رفع الشمولية البنكية من أجل ضبط السوق المالية نظام الدفع... نقطة ضعف تهدد المنظومة البنكية الحاجة إلى كفاءات متحكمة في قواعد الشريعة اعتماد تجربة منظومة الصيرفة الإسلامية، وما تعود به من فائدة، يتطلب تهيئة كل عوامل النجاح، ووضع قواعد ومنظومة تتماشى وتطلعات المؤسسات المالية وزبائنها على حد سواء من خلال تكوين كفاءات متحكمة في القوانين المستمدة من مبادئ الشريعة الإسلامية، كتلك المعتمدة في تحرير العقود إلى جانب التسويق لها بصفة تسمح لها من تحقيق رواج في السوق المالية. اعتبر الخبير الدولي في الاقتصاد، الدكتور عبر الرحمان هادف، الصيرفة الإسلامية، إحدى الخدمات المصرفية التي راجت حديثا في السوق المالية العالمية، نظرا لازدياد الطلب على خدمات مصرفية جديدة من طرف مؤسسات اقتصادية ومالية وكذا المواطنين. في نفس الوقت، أضحت هذه الأخيرة، إحدى آليات إعادة بعث السوق المالية، وإعادة هيكلة وعصرنة المنظومة المصرفية بما يتماشى مع متطلبات واحتياجات الزبائن. 40% من الناتج الخام المحلي أوضح الخبير الاقتصادي أن بعث هذا النوع من الخدمات البنكية، بات ضرورة ملحة، فرضته عدة عوامل اقتصادية وتجارية وحتى ثقافية واجتماعية. فمن الناحية الاقتصادية، أصبحت الصيرفة الإسلامية، إحدى الآليات المعول عليها لإنعاش المنظومة المالية واحتواء السوق المالية الموازية وامتصاص رؤوس الأموال المتداولة خارج المسار المصرفي أو البنكي. اعتمادها استطرد يقول سيمكن من التقليل من ثقل السوق الموازية، التي تشهد معدلات اكتساحها للاقتصاد الوطني منحنيات متنامية، إذ أصبحت تشكل أكثر من 40 % من الناتج الخام المحلي.. وبالتالي لابد من تفعيل كل الآليات لاحتوائها. بالنسبة للعوامل التجارية، يضيف الدكتور هادف، تعتبر الصيرفة الإسلامية، من بين الخدمات البنكية ذات الربحية المتبادلة، حيث يمكن أن يتحصل عليها كلا الجانبين من المؤسسات المالية وكذا المتعاملين الاقتصاديين من مستعملي هذه الخدمات. أما العوامل الاجتماعية، فهي تعود لطبيعة المجتمع الجزائري المتشبع بالقيم الدينية ومبادئ الشريعة الإسلامية، ما يجعله أكثر تقبلا وإقبالا على مثل هذه الخدمات كمنظومة بنكية رسمية. تجربة رائدة عالميا وأشار هادف إلى أن السلطات العمومية وأيضا الهيئات المالية والمصرفية، عازمة على تعزيز وتعميم استعمال الصيرفة الإسلامية، خاصة وأن اكبر دول العالم تعتمد هذا النوع من الخدمة المصرفية مثل «سوق لندن المالية»، التي تضم اكبر المؤسسات المالية أين تتم اكبر التعاملات المالية الإسلامية إلى جانب باريس حيث أصبحت كل البنوك الفرنسية تقدم خدمات بنكية إسلامية إلى جانب دول الخليج ودول آسيا الصغرى، مثل ماليزياواندونيسيا اللتين تعتبران رائدتان في مجال الصيرفة الإسلامية، حيث أسست ماليزيا اكبر منظومة مالية بصيغة الصيرفة الإسلامية، كما أنها تقدم حلولا مبتكرة في هذا المجال. كفاءات متخصّصة لإنجاح التجربة اليوم الصيرفة الإسلامية كمنظومة مالية قائمة بذاتها، يضيف هادف، تملك ما تملكه من قواعد وضوابط يجب وضعها من اجل إنجاح هذه الأخيرة التي تتقيد بضوابط الشريعة