تعود الجزائر إلى الواجهة الدولية من خلال القمة العربية الجامعة التي تحتضنها مطلع شهر نوفمبر، تيمّنا بالكفاح الذي خاضته الدبلوماسية الجزائرية، منتصف الخمسينيات بالقمم الأممية والآفرو- آسيوية، سرعان ما تكللت تلك الجولات والجهود بكتلة تأييد دولية وإفريقية، ساهمت هذه الأخيرة في تغيير مسار الكولونيالية الجديدة بوصفها استعمارا بكل المقاييس والمفاهيم، يتنافى والمواثيق الأممية والشرعية الدولية. بين اليوم والبارحة، تكاد الظروف تكون واحدة وإن تعددت أوجه الاستعمار المباشر واختلفت الأدوات. ما تزال العقيدة الدبلوماسية الجزائرية تحمل جينات المفاوض العارف المطلع، والرؤية الصائبة تجاه القرارات المصيرية التي لا تتأثر بالإملاءات، مهما كانت جهتها، ولا تعترف بالضغوط مهما بلغت مستوياتها، وبقيت على مواقفها الثابتة تجاه قضايا التحرر في العالم، أهمها القضية الفلسطينية، مسجلة رفضها لأي تدخل خارجي في الشؤون الداخلية المصيرية. تحولت بعض المواقف الدبلوماسية إلى جبهات صمود لدول كانت مهددة بالفوضى والمؤامرة، وظلت تلك المواقف على عهدها لم تتغير ولم تؤثر فيها التحولات الاجتماعية وانعكاساتها على الجبهتين الداخلية والخارجية، كلفتنا دفع الضريبة لبعض القرارات أملتها عقيدة الحياد؛ حياد يخص الشؤون الداخلية للدول وليس حياد العدوان والتعدي على حقوق الشعوب وسيادة الدول. كل الأنظار تتجه صوب العاصمة الجزائرية، يوم الحج العربي الأكبر، يحضره كل القادة والزعماء يجلسون إلى طاولة النقاش والتفاوض، ويجمعهم المصير الواحد المشترك، فالرهان قائم على الجزائر للعب دورها المحوري في المنطقة العربية، بعد تغييرات طرأت على الخارطة الدولية وظهور توترات جديدة في العلاقات الدولية، قد تغير هذه الأخيرة شكل القوى النافذة والمسيطرة في العالم.