كانت «الورقة البيضاء» هي الفائزة في الجلسة الأولى التي عقدها البرلمان اللبناني لانتخاب رئيس جديد للجمهورية. لم يوح الجو المحيط بالجلسة منذ البداية باحتمال حصول أي من المرشحين الذين يجري تداول أسمائهم على الأكثرية اللازمة للفوز بالرئاسة، فكتل المعارضة المشتتة انقسمت أصواتها بين ميشال معوض وسليم إده، أما نواب «الثنائي الشيعي» وبعض حلفائهم فقد اختاروا إثبات وزنهم من خلال «الورقة البيضاء» التي نالت 63 صوتاً، إذ إن القرار الحاسم بشأن دعم أي من المرشحين القريبين من «أمل» و«حزب الله» (سليمان فرنجية وجبران باسيل) لم يُتخَذ بعد. ولم تنجح المساعي التي بذلتها قوى المعارضة المتمثلة بحزب «القوات اللبنانية» و«التقدمي الاشتراكي» و«الكتائب» وقوى «التغيير» وعدد من النواب المستقلين بإنجاز تفاهم على اسم موحد يقترعون لصالحه. وهكذا انقسمت أصوات المعارضة بين 36 نائباً صوّتوا للنائب ميشال معوض و11 صوتاً لرجل الأعمال سليم إده، نجل الوزير الراحل ميشال إده، و10 نواب كتبوا «لبنان» على ورقة الاقتراع. وكان لافتاً حجم الشرذمة القائم بين النواب السُنة (26 منهم حضروا الجلسة)، الذين انقسموا على أنفسهم لغياب المايسترو القادر على جمع العدد الأكبر منهم في كتلة واحدة بعد عزوف المرجعيات السنية عن خوض الانتخابات النيابية. هكذا إذن، أخفق البرلمان اللبناني في انتخاب رئيس جديد للبلاد خلال جلسة عقدها الخميس، لاختيار خليفة للرئيس الحالي ميشال عون الذي تنتهي ولايته في 31 أكتوبر. وأعلن رئيس مجلس النواب نبيه بري أنه سيدعو لجلسة جديدة عندما يكون هناك توافق على مرشح. وعُقدت جلسة انتخاب رئيس الجمهورية في ساحة النجمة برئاسة بري. وكان النِّصاب قد تأمّن داخل القاعة العامة في حضور 122 نائباً وغياب نائبين هما سليم الصايغ وستريدا جعجع واعتذار 4 نواب. وقال بري قبل رفع الجلسة: «إن لم يحصل أي توافق لا يمكننا أن ننتخب لا رئيس ولا مجلس نيابي ولا لبنان، وفي المرة المقبلة حين أشعر بأنه يمكن أن يحصل توافق سأدعو فوراً إلى جلسة ثانية». ويبدو أن غياب التوافق على مرشح سيعني بقاء منصب الرئيس شاغراً عندما تنتهي ولاية عون، في وقت يعاني فيه لبنان من أزمة اقتصادية حادة. وسبق أن شغر منصب الرئيس مرات عدة منذ الحرب الأهلية التي دارت بين عامي 1975 و1990.