 22 التاريخية. إلى جانب استشارة عائلة الشهيد، أين قامت بمراجعة السيناريو حتى وافقت عليه. واعتبر تليلاني، أن إنجاز فيلم عن زيغود يوسف سيقدم فائدة كبيرة للحركة السينمائية الجزائرية، ذلك أن هذه الشخصية تصلح أن تعرض في مجال السينما فحياتها ومواقفها وصراعاتها والحوادث التي تعرضت لها غنية جدا، «هناك حكاية وحبكة وصراع قوي، وهناك شخصية درامية غنية بالمواقف، العبر والقيم. ثم إنه من خلال هذه الشخصية نقوم بتكريم جيل كامل من الشهداء والمجاهدين الذين ناضلوا إلى جانبه مثل «بن طوبال» و»بن عودة»، «صوت العرب»، «علي كافي»، «إبراهيم شيبوط»، فضلا عن زعماء كبار أمثال «عبان رمضان»، «مصطفى بن بولعيد»، «العربي بن مهيدي» وغيرهم من الشخصيات التي حفل بها السيناريو. فيلم غني بالصوّر القوّية والمشاهد الحيّة المؤثّرة الفيلم، بحسب الدكتور «أحسن تليلاني» ضخم جدا فهو من النوع الحربي الذي يصور بأسلوب فني عدة مراحل من الكفاح التحرري الذي خاضه زيغود يوسف، بداية من تأسيس المنظمة الخاصة إلى غاية الاستشهاد في 23 سبتمبر 1956، إنه غني بالمعارك والبطولات، ومن أجل إضفاء مسحة من الواقعية على حوادث الفيلم، فإن الكاتب «تليلاني» يعتقد أن ولاية سكيكدة تصلح تماما لتصوير هذا الفيلم، فهي منطقة مازالت تحتفظ بكامل ذاكرتها الثورية والحربية حيث الجبال، المغارات، والشعاب، مازالت كما هي تحتفظ بذكرى خطوات الشهداء، الفيلم غني بالصور القوية والمشاهد الحية المؤثرة، منها مثلا مشهد زيغود، وهو في محل الحدادة يعمل حدادا يطرق الحديد ويلاعب النار بقوة، ومنها أيضا مشهد زيغود، وهو يخطط للهرب من سجن عنابة فيصنع مفتاحا، انطلاقا من ذراع ملعقة حديدية زوده بها ابن خالته خفية، مشاهد السجن هي فعلا مشاهد بطولية يتمكن خلالها زيغود الحداد والنجار من صناعة المفتاح المناسب لفتح باب الزنزانة والهرب رفقة بن عودة، بركات، بكوش من خلال سقف السجن الرهيب بعنابة، ومن المشاهد الرائعة نجد مشهد قيادة زيغود لهجومات 20 أوت 1955، هذا بالإضافة إلى معاركه واستشهاده في صورة ملحمية تقشعر لها الأبدان. أما فيما يخص عنوان الفيلم هو «الحداد الثائر»، لكننا يمكن تعويضه بعنوان: «فارس النار»، لأن النار حاضرة بقوة في حياة زيغود وفي مشاهد الفيلم، فالشهيد في الأصل حداد يذيب الحديد بالنار وتعلم من هذه الحرفة أن النار وحدها قادرة على طرد الاستعمار، لذلك نراه يعمل على إشعال فتيل الثورة من خلال انضمامه إلى «لوس» وتحريضه الدائم على الثورة خاصة بمشاركته في اجتماع القادة 22 وإشرافه تحت قيادة ديدوش على اندلاع الثورة بمنطقة الشمال القسنطيني، غير أن النار التي كان يحلم بها زيغود كبيرة وقوية، ولذلك خطط وأشرف على هجومات 20 أوت 1955، وهي الهجومات التي نفذت جهارا في منتصف النهار، وكانت أهم وسيلة فيها، إنما تتمثل في إشعال الحرائق وزرع ألسنة النار في كل مكان يضم مرابع الاستعمار، تلك الهجومات هي التي أشعلت الثورة حقا وأحدثت القطيعة النهائية مع الاستعمار. قوامي علاء الدين: التصوير الرسمي سينطلق نوفمبر المقبل من جهته، أكد «قوامي علاء الدين» مدير الإنتاج السينماتوغرافي للمركز الوطني للصناعة السينماتوغرافية أن عملية اختيار الممثلين لم تنطلق بعد، والتي ستكون مباشرة دون اللجوء للكاستينغ، أين تم حاليا اختيار البعض منهم، على رأسهم الممثل الرئيسي المتقمص لدور الشهيد البطل «زيغود يوسف» الممثل «علي ناموس» بناء على الملامح المتشابهة للشهيد البطل، وباعتبار أنه قدم أعمالا فنية وله دراسات عليا بالمعهد الوطني للفنون الدرامية، العمل السينمائي، بحسب «قوامي» سيكون من إخراج «مؤنس خمار» ومن إنتاج وزارة المجاهدين بالتنسيق والمركز الوطني للصناعة السينماتوغرافي المكلف بتنفيذ مشروع إنتاج الفيلم، ليضيف أن المشهد المصور بحضور وزير المجاهدين «لعيد ربيقة» كان رمزيا ليكون التصوير الفعلي، بداية من شهر نوفمبر القادم، على أن تكون الميزانية العامة للفيلم الذي سيكون من تمويل وزارة المجاهدين بعد توقيع العقود ومباشرة التصوير الفعلي للعمل