إنتاج الأنسولين ولقاح الأطفال وأدوية مضادّة للسّرطان حقّق قطاع الصناعة الصيدلانية عدة مكتسبات في سنة 2022 بفضل تنفيذ إستراتيجية فعالة ارتكزت على ثلاثة محاور كبرى، تتمثل في استمرار ترقية الاستثمار والإنتاج الصيدلاني الوطني، تعزيز تغطية الحاجيات الوطنية من المواد الصيدلانية والمستلزمات الطبية الأساسية، وكذا وضع خطة عمل لتصدير المواد الصيدلانية والمستلزمات الطبية. سجّل القطاع خلال هذه السنة نتائج إيجابية تجسّدت من خلال إطلاق مشاريع واعدة في الصناعة الصيدلانية ستجنى ثمارها بداية من السنة القادمة، أبرزها إنشاء وحدات لتصنيع مادة الأنسولين محليا، والتي ستنطلق رسميا في الإنتاج والتسويق، وكذا الشروع في إنتاج لقاح الأطفال في الثلاثي الأول من عام 2023، بالإضافة إلى تخصيص 6 وحدات لإنتاج أدوية السرطان منها من شرع في الخدمة، وأخرى تستعد لبداية الإنتاج من أجل المساهمة في تحقيق الاكتفاء في حوالي 50 بالمئة من حاجيات السوق، والتخلص من أزمة ندرة هذه الأصناف من الأدوية. وتعرف سوق الصناعة الصيدلانية قفزة نوعية بفضل التحفيزات التي منحتها إياها الدولة من أجل إطلاق صناعة صيدلانية حقيقية قادرة على تلبية أزيد من 70 بالمائة من احتياجات السوق الوطنية، وتطبيقا لتعليمات رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون في إطار السعي لضمان سيادة صيدلانية وأمن صحي وطني، والمساهمة في التنمية الاقتصادية الوطنية من خلال ترقية الاستثمار الإنتاجي في القطاع، وتقليص فاتورة استيراد الأدوية وولوج الأسواق الخارجية، وتنفيذ خطة عمل للرفع من نسبة الإدماج في تصنيع الأدوية محليا، وكذا ترقية البحث والتطوير الصيدلاني من خلال التعاون مع المؤسسات الجامعية والمؤسسات الناشئة. وستكون 2023 سنة واعدة بالنسبة لقطاع الصناعة الصيدلانية بعد اتخاذ جملة من التدابير والإجراءات، وتبني خطة عمل إستراتيجية تهدف لتحقيق صناعة صيدلانية محلية من خلال مراجعة وتكييف بعض الأحكام التنظيمية لتسهيل استكمال المشاريع الاستثمارية، وتحسين سير الوكالة الوطنية للمواد الصيدلانية وتعزيز إمكانياتها، وترقية التصنيع المحلي للأدوية المضادة للسرطان والأنسولين، زيادة على تشجيع تصدير الأدوية المصنعة محليا الذي يعد من بين الأهداف المسطرة من قبل السلطات العمومية. وحرصت الحكومة على توفير كل أنواع الأدوية التي تحتاجها المؤسسات الاستشفائية العمومية والخاصة، والقضاء على مشكل ندرة بعض أنواع الأدوية لاسيما الموجهة لعلاج مرضى السرطان من خلال الرفع سنويا من ميزانية الصيدلية المركزية للمستشفيات التي قدرت ب 148.310 مليون دج سنة 2022، فضلا عن بذل جهود أكبر لتغطية السوق الوطنية، وضمان توفير الأدوية للمواطن الجزائري بالإنتاج المحلي بعيدا عن اللجوء للاستيراد. وحظي مجال الصناعة الصيدلانية باهتمام كبير في برنامج رئيس الجمهورية، الذي اعتبره قطاعا استراتيجيا يحتاج للدعم بحشد جميع الوسائل والإمكانيات المادية والبشرية من أجل تطوير الصناعة الصيدلانية المحلية، وتلبية الاحتياجات الوطنية من الأدوية، وتجسّد هذا الاهتمام في آخر اجتماع لمجلس الوزراء أين قدّم رئيس الجمهورية تعليمات وأوامر من بينها ضرورة توفير الأدوية للمواطنين واعتبارها مهمة سامية، بالإضافة إلى مكافحة تهريب الأدوية بكل أشكالها، وإلحاق أشد العقوبات بالمتورطين فيها. وتوصّل القطاع إلى تحقيق ارتفاع في الإنتاج الصيدلاني الوطني بما يقارب 50 بالمائة من حيث القيمة، مع التمكن بفضل الاستثمارات المنجزة في هذا المجال وسياسة ضبط السوق من تحديد الاستيراد ليشمل الأدوية الضرورية فقط، وسمح هذا الإنتاج المعتبر بتقليص فاتورة استيراد الأدوية مع المساهمة في اقتصاد 800 مليون دولار، حيث يرجع النمو المسجل في الصناعة الدوائية إلى جملة من العناصر الجوهرية، أبرزها تشجيع الدولة للصناعة الدوائية محليا. كما ساهمت السياسة الصيدلانية التي تمّ وضعها على مستوى قطاع