صلاحيات رقابية وقضائية بموجب دستور 2020 أكد رئيس المحكمة الدستورية، عمر بلحاج، أن «الدفع عدم الدستورية» يشكل أحد الأوجه البارزة لدولة الحق والقانون. في وقت أثنى خبراء دوليون على إجراءات اللجوء إلى هذا المبدإ في الجزائر، في ظل ما تكتسبه المحكمة من صلاحيات رقابية وقضائية بموجب دستور 2020. نظمت المحكمة الدستورية، بالتعاون مع برنامج الأممالمتحدة الإنمائي بالجزائر، ورشتين حول «تصفية الدفوع بعدم الدستورية» «وآليات معالجة الدفع بعدم الدستورية»، بمشاركة أعضاء من المحكمة الدستورية وقضاة من المحكمة العليا ومجلس الدولة وخبراء دوليون. وجاء تنظيم الورشتين على مدار يومين (أمس وإلى غاية اليوم)، في إطار تجسيد المرحلة الثانية من الشراكة التي تجمع المحكمة الدستورية مع برنامج الأممالمتحدة الإنمائي ضمن مشروع دعم موسوم ب «الدستور في خدمة المواطن». وفي السياق، أكد رئيس المحكمة الدستورية، عمر بلحاج، اللقاء يندرج ضمن تعزيز قدرات الهيئة الدستورية، في ممارسة صلاحياتها في الرقابة على دستورية القوانين «والتي يشكل فيها الدفع بعدم الدستورية أحد أوجهها البارزة، باعتبارها آلية لضمان الحقوق والحريات التي يكرسها الدستور للمواطن بشكل عام والمتقاضي بشكل خاص». وأشار إلى أهمية الشراكة النوعية مع المحكمة العليا ومجلس الدولة، «كونهما يضطلعان باختصاص حصري بموجب أحكام المادة 195 من الدستور المعدل في نوفمبر من 2020 في إحالة الدفع بعدم الدستورية إلى المحكمة الدستورية». وشدد بلحاج على أن التواصل بين «المحكمة العليا ومجلس الدولة من جهة والمحكمة الدستورية من جهة أخرى تندرج ضمن موضوع شامل يتمثل في تحقيق النجاعة والفعالية في معالجة الدفع بعدم الدستورية، بما يساهم في بناء دولة الحق والقانون التي نصبو إليها جميعا». من جانبها، أشادت الممثلة المقيمة لبرنامج الأممالمتحدة الإنمائي بليرتا أليكو، بتشكيلة المحكمة الدستورية الجزائرية «كونها تجمع من الخبرة والكفاءة المعرفية، بما يسمح بتعميق معارف جميع الفاعلين المرتبطين بمبدإ الدفع بعدم الدستورية». وأكد أليكو، التزام البرنامج الأممي، بمواصلة دعم هذه الجهة الدستورية، بما يسمح «بإفشاء الثقافة الدستورية، خاصة في أوساط النساء والشباب»، مبدية اعتزامها تنظيم أنشطة مماثلة في مختلف مناطق الجزائر، قصد تحسيس المنظمات المهنية والفعليات الجمعوية بآلية الدفع بعدم الدستورية. ونوهت المتحدثة، بديناميكية الدفوع بعدم الدستورية سنة 2022، الأمر الذي يسمح، حسبها لأعضاء المحكمة الدستورية وقضاة الجهات القضائية العليا، التركيز على الآجال المعقولة لمعالجة القضايا المحالة. وأبرزت أهمية التنسيق بين المحكمة العليا ومجلس الدولة والمحكمة الدستورية من جهة، باعتبارها الجهة المختصة حصرا في تصفية الدفوع، أي أنها الهيئات التي تنظر في عرائض الدفوع المقدمة من قبل المتقاضين، وتفصل في إحالتها للمحكمة الدستورية من عدمها. وكشف أحد المتدخلين، أن مجلس الدولة تلقى 23 إخطارا للدفع بعدم الدستورية في الفترة الممتدة ما بين 2019-2022، أحال منها 2 فقط على المحكمة الدستورية، في جويلية 2022، ليصدر الحكم بدستورية الأحكام القضائية في أكتوبر من السنة ذاتها. حوالي 34 دفعا.. وأبرز النقاش، الأسباب التي جعلت عدد الإحالات على المحكمة الدستورية لا يتعدى حوالي 34 قضية في 04 سنوات، وما إذا كان ذلك مرتبط بتشدد من قبل قضاة المحكمة العليا أو مجلس الدولة أثناء ممارستها لصلاحية التصفية والمقصود بها ممارسة القرار بالإحالة أو عدمها؟. ورأى البعض أن العبرة ليست بالعدد بقدر ما تهم النوعية وتوفر شرط الجدية في العرائض المقدمة، لكن لا يجب في أي حال من الأحوال أن ينحرف قضاة الإحالة عن مهمة التصفية، وممارسة دور المحكمة الدستورية بالحكم مسبقا عن دستورية أو دستورية الشكوى المرفوعة ومن ثم عدم تقديم الملف إلى الجهة المختصة. وجاء ذلك على هامش، محاضرتين قدماهما كل من د.ليث نصراوي، الخبير في القانون الدستوري من جامعة الأردن، والمستشار بالمحكمة الدستورية العليا لجمهورية مصر، محمد فرج الدري حول نظام تصفية الدفع وآليات الاتصال بين الجهات القضائية العليا والمحكمة الدستورية. وتطرق المحاضران إلى أوجه الاختلاف والتشابه بين ما هو موجود ببلديهما والجزائر، وفي السياق أثنى محمد فرج الدري، على المكانة الهامة للمحكمة الدستورية الجزائرية، والتي خصها المشرع الدستوري بمكانة « الجهة الرقابية والقضائية»، كونها تصدر قرارات وأحكاما نهائية ملزمة تخص مدى دستورية القوانين والنظر في الدفوع بعدم الدستورية. كما يقوم مبدأ الدفع بعدم الدستورية في الجزائر، على خاصيتي المجانية وعدم اشتراط المحامي، حيث لا يطلب من المتقاضي الذي يرى أن حكم القضاء العادي الصادر بحقه يخالف الدستور، دفع رسوم جزائية ولا يجبر على الاستعانة بالمحامي لإعداد العريضة.