فسيفساء رمضانية لموائد إفطار تزيّنها أشهر الأطباق في العالم الافتراضي صور تزيين وتقديم موائد الإفطار..بصمة الجزائريات في الطبخ تصنع صورها فسيفساء متنوّعة وثرية لمختلف ما تجود به أنامل المرأة الجزائرية في رمضان، تحوّلت إلى هوس لا يمكن مقارمته بالنسبة لبعضهن، فحتى غلاء أسعار الخضر واللحوم والمواد الغذائية، لم يقف حجر عثرة أمام تزيين مائدة الافطار ونشر صورها عبر مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، لتشكّل تلك الصور أحد مظاهر فرح ربات البيوت بحلول الشهر الكريم. الرائج هذه الأيام، ظاهرة التفاخر والتباهي بالمأكولات الشهية على مواقع التواصل الاجتماعي، التي عادت بحلول الشهر الفضيل الذي تعتبر أيامه المباركة فرصة للنساء من أجل إظهار قدراتهن وملكاتهن المطبخية، حيث تتحول مواقع التواصل الاجتماعي إلى فضاء للتباهي والمنافسة وتبادل الخبرات والوصفات. ومع توسّع مجال الحديث والتواصل بشأن مواضيع الطبخ والوصفات الشهية، ظهرت أفكار مبتكرة لأعمال مربحة يمكن أن تقوم بها الماكثات في البيوت، على غرار خدمات الطبخ والتوصيل خارج أيام رمضان، وصناعة المحتوى الالكتروني التي تحولت إلى صنعة مدرّة للمال، يحكمها نشاط المبدعين في مجال الطبخ وعدد المتابعات والمشاهدات حسب الشهرة المكتسبة. لهذا، أصبح الحديث عن التفاخر والتباهي بالأطباق والمأكولات خلال شهر رمضان، قريبا إلى النشاط المؤسساتي بإيجابية، أكثر منه قرباً من الحديث عن جوازه وحرمته، بالنظر للتأثير السلبي لذلك على نفسية الفقراء والمحتاجين، وعلى بطون الصائمين الخاوية. منافسة صنّاع محتوى الطبخ في الموضوع، تقول «خديجة»، ربة بيت أربعينية، إنّ «التباهي والتفاخر» صفة ملازمة للنساء، خاصة إذا تعلق الأمر بالطبخ وأشغال البيت، فمن خلال إظهار المرأة أو الفتاة ل «صنعة يديها» على مواقع التواصل الاجتماعي، هي تظهر من خلالها شخصيتها وقدرتها على تحمل مسؤوليات وأعباء تقع على كاهل المرأة، وعليه ترى «خديجة» بنظرة فلسفية عميقة، أن تفاخر السيدات بموائد الافطار على مواقع التواصل الاجتماعي، نوع من محاولات إثبات الذات والهوية، كما يجب أن يحظى - حسبها - بالدعم والتشجيع، كونه يعرّف بثقافة مجتمع ويروّج لموروثه اللامادي وتقاليده العريقة، حتى وإن لم تكن غايته الأولى. في حين، ترى «أمّ البنون»، وهي مبتدئة في صناعة محتوى للطبخ على موقع «الفايسبوك»، أن إظهار صور الأطباق التقليدية أو العصرية والمبتكرة، على مواقع التواصل الاجتماعي، يميزه نوع من التباهي والتفاخر الذي له علاقة بالمنافسة الموجودة بين صناع محتوى الطبخ، الذي يعتبر من أكثر المحتويات متابعة خلال شهر رمضان. وترى «أم البنون» أنّ فوائد نشر صور الأطباق الشهية وتبادل وصفاتها، أكثر من فوائد عدم نشرها حتى لا نؤثر على نفسية المحتاجين، وأردفت: «لا أعتبر الشخص الذي يمتلك هاتفا ذكيا موصولا بالأنترنت على الدوام شخصا فقيرا»، فحتى من انخرطوا في مجال صناعة المحتوى الخاص بالطبخ، هنّ نساء دفعتهن الحاجة إلى ذلك أكثر من الموهبة والرغبة في التباهي. ولا يمكن الحديث عن الظاهرة دون سماع رأي الرجل، النصف الآخر للمرأة، باعتباره المعني الأول بكل هذا الجدل الذي تحدثه إشكالية إظهار ونشر صور موائد الافطار على مواقع التواصل الاجتماعي. في هذا الصدد، فصل «محمد» مسبقا في مسألة التفاخر بموائد الافطار وأضرارها في نفسية المحتاجين والصائمين، مؤكّدا أنّها فعلا تضر الصائمين، من حيث الإغراء الذي تحدثه في إثارة شهية الصائم الذي يتوجه مباشرة إلى التسوق، ليفرغ ما تبقى من مصاريف مدخرة للأيام المقبلة، على مقتنيات ستبدو له تافهة وثانوية بعد الافطار، أما أكبر مشكل بالنسبة له، هو أنّ الصائم يشتهي الأكلات بعد رؤيتها في الصور، دون أن تكون له دراية بالذوق. سأكون أوّل المتفاخرين بطبخها.. أما «مصطفى»، فهو من عيّنة لا تتابع الزخم الكبير من محتوى الطبخ الموجود على مواقع التواصل الاجتماعي، ويقول: «أثق بما تعدّه زوجتي من أطباق شهية، وإن كان الأمر مرتبطا بالتباهي والتفاخر فسأكون أول المتفاخرين بطبخها»، وأشار محدثنا إلى أنّ نشر صور الأطباق الشهية على مواقع التواصل الاجتماعي، موضوع وجب الترفع عن ذكر مساوئه، ما دام له إيجابيات كثيرة، منها إتاحته لفرص عمل نساء ماكثات في البيت دون الحاجة للاختلاط، أو الخروج من البيت، أما البطون والشهوات فيمكن التحكم فيها بالترك. ترويج وربحية وبين التفاخر والتباهي، بعرض أشهى الأطباق على مواقع التواصل الاجتماعي، يناهض العديد من روّاد العالم الافتراضي هذه الظاهرة، وينظرون إليها بازدراء واستياء، لاعتقادهم أن نشر صور موائد الافطار، فيه استفزاز لمشاعر الصائمين، وأولئك ممّن حكمت عليهم ظروف الحاجة والعوز، في وقت يدافع فيه صناع محتوى الطبخ عن أنشطتهم الافتراضية اليومية، بالتأكيد أنها مثلها مثل أي نشاط يجذب الزبائن ويدر عليهم مداخيل ربحية، باعتبار هذه المواقع وسيلة للترويج لصناعتهم وحتى لتعليم فنون الطبخ.