حين سطّر الراحل محمود درويش جملته الشعرية الخالدة «على هذه الأرض ما يستحق الحياة»، والتي جاءت في قصيدة تحمل نفس الاسم ضمن ديوان «ورد أقل» الذي صدر في العام 1986؛ حينها كتب: سأقطع هذا الطريق الطويل إلى أخره، كأنه كان يعلم أن حلم العودة إلى فلسطين قد أوشك أن ينبلج! فكأن قمة الإبداعي الأدبي والسياسي الذي أعده محمود درويش وإخوانه قد أصبح جاهزاً ليتلوه القائد العام الرمز ياسر عرفات في الجزائر صبيحة يوم الخامس عشر من نوفمبر من العام ألف وتسعمائة وثمان وثمانين؛ على شكل «إعلان الاستقلال» من الجزائر! ولكن لماذا الجزائر؟! بالقطع لأنها عاصمة «النبض الفلسطيني» فيها وُلد الحب لفلسطين، وفيها يتخلد بلا منافس! ومنذ ذلك اليوم؛ وقطار العودة إلى الأرض لازال ينقل العائدين للوطن، وقد نال الكثير منهم «وسام الشهادة» إلى جوار القائد، لأن ما على هذه الأرض يستحق «الشهادة»! ولما لا؟! وهي الحياة الأبدية! لكن السؤال اليوم، ما هو موقع «وثيقة إعلان الاستقلال» في نفوسنا بعد مُضي 34 عاما على صدورها؟! لعلنا شهدنا ملامح هذا «الإعلان» في القمة العربية قمة لم الشمل في مركز الجزائر الدولي للمؤتمرات عبد اللطيف رحال حيث سمع القادة العرب أخبار نجاح الجزائر في إحداث اختراق هام في جدار «الانقسام الفلسطيني»، وإعادة اللحُمة والوئام بين الأشقاء في قصر الصنوبر، لتعود الذاكرة بالجميع إلى «إعلان الاستقلال»! في الحقيقة أن هذه الوثيقة؛ تعتبر بمثابة «الميثاق» أو الإعلان الدستوري الأعلى الذي يلتزم به الفلسطينيون، وهي البوصلة التي تُحدد المسيرة، والمسار! هذه الوثيقة؛ وإن شكلت مقطوعة أدبية رائعة، إلا أنه اليوم من الضرورة بمكان سبر أغوارها القانونية؛ من أجل استكمال كفاحنا لإنهاء «الاحتلال الاستعماري الاستيطاني» في فلسطين، فقد كان هذا الأسبوع يحمل بشائر توجه قانوني جديد إلى محكمة العدل الدولية لمناقشة هذا «الاحتلال»! الوثيقة أكدت على العديد من الحقائق القانونية، منها: • بالثبات الملحمي في المكان والزمان، صاغ شعب فلسطين هويته الوطنية، وأن ديمومة التصاق الشعب بالأرض هي التي منحت الأرض هويتها. • أن الأكذوبة القائلة: «إن فلسطين هي أرض بلا شعب» ما هي إلا تزييف للتاريخ. • أن المجتمع الدولي في المادة 22 من ميثاق عصبة الأمم لعام 1919، وفي معاهدة لوزان للعام 1923 قد اعترف بأن الشعب العربي الفلسطيني شأنه شأن الشعوب العربية الأخرى، التي انسلخت عن الدولة العثمانية هو شعب حر مستقل. • أن قرار الجمعية العامة رقم 181 عام 1947م، ما زال يوفر شروطاً للشرعية الدولية تضمن حق الشعب العربي الفلسطيني في السيادة والاستقلال الوطني. • أن «الاحتلال» هو انتهاك صارخ لمبادئ الشرعية ولميثاق الأممالمتحدة ولقراراتها. • أن الشعب العربي الفلسطيني له الحق الطبيعي والتاريخي والقانوني في ممارسة حقه في تقرير المصير والاستقلال السياسي والسيادة فوق أرضه. • إن دولة فلسطين دولة عربية هي جزء لا يتجزأ من الأمة العربية، تلتزم بمبادئ الأممالمتحدة وأهدافها. هذه الملاحظات العاجلة؛ لما جاء في «إعلان الاستقلال» من الجزائر لازالت تؤكد على أننا مع البوصلة الصائبة في الخلاص من «الاحتلال الأقذر» في التاريخ! ولعله من حُسن الطالع؛ أن استضافت «الجزائر» عاصمة إعلان الاستقلال القمة هذا الوقت لتؤكد على أن قلوب العرب لازالت عامرة بالحب والخير لفلسطين، وأنهم ماضون يداً بيد حتى إنجاز الاستقلال، من خلال محكمة العدل الدولية، أو غيرها من الوسائل التي سيكشف عنها المستقبل! لأننا كما قال درويش؛ نحبُّ الحياةَ غداً، عندما يَصِلُ الغَدُ سوف نحبُّ الحياة كما هي!