السينمائي. أما بالنسبة لأماكن التصوير، ستكون على مستوى مناطق رسمية بكل من ولايتي سكيكدةوقسنطينة، كما أكد أنه لا يزال العمل على انتقاء أماكن أخرى لتصوير الفيلم، وفق ما يتطلبه السيناريو، مفيدا أن مدة التصوير ستفوق الشهرين ونصف، ليتم العرض الرسمي على مستوى السينما، ثم بعدها يعرض على مستوى المحطات التلفزيونية. مؤنس خمار: العمل مزيج بين جمالية الرواية وأكاديمية التاريخ أشار المخرج «مؤنس خمار» أن العمل التاريخي يعتبر مسؤولية كبيرة خاصة في تجسيد شخصيات ثورية كبيرة على غرار الشهيد زيغود يوسف، والذي يعتبر ضخما وأكبر من أي عمل سينمائي درامي تم إنجازه سابقا، مؤكدا أن قرار إخراج الفيلم جاء بعد سنوات من العمل المتواصل والبحث الدائم على أهم محطات الشهيد وأدق تفاصيل حياته، وهو شرط من شروط الإلمام بتاريخ الشخصيات الثورية، كما وصفه المخرج بالعمل السينمائي الطموح ولن يسع كل محطات وكفاح الشهيد، إلا أنه سيتم الاجتهاد وتسليط الضوء على جوانب مهمة من مسيرته وتضحياته من الجانب التاريخي، والتركيز أيضا على البعد الجمالي والفني على أساس أن الكتابة الإبداعية تختلف عن الكتابة الأكاديمية، مواصلا في ذات الشأن أن الفيلم سيكون عملا روائيا يروي جوانب محددة من الشخصية الثورية الكبيرة والذي كان لها الدور في إعادة مسار الثورة التحريرية، قائلا: «إن الشهيد البطل يجب أن ينتج له أكثر من فيلم على غرار الشخصيات الأجنبية التي تنتج لهم العديد من الأعمال السينمائية. أما فيما يخص الفترة الزمنية لتصوير الفيلم، قال «مؤنس خمار» أن الإجماع عليها سيكون بعد المعاينات الأولية، من أجل استكمال الصورة الإجمالية قبل الانطلاق في تصوير الفيلم الذي يتضمن سيناريو ثري وقيم تتطلب معالجة درامية تحترم كل المحطات التاريخية. علي ناموس: متحمس جدا لتقمصه شخصية الشهيد الأسطورة كما تحدث صاحب الدور الرئيسي لشخصية الشهيد زيغود يوسف، الممثل «علي ناموس» أنه متحمس جدا لتقمصه شخصية الشهيد الأسطورة «زيغود يوسف» الذي اعتبرها مسؤولية كبيرة أمام التاريخ، حيث لابد على الممثل المؤدي للدور أن يكون مطلعا على مجريات الثورة التحريرية ومحطات التاريخ الجزائري، حتى يتم إنجاح العمل الدرامي الروائي، حيث أكد أن عملية البحث الجيد لتفاصيل الشخصية سر نجاح العمل، قائلا: لا مجال للارتجالية في إنجاز أعمال تاريخية ضخمة تعكس نضال وتضحيات رجال رسموا بدمائهم تاريخ الجزائر الأبية، مضيفا أنه قدم أدوار عديدة في مسلسلات تاريخية على غرار مسلسل «بن باديس»، إلا أن دور بطولي لشخصية تاريخية تعتبر تجربة أولى، حيث قام بدراسة شخصية البطل زيغود يوسف والبحث عن تركيبته الفيزيولوجية والبسيكولوجية وحتى معرفة عاداته وشخصيته من طرف أناس ومراجع عليمة بتفاصيل حياته، مؤكدا أن فريق العمل يقوم بمجهودات جبارة في اختيار الشخصيات التي ستشاركه البطولة وباقي أدوار الفيلم الثوري، إلى جانب اختيار الأمكنة التي تتوفر على معلومات حول الشهيد حتى يكون التحضير متكاملا يضمن نجاح تفاصيل الفيلم الدرامي. بيتور علال: تاريخ الجزائر ثري والسينما فرصة لتسويقه عالميا وفي حديث جمعنا بالدكتور «بيتور علال»، أستاذ تاريخ الجزائر المعاصر بجامعة الجزائر، أكد لنا أن السينما تلعب دورا كبيرا في إيصال جزء من التاريخ للأجيال القادمة، وتعمل على تسويقه عالميا، مؤكدا على ثقته بالفريق الشاب العامل على تجسيد فيلم الشهيد البطل زيغود يوسف على رأسه المؤسسة الوطنية وقال المتحدث، إن العمل سيتناول بعض المحطات الخاصة بالشهيد زيغود يوسف، والتي ستكون فيها رؤيا المخرج والسيناريست موجودة، مضيفا أن عمل سينمائي واحد غير كاف له فمثلا شخصية مثل نابوليون تم انتاج ما يقارب 50 فيلما حولها بمحطات وزوايا مختلفة للإلمام بكل شخصيته، سيما وأن زيغود يوسف غيّر من مسار الثورة الجزائرية وأعاد إحيائها، بعد أن كادت أن تنطفئ خاصة وأن الحصار على الأوراس أثر سلبا على مسارها، لتكون هجومات الشمال القسنطيني التي كانت من تخطيط البطل وكانت منعرجا حاسما في إنعاش الثورة التحريرية.