احتضنت جامعة بسكرة أشغال الملتقى الوطني «المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام في السياق الرقمي». وسعى الملتقى إلى تحديد مفهوم المسؤولية الاجتماعية وخلفياتها التاريخية والنظرية والفلسفية، ومحاولة إجراء مراجعات تطبيقية عليها أخذا بعين الاعتبار تحولات عناصر العملية الإعلامية والاتصالية. كما رمت هذه التظاهرة إلى تشخيص واقع الحروب الناعمة وتطبيقات أجيال الويب، وتسليط الضوء على مخاطر تكنولوجيا الاتصال ونظم المعلومات وتهديدات الأمن السيبراني. نظم «مخبر الدراسات التاريخية والحضارية للأوراس والصحراء الشرقية عبر العصور»، التابع لقسم العلوم الإنسانية بجامعة «محمد خيضر» بسكرة، بحر الأسبوع الماضي، ملتقىً وطنيا حول «المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام في السياق الرقمي». وفي كلمته التي استهل بها التظاهرة العلمية، تطرق الدكتور محمود عياد، رئيس الملتقى، إلى إشكالية هذا الأخير المرتبطة بالأدوار المنوطة بوسائل الإعلام تجاه الجمهور والمجتمع، وتقاطعها مع الإحداثيات التي فرضتها الوسائط الرقمية والتكنولوجيات الحديثة. كما أشار إلى أهداف الملتقى وأهم محاوره. ومن بين هذه الأهداف، نذكر تحديد مفهوم المسؤولية الاجتماعية وخلفياتها التاريخية والنظرية والفلسفية، باعتبارها إحدى النظريات الكبرى الموجهة للممارسة الإعلامية خلال العصر الحديث. إضافة إلى محاولة إجراء مراجعات تطبيقية عليها أخذا بعين الاعتبار خصائص تكنولوجيات الإعلام والاتصال، والتحولات التي حدثت على عناصر العملية الإعلامية والاتصالية. كما يهدف الملتقى إلى تشخيص واقع الحروب الناعمة وتطبيقات أجيال الويب، والوقوف على أهم الرهانات التنظيمية والمهنية التي تواجه ممارسي مهنة الإعلام في السياقات الرقمية، وتسليط الضوء على مخاطر تكنولوجيا الاتصال ونظم المعلومات وتهديدات الأمن السيبراني. إلى جانب مناقشة آفاق النشاط الإعلامي في البيئة الرقمية وأبعاده التنموية والاجتماعية، خاصة في الجزائر والمنطقة العربية التي تعرف تأخرا نوعيا في هذا المجال، في ظل التخوف والقلق الاجتماعي والسياسي من الانفتاح على الجيل الخامس للويب. وقد تضمن برنامج الملتقى 22 مداخلة، بين ثنائية وفردية، اقترحها أساتذة وباحثون من مختلف جامعات الوطن: الجزائر3، ورقلة، الجلفة، تلمسان، المسيلة، قسنطينة3، باتنة1، الوادي، خميس مليانة، جامعة الأمير عبد القادر بقسنطينة، والمدرسة العليا للصحافة. وتوزعت المداخلات على 6 محاور شملها الملتقى، أولها «مفهوم المسؤولية الاجتماعية وخلفياتها الفلسفية والنظرية»، وثانيها «الحروب الإعلامية الجديدة وتطبيقات الويب»، وثالثها «الرهانات المهنية والتنظيمية لنشاط الإعلامي في السياق الرقمي»، ورابعها «جرائم المعلوماتية والأمن السيبراني»، وخامسها «الأبعاد الاجتماعية والتنموية للنشاط الإعلامي في ظل التحولات الرقمية»، أما المحور السادس والأخير فتطرق إلى «واقع وآفاق النشاط الإعلامي في الجزائر والمنطقة العربية». كما توزعت أشغال الملتقى على ثلاث ورشات، بين الحضوري والتحاضر عن بعد، ومن بين المداخلات التي تضمنتها الورشات (على سبيل الذكر لا الحصر) تلك المتعلقة ب»التدفق الإخباري عبر الشبكات الرقمية التواصلية: بين حتمية الإشباع الإعلامي ومخاطر التزييف الإخباري» لكل من د.نبيل لحمر ود.رضوان سالمن، و»الخصوصية وسبقية الخبر في ظل الممارسات الإعلامية الرقمية» لكل من د.سليمة شيقر ود.فايزة بوزيد، و»النشاط الإعلامي في ظل الذكاء الاصطناعي» لكل من د.سهام قواسمي ود.أمينة آيت الحاج، وكذا «السياق التفاعلي في الفضاء الرقمي لرواد مواقع التواصل الاجتماعي: افتراض للحقيقة أم حقيقة مفترضة» للبروفيسورة نادية بن ورقلة. وتمحور الملتقى حول مفهوم المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام، الذي يعتبر، حسب منظمي التظاهرة، «إطارا نظريا واسعا لتفسير الوظائف الإعلامية والاجتماعية والسياسية التي تؤديها المؤسسات الإعلامية في محيطها الاجتماعي والثقافي، باعتبار الصحافة والإعلام عموما نشاطا اجتماعيا بالدرجة الأولى». وقد برز هذا الاتجاه، يضيف ذات المصدر، «كمحاولة لضبط وتوجيه الممارسة الإعلامية بما يتوافق مع الضوابط القانونية والأخلاقية التي تحكمها في الفضاءات العمومية، نظرا لآثارها على منظومة القيم والسلوك، إضافة إلى مخاطرها على النظام الاجتماعي تتزايد أهمية هذا الاتجاه بالنظر إلى المستحدثات التكنولوجية في مجال التواصل وتدفق المعلومات عبر الوسائط الجديدة، كالصحافة الإلكترونية والإذاعات الرقمية والتلفزيون التفاعلي، إضافة إلى تطبيقات أجيال الويب». من أجل ذلك، تعكف الدول والحكومات والمنظمات على «وضع قواعد أخلاقية وقانونية، تنظم علاقة وسائل الإعلام بالمجتمع دون مساس بالحريات الأساسية للفرد وعلى رأسها حرية الصحافة، وبما يتماشى مع الممارسات الجديدة لمهن الإعلام». كما تهدف المسؤولية الاجتماعية إلى «ضبط ممارسة الحريات العامة عبر الفضاء العمومي من خلال مختلف الوسائط، حيث يتم تحقيق التوافق بين الأهداف التنموية بمختلف أبعادها ووسائلها. إضافة إلى استشراف وحلّ المشكلات الاجتماعية والثقافية التي تنتج عن إساءة استخدام الوسائط الجديدة، وممارسة الحريات الإعلامية».