«القصبة» من الفضاء الكرتوني في السينما الكولونيالية إلى فضاء القيم في السينما الجزائرية، هو موضوع المحاضرة التي ألقتها الأكاديمية والباحثة د. أنوال طامر من معهد الفنون الدرامية والموسيقى جامعة وهران1 بقاعة السينماتيك وهران، حيث سلطت الضوء خلالها على أهمية هذا الفضاء الأثري والتاريخي في صناعة الفن السابع بين الأمس واليوم. كشفت د. أنوال طامر أن قصبة الجزائر كانت محل اهتمام صناع الأفلام الأجنبية وخاصة الفرنسيين، والذين جعلوا منها أرضية لأفلامهم الرومانسية والبوليسية، ومعقلا للعنف والخطر يحتمي به الصعاليك والمجرمون، على غرار فيلم «بيبي لو موكو»1937 من بطولة «جون غبان»، حيث أشارت الأكاديمية أن هذا الفيلم اعتمد مخرجه على مجسم للقصبة تم بناءه في الاستديو بفرنسا والتمثيل فيه، كما أن كل الكتب والنقد الذي يتناوله فيما بعد تعمد أصحابه طمس اسم الموسيقار الجزائري اقربوشن الذي وضع موسيقى الفيلم. وواصلت د.أنوال طامر حديثها حول ما أسمته الفضاء الكرتوني للقصبة في السينما الكولونيالية، مشيرة بذلك إلى توظيف المخرجين الأجانب، وخاصة الفرنسيين لهذا المعلم الأثري بمنظور كولونيالي لا يرى فيه سوى الجانب الفلكلوري، غير الحضاري «للانديجان في محاولة طمس للهوية الوطنية». وفي تطبيقها للشق الثاني من المداخلة، نوهت د. طامر إلى القيم المتعددة التي حملتها الأفلام الجزائرية في سينما ما بعد الاستقلال، والتي جعلت من القصبة فضاء لقيم النضال والمقاومة، أو قيم العمارة التي تتحدى الزمن والظروف المناخية وتقاوم التآكل والانهيار، وأيضا قيم التلاحم والتآخي والحياة الاجتماعية داخل منازل القصبة، أو على أسطحها ودون نسيان رمزية سلالمها وأزقتها المتفرعة. وذكرت المتحدثة هنا بأكثر من عنوان لأفلام خالدة ثورية تاريخية أو اجتماعية ودرامية، كانت القصبة فضاء لها، انطلاقا من «معركة الجزائر»، «أبناء نوفمبر»، «هروب حسان طيرو»، مرورا بفيلم «القصبة»، «المحاولة الكبرى»، بمسلسل الحريق، وصولا إلى أفلام «دليس بالوما»، «باب الواد سيتي» و»الأسطح» وغيرها. وترى د. أنوال طامر أنه من الضروري اليوم الحفاظ أكثر على القصبة والتفكير في جعل ولو جزء منها مدينة سينمائية يمكن استغلالها كاستيديوهات لصناعة الفن السابع، ومراكز سياحية بامتياز في آن واحد.. للإشارة اندرجت هذه المداخلة في سياق الورشات التكوينية التي يؤطرها المركز الجزائري للسينما، بالتنسيق مع المركز الجزائري لتطوير السينما والمرافقة للجولات السينمائية، والتي احتضنها كل من سينماتيك وهران، مديرية الثقافة ووهران 2، كلية الاعلام والاتصال من 5 إلى 9 فيفري الجاري، وتضمن برنامج هذه الورشات، السيناريو وإدارة الصورة والتركيب وتقنيات الصوت والتمثيل والإخراج.. استفاد منها قرابة 300 متربص قدمت لهم شهادات المشاركة عقب المحاضرة التي كانت الثانية خلال هذه الورشات، بعد محاضرة «المونتاج السينمائي: بين التقنية والإيقاع» من تقديم الأستاذة د. عز الدين عتيقة من جامعة غليزان.———