الصناعة الصيدلانية في الارتقاء بمستوى الإطار التنظيمي الوطني إلى مصف المعايير الدولية المعمول بها، وترقية الإنتاج المحلي بما يضمن تأمين السوق الوطنية من خلال ضمان وفرة المنتجات الصيدلانية الأساسية دون انقطاع والتحكم في فاتورة الاستيراد. صيدال "عودة مكانته في السّوق" يعتبر مجمّع "صيدال" الحلقة الأساسية في الانجازات المسجلة في مجال الإنتاج الصيدلاني هذه السنة، خاصة وأنه عرف تطورا واضحا وعودة مكانته في السوق الوطنية على مدى السنوات الثلاث الأخيرة بعد تجاوز الفترة الصعبة التي مرّ بها في السابق، حيث يسعى المجمع الصيدلاني العمومي الوحيد في الجزائر إلى كسب التحدي المتمثل في تغطية احتياجات السوق الوطنية من حيث الأدوية من خلال إستراتيجية ترمي إلى تقليص الواردات وتطوير صناعة صيدلانية وطنية ناجعة. ويحتل مجمّع "صيدال" موقعا متقدما على ساحة الصناعة الدوائية، وهو أحد أذرع الصناعة الوطنية التي يراهن عليها في ترجمة الأهداف الوطنية للتنمية بكافة أوجهها، حيث يسعى لرفع كمية إنتاجه ب 47 بالمائة و88 بالمائة من حيث القيمة مقارنة بإنجازات السنة الفارطة بتصنيع 151 مليون وحدة بقيمة 15299 مليار دج، ويتوقع أن تنمو الحصة السوقية للمجمع بنسبة 5 بالمائة في 2023. وفي هذا الصدد، أسدى رئيس الجمهورية تعليمات تقضي بإعادة الاعتبار لمجمع "صيدال" كي يؤدي دوره الحقيقي في مجال صناعة الأدوية بالجزائر، ومن أجل أن يساهم في التكفل بتغطية جزء كبير من حاجيات السوق الوطنية للدواء بعدما تقهقرت إلى 5 بالمائة، وهي التي كانت تحوز على حصة سوقية تقدر ب 47 بالمائة، بالإضافة إلى العمل على ضمان إنتاج وتوفير المواد الصيدلانية الإستراتيجية من أجل أن يشارك "صيدال" في تنظيم السوق الصيدلانية للمستشفيات. وبخصوص مجال البحث والتطوير، يطمح مجمّع "صيدال" إلى تسويق 21 منتجا جديدا تم تطويرها داخليا من طرف مركز البحث والتطوير بطاقة إنتاجية تبلغ 4 مليون وحدة بقيمة 600 مليون دج، حيث سيقوم بإنتاج مادة الأنسولين محليا اعتبارا من الثلاثي الأول من 2023 بطاقة إنتاجية تبلغ مليون قارورة في السنة وتخص إنتاج المحاليل والحقن، وذلك تطبيقا لأوامر رئيس الجمهورية. ويتطلّع المجمّع في 2023 وبدعم من وزارة الصناعة الصيدلانية أن يرقى الى مستوى تطلعات رئيس الجمهورية لاسيما تلك المتعلقة بتغطية السوق الوطنية، وضمان توفير الأدوية للمواطن الجزائري بالإنتاج المحلي من خلال وضع إستراتيجية تعتمد على ثلاثة محاور إنتاجية ذات قيمة مضافة عالية لصحة المواطن تقوم على إنتاج الأنسولين والأدوية واللقاحات، بالإضافة إلى بعض الأدوية الموجهة لمرضى السرطان، والتي يعرف توفرها تذبذبات دورية، حيث سيقوم المجمع بإطلاق إنتاج مضادات السرطان من خلال شراكة مع المخبر الكوري CKD OTTO، وهو ما سيمكن المجمع العمومي من تغطية الطلب على هذه المواد الضرورية. وستكون 2023 بالنسبة لمجمع "صيدال" سنة التركيز على تصدير المنتجات الصيدلانية الجزائرية، والولوج بقوة إلى الأسواق الخارجية لاسيما البلدان الإفريقية تأتي في مقدمتهم السنغال والبنين وموريتانيا وطوغو وساحل الحاج وغيرها، ويتحقق هذا المسعى بفضل دعم وتشجيع الدولة للمتعاملين الصيدلانيين للاستثمار في هذا المجال، وتقديم تسهيلات قصد بلوغ تصدير المنتجات الصيدلانية، ووضع حد للعراقيل التي كانت تواجه بعض الوحدات التي ترغب في التصدير للخارج. يواصل قطاع الصناعة الصيدلانية التقدم من أجل تحقيق مسعى تغطية حاجيات السوق الوطنية، والوصول الى الاكتفاء الوطني من الأدوية وتخفيض فاتورة الاستيراد، ويعول أن تكون 2023 سنة الإصلاحات في مجال الصناعة الصيدلانية المحلية والإقلاع في جزائر جديدة تعتمد على قدراتها الذاتية ومتفتحة على التعاون مع كل الشركاء في ظل ما توليه السلطات العليا من اهتمام بالغ للقطاع من أجل الإسراع في خلق صناعة صيدلانية حقيقية تستجيب للاحتياجات الوطنية وتمكّن من مواجهة التحديات.