الإسلامية وبالتالي فالمؤسسات المالية تحتاج إلى هياكل توجيهية كاللجنة الدينية ولجنة الإفتاء كما تحتاج إلى إدراج تخصصات يقوم عليها هذا النوع من الخدمات، خاصة ما تعلق بتحرير العقود وفقا للشريعة الإسلامية والتحكّم في خصوصية الخدمات المقدمة من منظومة الصكوك ومنظومة الائتمان، إلى جانب مرافقة الاستثمار، كخيار اقتصادي لا تراجع عنه، وذلك من خلال خدمات خاصة كالمشاركة والمرابحة والإيجار وغيرها. رفع قيمة الانتماء البنكي الجزائر في هذه المرحلة بحاجة إلى تطوير منظومتها المصرفية، وتمكينها من الاستفادة من مزايا الصيرفة الإسلامية خاصة ما تعلق بالانتماء البنكي الذي مازال ضئيلا، خاصة وأن عدد المواطنين المالكين للأرصدة البنكية لا يتجاوز 50%، في حين يتجاوز عددهم 90 %، في الدول المتقدمة وبالتالي المؤسسات المالية اليوم، مطالبة برفع الشمولية البنكية، من اجل تخفيف ثقل السوق الموازية وتحكم أفضل للكتلة المالية الموجودة في الجزائر، ما سيسمح بتطهير وضبط السوق والرفع من أداء الاقتصاد الوطني. العملة الرقمية... من أجل المواكبة وأضاف هادف، انه إلى جانب الصيرفة الإسلامية، أن الوقت قد حان للتوجه إلى المالية الرقمية، وما يمكن أن ينتج عن رقمنة المنظومة المالية من فوائد التعامل بالعملة الرقمية، حيث بات من الضروري استعمال التكنولوجيات الرقمية في المجال المصرفي، للرفع من نوعية الخدمات وعصرنة المنظومة المالية وخاصة المنظومة البنكية. كما أكد المتحدث، على ضرورة تفعيل قواعد جديدة للنشاط المالي مثل، صناعة الدفع، وهو منظومة قائمة بذاتها، تمتلك مؤسسات خدمات دفع بالموازاة مع المؤسسات البنكية. وقد افتكت صناعة الدفع هذه الأهمية، كون أن المنظومة البنكية بأكملها تبنى على مدى التحكم في تقنيات تسيير الدفع وكذا تسيير التعاملات المالية، وهو ما اعتبره الدكتور هادف، احد نقاط الضعف التي كانت ولازالت تهدد المنظومة البنكية، التي لا زالت تعتمد على طريقة متأخرة. تكوين كفاءات... حسب قواعد الشريعة من الجانب العملياتي، أكد الخبير الاقتصادي، على انه يجب التفكير في وضع منظومة بنكية تتماشى مع معطيات السوق المالية واحتياجات المواطنين، حيث جاءت الصيرفة الإسلامية كنظام يكمل المنظومة القديمة ويغطي حاجيات معينة، لا يمكن لهذه الأخيرة توفيرها.و بالتالي لابد من استحداث بنوك ذات طابع إسلامي، غير البنوك العادية حيث طالما ساد لدى العامة المعتقد الربوي، ما يعتبر عائقا أمام رواج منظومة الصيرفة الإسلامية. كما أن الدولة مطالبة اليوم بتكوين كفاءات تتحكم في تقنيات وقواعد الصيرفة الإسلامية. كما يقترح هادف، إنشاء شراكات مع الدول المتقدمة في هذا المجال مثل ماليزيااندونيسيا وانجلترا من اجل تبادل الخبرات في مجال التكوين والتقنين. واعتبر المتحدث أن إطلاق نظام الصيرفة الإسلامية واستحداث بنوك مختصة في هذا المجال، هو فرصة لفتح المجال أمام المستثمرين والمتعاملين الاقتصاديين وأصحاب رؤوس الأموال من اجل إعادة تنشيط المنظومة المالية الجزائرية من خلال منح تراخيص للقطاع الخاص للاستثمار في المنظومة المصرفية والهيئات المالية.